Atwasat

حصاد الفساد في ليبيا 2023: نهب عابر للحدود.. وما خفي «أعظم»

القاهرة - بوابة الوسط: علاء حموده السبت 30 ديسمبر 2023, 09:59 صباحا
WTV_Frequency

يودع العام 2023 ليبيا بتركة فساد كبرى، أخطرها ما كشفته كارثة العاصفة «دانيال»، وما وصفه مراقبون بـ«سلطة كليبتوقراطية»، أي «حكم اللصوص»، طوال «عشرية الانقسام السياسي».

وما بين الكوارث الطبيعية والتسجيلات الصوتية، وما أظهرته تقارير محاسبية أو حتى تحقيقات النيابة العامة، استمر مسلسل الفساد من تهريب ذهب الليبيين في غيبة القانون إلى التلاعب بثرواتهم في المؤسسات الصحية والبعثات الدبلوماسية، ما وضع البلاد بقوة في مرتبة متقدمة بمؤشر الفساد العالمي الصادر عن منظمة الشفافية الدولية.

قد تكون تركة الفساد «مستشرية في الدولة الليبية منذ وقت بعيد، ولم تكن وليد الثورة»، كما قال الخبير بالفريق الحكومي المعني بتنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد، خيري الشيباني، الذي أرجع الزيادة العالية في نسبة الفساد إلى «الغياب المطلق لسيادة الدولة».

«مليونير جديد في ليبيا كل يوم»
ووسط تغول الفساد على مدى العام، تتراءى أمام أذهان متابعي الشأن الليبي تصريحات سابقة أدلى بها المبعوث الأممي السابق غسان سلامة، قال فيها: «في ليبيا يوجد مليونير جديد كل يوم، وهناك من يجني ثروات طائلة من المناصب، ويجري استثمارها خارج ليبيا».

الأمر نفسه خلصت إليه نائبة المبعوث الأممي السابقة، ستيفاني وليامز، في وصف الطبقة الحاكمة في ليبيا على نحو أكثر وضوحا بأنها «تستخدم مؤسسات الدولة والمؤسسات السيادية الليبية كأبقار نقدية فيما يمكن وصفه بـ«سلطة كليبتوقراطية»، أي «حكم اللصوص».

وفيما يلي ترصد «بوابة الوسط» مظاهر فساد شهدتها البلاد على مدى 12 شهرا:

سيارات وزراء الدبيبة بـ40.5 مليون دينار
وسط تكتم شديد على تقارير الفساد في المنطقة الشرقية، فإن ديوان المحاسبة في طرابلس كشف أن رئيس «حكومة الوحدة الوطنية» الموقتة عبدالحميد الدبيبة وافق على شراء سيارات للوزراء ووكلاء الوزارات وديوان رئاسة الوزراء بـ40.5 مليون دينار خلال العام 2022. كما رصد موافقته على تمليك 27 سيارة حديثة لوزراء حكومته عقب شرائها مباشرة بالمخالفة للتشريعات والقوانين التي تنظم شراء واستعمال السيارات المملوكة للدولة. وأشار الديون إلى تغطية شراء السيارات من «مخصصات التنمية» في الباب الثالث، والمُرحَّلة من السنة المالية 2021 بشكل مخالف للقانون.

كارثة درنة.. إهمال ومال سائب
كانت كارثة فيضانات درنة، التي استولت على بؤرة الضوء في المشهد الليبي هذا العام، عنوانا مهما لحصاد الفساد في ليبيا منذ العام 2011، إذ كشفت الواقعة إهمالا حكوميا وإداريا بالغين قادا إلى انهيار سدي المدينة،
وقبل أيام من نهاية العام، بدأت محكمة درنة الابتدائية محاكمة 16 مسؤولا عن كارثة الفيضانات المدمّرة التي ضربت المدينة في سبتمبر الماضي، وأودت بحياة آلاف الأشخاص، ودمّرت البنية التحتية.

وقررت النيابة العامة، في سبتمبر، رفع الدعوى الجنائية في مواجهة المسؤولين الـ16 عن حادثة فيضان درنة، معظمهم في إدارة الموارد المائية والسدود، ومن بينهم رئيس صندوق إعمارها. وشملت لائحة الاتهامات الموجهة إلى مسؤولين بهيئة الموارد المائية «إساءة إدارة مهماتهم الإدارية والمالية، وإسهام أخطائهم في مدينة درنة». ووجه لعضو اللجنة المالية المكلفة بتنفيذ مخطط إعمار المدن المتضررة من الفيضانات «الإهمال في اتخاذ وسائل الحيطة من الكوارث، وتسببه في خسائر اقتصادية لحقت البلاد».

تحقيقات النيابة، التي بدأت منذ سبتمبر الماضي، كشفت سداد مسؤولي إدارة الموارد المائية مبالغ مالية لشركة «أرسيل» التركية للإنشاءات، لتأهيل السديْن، على الرغم «عدم تناسب المبالغ المالية التي حصلتها مع أعمالها المنجزة، وثبوت إخلالها بالالتزامات المتولدة عن العقد»، حسب بيان النيابة. كذلك وجه النائب العام إلى عميد بلدية درنة تهمة إساءة استعمال سلطة وظيفته، والانحراف عن موجبات ولاية إدارة الأموال المخصصة لإعادة إعمار مدينة درنة وتنميتها. وحسب بيان النائب، لم يقدم المسؤولون بالهيئة وعميد بلدية درنة أدلة تنفي مسؤوليتهم عن هذه الاتهامات.

ذهب الليبيين.. أين ذهب؟
تصاعد مؤشر الفساد وصولا إلى تهريب الذهب، بعدما تحدثت تقارير إعلامية عن محاولة تهريب 8500 كيلوغرام من المعدن النفيس عبر مطار مصراتة، وهو ما يكتنفه الغموض حتى اللحظة، على الرغم من نفي مسؤولين في مركز جمرك المطار.

وفي نهاية العام الحالي، تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي الليبية تسجيلات صوتية تتعلق بواقعة تهريب كميات كبيرة من الذهب عبر مطار مصراتة. وتحتوي هذه التسجيلات على مكالمات بين كل من رئيس جمرك مطار مصراتة، العميد فتحي مخلوف، والقيادي في قوة العمليات المشتركة، أبوالقاسم الصمدي، تشير إلى تورط الطرفين في واقعة التهريب، والتنسيق فيما بينهما في ترتيب عمليات التهريب، وتواطؤ هيئة الرقابة الإدارية فيما يتعلق بالواقعة.

ويبدو أن هذه التسجيلات جرى تسريبها من طرف جهاز الأمن الداخلي، قبل أن يحذفها بعد بضع دقائق من نشرها على صفحته، وفق مصدر أمني في اتصال بـ«بوابة الوسط»، بينما لم يتسن التيقن منها.

المصدر كشف أن القيادي في قوة العمليات المشتركة، الذي كلف سابقا بتأمين مقر المؤسسة الوطنية بطرابلس، وتردد اسمه خلال اقتحام مجموعة مسلحة مقر المؤسسة في يوليو العام الماضي، قد تمكن من السفر إلى خارج البلاد على الرغم من إبلاغ النيابة العامة بمصراتة. وأظهرت التسجيلات ثقة المتحدثين في إمكانية تهريب أي كميات من الذهب، إذ قال أحدهم إنه يمكن تمرير «حتى ألف كيلو» من المطار إلى الخارج.

رشاوي واختلاسات في المصارف
استحوذت المصارف الليبية على نصيب كبير من قضايا الفساد هذا العام، وتحول معها مكتب النائب العام إلى منصة دائمة لإعلان قضايا الفساد المصرفي التي باتت ظاهرة لافتة مع تكرار هذه الحوادث على نحو شبه دوري.

فمن طرابلس إلى بنغازي والخمس والظهرة وسبها وغيرها، شهدت فروع المصارف قضايا اختلاس واستيلاء على أموال ظهرت بكثرة منذ بداية العام الجاري. ففي يناير، تقرر حبس مدير سابق لفروع مصرف الصحارى في المنطقة الجنوبية بتهمة اختلاسه 30 مليوناً و500 ألف دينار. ولم يكد يمر شهران، وتحديدا في مارس الماضي، حتى كشف مكتب النائب العام تفاصيل اختلاس 375 ألف دينار من أموال فرع مصرف الجمهورية بالظهرة، ليقرر النائب حبس ثلاثة من موظفي المصرف.

اللافت في هذه الواقعة أن المتهمة التي تعمل موظفة بقسم الائتمان أنشأت 15 حساباً مصرفياً، نسبت إدارتها إلى أسماء اختلقتها، ثم جزأت المبلغ المختلس، وحولته إلى تلك الحسابات كائتمان. وكان الحبس أيضا جزاء مدير فرع مصرف الوفاء الرئيسي بطرابلس، ومسؤول الاعتمادات المستندية بالمصرف، في سبتمبر الماضي، بعدما مكنا مستفيدا من الانتفاع بنقد أجنبي يعادل 21 مليون دينار دون أن يقابل ذلك إيداع العميل القيم المالية المقابلة لهذا النقد.

أما تهمة التخلي عن حماية المال العام فكانت العنوان الرئيسي لاتهام مدير فرع مصرف «شمال أفريقيا - سبها» ونائبه ومسؤول المراجعة الداخلية، ما تسبب في «ضرر جسيم بالمال العام وعجز في الرصيد الفعلي»، وفق بيان النائب العام أكتوبر الماضي.

وفي نهاية العام 2023، وتحديدا في ديسمبر، تزايدت أعداد قضايا الفساد المصرفي، إذ قرر النائب العام حبس رئيس مجلس إدارة ومدير عام سابقين ومسؤول الفرع الرئيس لمصرف الإجماع العربي بتهمة الفساد المالي، وكذلك مسؤول الحسابات الجارية في فرع مصرف الجمهورية – جنزور الشرقي بتهمة تحصيل 1.3 مليون دينار عبر تزوير بيانات صرف رواتب.

وفي الشهر نفسه، تقرر حبس مدير فرع المصرف الريفي في طرابلس بتهمة تسهيل الاستيلاء على مليون و300 ألف يورو. كما تقرر حبس مسؤول الخزانة في فرع مصرف الجمهورية بعين زارة بتهمة خصم 296 ألفاً و500 دينار بناء على استعمال صكوك مصرفية نسبت زورا إلى أحد عملاء المصرف، ثم تعمد إخفاء تلك الصكوك بغية تعقيد تتبع الإجراءات المتعلقة بها.

ولم يتوقف الأمر عند أوامر الحبس الصادرة عن النائب العام، بل أصدرت محكمة جنايات طرابلس حكمين، في أكتوبر ونوفمبر الماضييين، أحدهما بالسجن عشر سنوات لمسؤول قسم الحسابات الجارية في فرع مصرف الوحدة – المعمورة بالزاوية بتهمة إساءة استخدام سلطته، وتزوير وثائق مالية. كما أصدرت المحكمة نفسها حكما آخر بسجن مسؤولين في مصرف الجمهورية – فرع بالأشهر في تاجوراء، لمدد تتراوح ما بين سنة و30 شهراً، بتهمة اختلاس أكثر من 1.8 مليون دينار من حساب أحد عملاء المصرف.

البعثات الدبلوماسية.. فساد عبر الهاتف
طالت عديد قضايا الفساد البعثات الليبية في الخارج، لكن أبرزها ما كشفه تسريب صوتي نُسب إلى السفيرة الليبية في بلجيكا أمل الجراري، في أغسطس الماضي، استدعى أمر من النيابة العامة الليبية بحبسها احتياطيًا بتهمة الفساد.

- تحقيق استقصائي: «الكلبتوقراطية» تنتعش في ليبيا بالفساد والجريمة المنظمة
- وسائل إعلام بلجيكية تكشف تفاصيل مرتبطة بقضية السفيرة الجراري في بروكسل 
- بعد النيابة العامة.. ديوان المحاسبة يوصي بإيقاف إجراءات توقيع اتفاقية تطوير حقل الحمادة
- حبس رئيس سابق لبعثة ليبيا لدى أوغندا 13 شهرا
- حبس رئيس المجلس التسييري والقائم بأعمال المراقب المالي في بلدية بنينا
- تسجيلات مسربة تكشف واقعة تهريب كميات ضخمة من الذهب من مطار مصراتة

وحسب التسجيل الصوتي، قالت الجراري: «قال لي عبد السلام أنت تريدين فاتورة وهمية لمريضة، وعلاجها مكلف جدًا بـ200 ألف، وتحضر الفاتورة إلى السفارة وترسل لوزير الصحة، ويكتب الوزير لا مانع من صرف هذه الفاتورة». وتابعت: «قال لي استمري وبرّي للمصرف وغيري. لكن تريدين ورقة من وزارة الصحة تغطيك وتجعلك تتمكنين من الصرف». النائب العام وجه إلى السفيرة تهمة «ارتكاب واقعة تحقيق منافع مادية غير مشروعة، والاستيلاء بدون وجه حق على مال عام».

التحرك القانوني بحق السفيرة جاء عقب قرار هيئة الرقابة الإدارية، في 23 أغسطس الماضي، بإيقاف الجراري عن العمل احتياطيًا بسبب ارتكابها عدة مخالفات.

ولم يتوقف الأمر عند واقعة أمل الجراري، إذ سبقها حبس عدد من المراقبين الماليين في بعثات دبلوماسية في الخارج، منهم رقيب سابق على إدارة المال العام في الملحقية الصحية ببعثة ليبيا لدى إيطاليا بتهم تتعلق بالتصرف في مليون و921 ألفا و50 يورو دون مبرر قانوني في يناير الماضي، وكذلك حبس المراقب المالي السابق في بعثة ليبيا لدى تونس احتياطيا، لمخالفته قواعد وضوابط إدارة المال العام في مارس الماضي.

كما شملت أوامر الحبس القائم بأعمال المراقب المالي السابق في بعثة ليبيا لدى مصر، أبريل الماضي، وذلك على خلفية اتهامه بإلحاق الضرر الجسيم بالمال العام، ومخالفته قواعد وضوابط إدارته، وكذلك حبس المراقب المالي المنسَّب إلى بعثة ليبيا لدى الهند بتهمة الاختلاس عن طريق تكرار بيانات صرف رواتبه.

وفي بعثة ليبيا لدى الأرجنتين كانت تهمة الانفراد بإدارة الحسابات المصرفية في انتظار القائم بالأعمال هناك، بينما اختتم العام بحكم إدانة رئيس بعثة دولة ليبيا لدى أوغندا، ومسؤول ضبط الشؤون المالية في البعثة، خلال الفترة الممتدة من العام 2013 حتى العام 2017 من قِبل محكمة الجنايات بطرابلس.

جهات عسكرية في مكتب النائب العام
كما طالت تحقيقات الفساد التي يجريها النائب العام عدة قضايا لجهات عسكرية، على الرغم من أن هذه القضايا تخضع للقضاء العسكري. ومن بين هذه القضايا حبس أحد منسوبي إدارة الشرطة العسكرية وآخرين في واقعة الاستيلاء على مليون و190 ألفا و130 دينارا من المال العام. وكشفت التحقيقات أن المتهم «تعمد تزوير بيانات تعلقت بصرف رواتب لأشخاص لا يتقلدون الوظيفة العامة، ووضع صكوك مصرفية تحمل تلك البيانات المخالفة»، التي سحب من خلالها المبلغ المستولى عليه.

كذلك أعلن مكتب النائب العام حبس آمر سرية الإسناد على ذمة التحقيق، في أغسطس الماضي، بتهمة «تسهيل تهريب المحروقات بغرض تحصيل منافع مادية غير مشروعة»، ولم يذكر المكتب اسم آمر السرية. كذلك حبس المراقب المالي في جهاز حرس المنشآت النفطية بتهمة الفساد المالي وتحصيل 5 ملايين و680 ألف دينار من أموال الجهاز بطريقة غير قانونية في نوفمبر الماضي.

والواقعة اللافتة، في أبريل، طالت رئيس سابق لجهاز الأمن الداخلي احتياطيا، إذ تقرر حبسه على ذمة التحقيق بتهمة إبرامه عقود توريد معدات بقيمة أعلى من سعرها لدى المصنع المتعاقد معه، فضلا عن تسلُّمه معدات لا تتوافق مواصفاتها واستعمالاتها مع البيانات المتفق عليها في العقود.

فساد البلديات لاحق «كورونا»
لم تكن المجالس البلدية بمنأى عن منظومة الفساد الحاكمة في البلاد، وفق تقديرات متابعين للشأن الليبي، إذ سجلت أوراق النائب العام سلسلة قضايا فساد طالت قمة الهرم الحاكم فيها.

كان أبرز القضايا هو حبس عميد بلدية هراوة احتياطيا على ذمة التحقيق في واقعة اختلاس معدات طبية مخصصة لغرض مجابهة جائحة فيروس «كورونا» في يناير. كذلك بات عميد المجلس البلدي أجخرة خلف القضبان، لمحاولته الاستيلاء على 58 مليون دينار من أموال الضرائب في فبراير، وكان المصير نفسه في انتظار عميد بلدية سلوق بتهمة الاستيلاء على 929 ألفا و767 دينارًا عن طريق إسناد مشروعات لشركة يديرها أقاربه في نوفمبر، وكذلك رئيس مجلس تسييري بلدية بنينا، والقائم بأعمال المراقب المالي في البلدية على خلفية التحقيقات في وقائع فساد.

وخلال الفترة من مارس إلى نوفمبر، جرى احتياطيًا حبس مسؤولي مراقبة الخدمات المالية في بلدية وردامة احتياطيا، ومسؤول سابق بإدارة التسجيل العقاري في بني وليد بتهمة تزوير شهادات عقارية، ومسؤول مكتب المعاهد الفنية المتوسطة في منطقة وادي الآجال في سبها بتهمة الفساد المالي.

قطاع النفط.. ماذا حدث في «أكاكوس» و«مبروك»؟
لاحقت قطاع النفط الليبي قضايا فساد محدود لكنها مؤثرة، إذ تقرر حبس رئيس مجلس إدارة شركة «أكاكوس» للخدمات النفطية احتياطيا في مارس الماضي بتهمة الفساد، وكذلك رئيس لجنة إدارة شركة «مبروك» للعمليات النفطية بسبب تعاقده مع شركة أجنبية على الرغم من انتفاء الحاجة إلى التعاقد.

وفي يناير الماضي، تقرر حبس مسؤول الإدارة العامة للتسويق الدولي بالمؤسسة الوطنية للنفط، ومدير الإدارة العامة للتزويد والنقل البحري بشركة البريقة لتسويق النفط على ذمة التحقيقات في وقائع توريدهما كميات من الوقود غير مطابقة للمواصفات القياسية الليبية.

وبعد هذه الواقعة ببضعة أشهر، وتحديدا في يوليو الماضي، تقرر حبس مدير تنفيذي سابق بشركة خدمات الطرق السريعة للخدمات النفطية في طرابلس احتياطيا على ذمة وقائع اختلاس منقولات مملوكة للشركة تبلغ قيمتها 250 ألف دينار.

جرائم سرقات وتبديد لم يسلم منها القطاع الصحي
ثماني وقائع فساد، جرى رصدها في القطاع الصحي في ليبيا، تكشف تلاعبات خطيرة واختلاسات بالجملة في قطاع مسؤول عن حراسة صحة الليبيين. لكن، وللمفارقة، فقد تحول بعض العاملين في هذا القطاع الحيوي من حراس إلى متهمين بالسطو على جيوب الليبيين، وانتهى بهم المطاف نزلاء سجون، وحبسهم احتياطيا بأوامر من النائب العام.

ففي فبراير الماضي، كانت البداية مع حبس وكيل وزارة الصحة في الحكومة الليبية الموقتة، وعدد من موظفي مستشفى قمينس بتهمة اختلاس لوازم تسيير عمل المختبرات الطبية. كما أصبح المراقب المالي بوزارة الصحة في حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» رهين الحبس في أكتوبر بتهمة تلقيه رشاوى مقابل صرف ثمن عقود خدمات قدمتها أدوات التنفيذ للقطاع، وكذلك حبس مسؤول الإدارة القانونية في وزارة الصحة على ذمة قضية فساد مالي بعد تلقيه أموالا ومنقولات مقابل تسهيل بعض المعاملات. وكان الحبس مصير مسؤول القسم المالي بإدارة الخدمات الصحية في «بني وليد» احتياطيا، في يونيو الماضي، بتهمة الاستيلاء على رواتب الموظفين العموميين في الدائرة. وفي الشهر نفسه، تقرر حبس مسؤول قسم العيون وعنصرين طبيين في مركز زليتن الطبي، وملاحقة عنصر طبي مساعد فيه، وتحريك الدعوى الجنائية ضدهم.

وفي سبتمبر، تقرر حبس ثلاثة من مسؤولي إدارة الشؤون المالية في مستشفى طرابلس الجامعي بتهمة تلقي رشوة نظير دفع ثمن الخدمات المتعاقد عليها لمصلحة المستشفى. وفي أكتوبر، جرى احتجاز مدير مستشفى ونزريك القروي في الجنوب الغربي بعد تلاعبه بأوراق رسمية تتعلق بتوريد المعدات الطبية للمستشفى. كما تتعلق القضية بحصول المسؤول على 85 ألف دينار مقابل تسهيل أداء ثمن عقود أبرمتها وزارة الصحة مع أدوات التنفيذ، فضلًا عن تسلمه منقولات أخرى مقابل إنجاز معاملات إدارية تتعلق بالشأن المالي لبعض منسوبي قطاع الصحة، وفق بيان صادر عن مكتب النائب العام.
أما محكمة جنايات طرابلس فحسمت إحدى قضايا الفساد في القطاع الطبي عبر حكم قضائي بحبس مدير مركز غسل الكلى في ترهونة عامين، ومسؤول المشتريات عامًا، في اتهامات بالفساد المالي.

ومع نهاية العام، وحلول عام جديد، لا تبدو أي مؤشرات دالة على توقع انحسار الفساد في ليبيا ما دامت المادة الخام لصناعته متوافرة، وفي تزايد، متمثلة في الحالة الهشة التي تعيشها الدولة في ليبيا، وما أنتجته من مظاهر الفوضى، وسطوة السلاح، والانقسام، وغياب القانون والمحاسبة، والإفلات من العقاب، ليبقى الفساد جزءا من الحالة العامة في البلاد، وقد يتراجع بقدر تعافي البلاد.
 

مـزيـد من تـقـاريـر بـوابـة الوسـط  ———————

■  محطات ليبية لافتة في 2023
■  رفع الدعوى الجنائية ضد 16 مسؤولا عن حادثة الفيضانات في درنة
■  جريدة «الوسط»: ليبيا تدخل عاماً جديداً مثقلة بالانقسام وتغول الفساد

■  «مكافحة الأمراض» يتوقع ازدياد إصابات «كورونا» في ليبيا
■  بين حرب «الجنرالين» وقرارات الانقلابيين.. «قوس النار» يضع ليبيا في عين الإعصار
■  لماذا ارتفع سعر الدولار في السوق الموازية؟.. خبراء يجيبون

■  «مئوية ليبيا».. الحلقة الأولى
■  معهد ألماني يرصد.. كيف استحوذت المجموعات المسلحة على الدولة في ليبيا؟
■  شاهد على قناة «الوسط».. «الذاكرة الوطنية: محطات من تاريخ ليبيا»
■  «مخاطر محدقة».. هل يغير «الفيلق الأفريقي» مسار المعادلة الليبية؟
■  «تحقيقات»:القاتل الصامت

 

تابع تقارير «بي بي سي» عبر بوابة الوسط  ————

■  تفجير لوكربي: هل هو أعظم رواية بوليسية؟
■  وثائق بريطانية: إسرائيل وبريطانيا وفرنسا خططوا لأبعد من السيطرة على قناة السويس في حربهم على مصر عام 56
■  ماذا نعرف عن غزة على مر العصور؟ ولماذا وصفت بـ"بنت الأجيال"؟
■  ما الذي تقوله أعداد القتلى في غزة عن الحرب؟
■  القرية التي يعاني جميع سكانها من الخرف
■  تحليل دم "يكشف شيخوخة" أعضاء الجسم البشري
■  ما الجمرة الخبيثة، وإلى أي مدى هي قاتلة؟
■  
ما هي التمارين الرياضية الفعالة في خفض ضغط الدم؟

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
مصادرة 19 ألف قرص مخدر و4 كيلوغرامات «حشيش» خلال مداهمة في تاجوراء
مصادرة 19 ألف قرص مخدر و4 كيلوغرامات «حشيش» خلال مداهمة في ...
حالة الطقس في ليبيا (الجمعة 17 مايو 2024)
حالة الطقس في ليبيا (الجمعة 17 مايو 2024)
أبوجناح يبحث تعزيز التعاون مع منظمة الصحة العالمية
أبوجناح يبحث تعزيز التعاون مع منظمة الصحة العالمية
الجزائر تفكك شبكة دولية في تهريب السيارات.. ما علاقتها بليبيا؟
الجزائر تفكك شبكة دولية في تهريب السيارات.. ما علاقتها بليبيا؟
تكثيف الدوريات الأمنية على الحدود مع الجزائر لمكافحة المخدرات والهجرة
تكثيف الدوريات الأمنية على الحدود مع الجزائر لمكافحة المخدرات ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم