Atwasat

جريدة «الوسط»: «صراع الديكة» يدشن عامه الجديد في المشهد الليبي

طرابلس - بوابة الوسط الجمعة 05 يناير 2024, 10:09 صباحا
WTV_Frequency

استهلت ليبيا العام الجديد بعودة الحالة في البلاد إلى اللعب بورقة النفط وتحديداً سيناريو إغلاق الحقول النفطية التي تشكل المصدر الرئيسي لإيرادات الدولة من العملة الصعبة كوجه آخر لتجدد الخلافات السياسية بين فرقاء الأزمة على طريقة «صراع الديكة» الملازم للمشهد السياسي الليبي.

فبعد أشهر من الهدوء الهش الذي ساد قطاع النفط عادت الصراعات الداخلية لتلقي بظلالها الثقيلة على مسار الإنتاج في أحد أكبر الحقول الليبية، ما قد يؤثر سلباً على سوق الطاقة في العالم؛ إذ أقدم أشخاص من الجنوب الليبي على غلق حقل الشرارة الواقع جنوب غرب ليبيا والذي ينتج 315 ألف برميل يومياً احتجاجا على انقطاع الوقود والغاز، وضعف الخدمات العامة والأساسية، وتزايد عمليات التهريب، مهددين بالتصعيد وإغلاق حقل الفيل في حال عدم تحقيق مطالبهم.

الجنوب يعاني من نقص الوقود
ورغم استحواذ منطقة الجنوب الليبي على منابع الموارد النفطية، إلا أنها عانت مؤخراً من نقص في التزود بالمحروقات، وجرى تداول تسجيلات مصورة لطوابير من السيارات تقف عند محطات توزيع الوقود.

- للاطلاع على العدد 424 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وسارعت المؤسسة الوطنية للنفط إلى التحذير من تداعيات استمرار الوضع الحالي على الإنتاج وزعزعة ثقة الشركاء الأجانب، موضحة أنها قد «تضطر لإيقاف مصفاة الزاوية التي تتغذى من حقل الشرارة، وأنه سيتم تعويض الفاقد في المحروقات للسوق المحلية بالاستيراد من الخارج، وكذلك توقف محطة كهرباء أوباري التي تتغذى من الحقل نفسه»، فيما يقدر خبراء أن إغلاق حقل الشرارة يكبد ليبيا خسارة نحو ثلث إنتاجها النفطي يومياً، ما يسبب للاقتصاد الليبي خسائر مالية يومية.

انتقاد حكومة الدبيبة ومؤسسة النفط بسبب حقل الحمادة
وجاء هذا المستجد بينما كانت حكومة «الوحدة الوطنية» ومعها المؤسسة الوطنية للنفط تواجهان هجوماً حاداً من قبل عديد الأطراف بسبب اعتزام المؤسسة التوقيع على اتفاق مع 3 شركات أجنبية نهاية يناير الجاري لاستثمار حقل الحمادة الحمراء النفطي الذي ينتج نحو 8 آلاف برميل يومياً، ما اعتبر خطوة تلاحقها شبهة ورائحة فساد.

وفي هذا السياق طالب المجلس الأعلى للدولة مساء الأربعاء في بيان له بـ«الوقف الفوري للمفاوضات الجارية لإبرام عقد تطوير الحقل المذكور، واعتبار أي آثار نتجت عـن تلك المفاوضات كأن لم تكن»، داعياً إلى عدم اتخاذ أي إجراءات دون التشاور مع وزارة النفط والغاز، واستطلاع رأي الأجهزة الرقابية، والحصول على موافقة مجلسي النواب والأعلى للدولة، لينضم إلى مجلس النواب في رفض منح الصفقة لائتلاف شركات أجنبية قد يتيح لها التصرف في 40% من إنتاج الحقل، وفي الوقت نفسه دعت وزارة النفط بحكومة الدبيبة النيابة العامة إلى وقف المفاوضات الممهدة بين المؤسسة والشركات المعنية لحين صدور قرار قضائي فاصل في تحقيق انتظام إجراءات التعاقد.

أعضاء مجلس الدولة يقاطعون جلسة الإثنين
ويأتي موقف مجلس الدولة من الصفقة المثيرة للجدل تحت ضغط جزء كبير من أعضائه الذين قاطعوا جلسة الإثنين واتهموا رئيسه محمد تكالة بموالاة حكومة عبدالحميد الدبيبة في القرارات السيادية؛ إذ تصر كتل كبيرة داخل المجلس خاصة كتلة خالد المشري على التعاون مع مجلس النواب بهدف تشكيل حكومة جديدة بالتنسيق مع الأمم المتحدة، لكن إعلان المكتب الإعلامي لمجلس الدولة مناقشة نتائج عمل لجنة المناصب السيادية أثار الكثير من الاستفهامات؛ حيث جرى الاتفاق على التواصل مع مجلس النواب لاستكمال إجراءات توحيد الأجهزة الرقابية.

وانتقد في المقابل ما سماه «التجاوزات» التي يقوم بها مجلس النواب في إصدار القوانين التي تحتاج إلى توافق مع مجلس الدولة، ويتعلق الأمر بتوحيد المؤسسات الرقابية مع تلك المعنية بمكافحة الفساد وعلى رأسها ديوان المحاسبة، والرقابة الإدارية، وديوان مكافحة الفساد، غير أن أعضاء بمجلسي الدولة والنواب يرفضون الخطوة؛ إذ صرح عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة بأن «إثارة ملف المناصب السيادية حالياً لا تستهدف سوى التشويش على المطالب الموجهة للمجلسين بحسم الملفات ذات الأولوية لدى الشارع الليبي وفي مقدمتها معالجة انقسام السلطة التنفيذية عبر تشكيل حكومة موحدة تشرف على إجراء الانتخابات بعموم البلاد».

المناصب السيادية وتكريس المحاصصة
ويرى متابعون للشأن الداخلي الليبي أن إثارة ملف المناصب السيادية لن تقود سوى إلى تكريس المحاصصة في تولي رئاسة تلك الهيئات مثلما يحدث دائمًا ووفق تفاهمات سابقة بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح والرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة خالد المشري في أكتوبر 2022؛ حيث جرى الاتفاق على تولي شخصية من المنطقة الغربية رئاسة ديوان المحاسبة ورئاسة الرقابة الإدارية من المنطقة الشرقية.

في السياق أيضاً رأى أعضاء بمجلس النواب قرار تكالة ونائبيه بمثابة «خلط للأوراق، وتشتيت جهود تشكيل حكومة موحدة جديدة»، وقال النائب عبدالسلام نصية إنه يأمل العمل بكل جدية على تطبيق خارطة الطريق المقررة من لجنة «6+6» بشأن توحيد السلطة التنفيذية، وعندها يمكن توحيد المناصب السيادية، مضيفاً أن «الفساد ناتج عن ممارسات السلطة التنفيذية وانقسامها، وليس بسبب المناصب السيادية».

مساعي نواب لتغيير رئاسة المجلس
وليس بعيداً عن هذا الجدال ظهرت تسريبات تفيد بسعي 86 نائباً إلى تغيير رئاسة مجلس النواب مع ضرورة اعتماد نظام الدورات البرلمانية التي تحتم تغيير رئاسة المجلس، وهي تسريبات ربطها البعض بنشر المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب خطاباً من عقيلة صالح إلى لجنة التخطيط والمالية والموازنة العامة في مجلس النواب يطالبها فيه بعدم الموافقة على صرف أو توزيع أي مبالغ مالية من الباب الثالث المتعلق بالتنمية إلا بعد عرض الأمر عليه، وجاء ذلك بعد يوم واحد من تعيين رئيس الحكومة المكلف أسامة حماد في 27 ديسمبر الماضي بلقاسم خليفة حفتر مديراً تنفيذياً لصندوق إعادة إعمار مدينة درنة والمدن والمناطق المتضررة من «فيضانات دانيال»، وهو الصندوق الذي كان قد اقترح عقيلة صالح قبل ثلاثة أشهر أن يخصص له نحو 2.1 مليار دولار.

- للاطلاع على العدد 424 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

ورغم أن هذه الصورة المعقدة للمشهد الليبي يرثها العام الجديد من سابقه، لكن من شأنها تجديد مخاطر الإطاحة بدعوة المبعوث الأممي عبدالله باتيلي إلى ترتيب «الطاولة الخماسية» التي تجمع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيسي مجلسي النواب والدولة، ورئيس «حكومة الوحدة الوطنية»، وقائد «القيادة العامة» خليفة حفتر، ما يعزز توقعات المتشائمين بأن حل أزمة البلاد لا يزال مؤجلاً إلى حين إشعار لا يعلمه أحد، وهو الحال الذي يتعلق أيضاً بموعد الاستحقاق الانتخابي.
 

مـزيـد من تـقـاريـر بـوابـة الوسـط  ———————

■  محطات ليبية لافتة في 2023
■  رفع الدعوى الجنائية ضد 16 مسؤولا عن حادثة الفيضانات في درنة
■  جريدة «الوسط»: ليبيا تدخل عاماً جديداً مثقلة بالانقسام وتغول الفساد

■  «مكافحة الأمراض» يتوقع ازدياد إصابات «كورونا» في ليبيا
■  بين حرب «الجنرالين» وقرارات الانقلابيين.. «قوس النار» يضع ليبيا في عين الإعصار
■  لماذا ارتفع سعر الدولار في السوق الموازية؟.. خبراء يجيبون

■  «مئوية ليبيا».. الحلقة الأولى
■  معهد ألماني يرصد.. كيف استحوذت المجموعات المسلحة على الدولة في ليبيا؟
■  شاهد على قناة «الوسط».. «الذاكرة الوطنية: محطات من تاريخ ليبيا»
■  «مخاطر محدقة».. هل يغير «الفيلق الأفريقي» مسار المعادلة الليبية؟
■  «تحقيقات»:القاتل الصامت

 

تابع تقارير «بي بي سي» عبر بوابة الوسط  ————

■  تفجير لوكربي: هل هو أعظم رواية بوليسية؟
■  وثائق بريطانية: إسرائيل وبريطانيا وفرنسا خططوا لأبعد من السيطرة على قناة السويس في حربهم على مصر عام 56
■  ماذا نعرف عن غزة على مر العصور؟ ولماذا وصفت بـ"بنت الأجيال"؟
■  ما الذي تقوله أعداد القتلى في غزة عن الحرب؟
■  القرية التي يعاني جميع سكانها من الخرف
■  تحليل دم "يكشف شيخوخة" أعضاء الجسم البشري
■  ما الجمرة الخبيثة، وإلى أي مدى هي قاتلة؟
■  
ما هي التمارين الرياضية الفعالة في خفض ضغط الدم؟

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
هل يهدد الوجود الروسي المتنامي في ليبيا أمن دول «ناتو»؟
هل يهدد الوجود الروسي المتنامي في ليبيا أمن دول «ناتو»؟
«الهلال الأحمر» تعلن إخراج عائلات عالقة في الزاوية
«الهلال الأحمر» تعلن إخراج عائلات عالقة في الزاوية
أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الدينار في السوق الموازية (السبت 18 مايو 2024)
أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الدينار في السوق الموازية (السبت ...
الناطق باسم الإسعاف والطوارئ: اشتباكات الزاوية لا تزال مستمرة
الناطق باسم الإسعاف والطوارئ: اشتباكات الزاوية لا تزال مستمرة
بين معضلة الانتخابات وأزمة الهجرة والنفوذ الروسي.. مراقبون يحللون الوضع في ليبيا
بين معضلة الانتخابات وأزمة الهجرة والنفوذ الروسي.. مراقبون يحللون...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم