Atwasat

تحقيق استقصائي: «الكلبتوقراطية» تنتعش في ليبيا بالفساد والجريمة المنظمة

القاهرة - بوابة الوسط: ترجمة هبة هشام الأربعاء 08 نوفمبر 2023, 12:31 مساء
WTV_Frequency

رصد تحقيق استقصائي أجرته منظمة «ذا سنتري» ما وصفه بانتعاش «الكلبتوقراطية» أي «حكم اللصوص» في ليبيا، وقال إن هناك طفرة سريعة في الفساد والنهب والجريمة المنظمة، على يد الطبقة الحاكمة، الأمر الذي يهدد بقاء المؤسسات الحيوية في البلاد بما في ذلك قطاع النفط الحيوي، وحذر التحقيق من العودة إلى الصراع المسلح كاحتمال واضح إذا لم يجر اتخاذ سياسات دولية أكثر حزما.  

 والتحقيق الذي أجرته منظمة «ذا سنتري» المعنية بمكافحة الفساد وهي منظمة غير هادفة للربح، يسلط الضوء على استخدام «الفئات الفاسدة في ليبيا»، التي تتمتع في كثير من الأحيان بدعم الدول الأجنبية، البنوك التجارية ومؤسسات الدولة الرسمية كقنوات لإعادة تدوير أموالها غير المشروعة محليا أو لإرسالها إلى الخارج دون مواجهة تدقيق حقيقي.

ومنظمة «ذا سنتري» هي منظمة تحقيقية وسياسية تسعى إلى مكافحة الشبكات الإجرامية متعددة الجنسيات التي تستفيد من الصراع والقمع واللصوصية.

ويشار إلى أن «الكلِبتوقراطية» أو «حكم اللصوص»، هو مصطلح مركب من مقطعين باللغة الإغريقية، الأول «كلبتو» (Κλεπτο) ويعني لص، وثانيهما «قراط» (κρατ) بمعنى حكم. وحكومة «الكلِبتوقراطية» يستخدم قادتها الفاسدون السلطة السياسية للاستيلاء على ثروة شعوبهم، عادةً عن طريق اختلاس أو سرقة الأموال الحكومية على حساب عموم السكان.

وأظهر التحقيق أن الانقسام بين الشرق والغرب، الذي أثر على النظام المصرفي منذ العام 2014، سهل «الحفاظ على مخططات إثراء النخبة، وقد أصبح التعامل مع هذه المخططات بطريقة عادلة أمرا صعبا بسبب نقص المعلومات المتاحة للجمهور، وهي مشكلة أكثر وضوحا في شرق البلاد عنها في الغرب» وفق التحقيق.

وأضاف أن  انتعاش «الكلبتوقراطية» يهدد أيضا الدول المجاورة لليبيا، ويمكن أن يؤثر على أوروبا والولايات المتحدة. وبالتالي، يجب أن تكون الأولوية لمعالجة ثقافة الإفلات من العقاب الراسخة، وهو المسعى الذي ينبغي متابعته من خلال تعزيز الضوابط والتوازنات في نظام الإدارة الاقتصادية في ليبيا والتأكيد على عواقب التربح من الفساد والجريمة.

الفيضانات المدمرة تؤكد إهمال النخب الحاكمة
وعلى الرغم من تمتع ليبيا بمعدل مرتفع من الثروة لنصيب الفرد الواحد، بفضل الاحتياطات الأجنبية الكبيرة، ووفرة الموارد الطبيعية وقلة عدد السكان، وإنفاق الحكومة الآخذ في الارتفاع إلا أن الشعب لا يحظى بالخدمات الكافية.

وأكدت الفيضانات المدمرة التي ضربت مدينة درنة وعددا من المدن في شرق ليبيا، سبتمبر الماضي، جراء العاصفة «دانيال»، والخسارة الكبيرة في الأرواح، إهمال النخبة الحاكمة لجزء كبير من اقتصاد البلاد، وعدم المبالاة بالبنية التحتية المتداعية.

وانعكس الوضع المتردي في ليبيا في تقييم أخير نشرته الأمم المتحدة، نهاية العام 2022، أظهر احتياج 24% من السيدات و30% من الأطفال لمساعدة إنسانية. كما أن ليبيا مصنفة في المرتبة 171 من أصل 180 دولة على مؤشر الشفافية العالمي للفساد.

وسائل إعلام فرنسية: الفساد هو «القاتل» في درنة.. والضحايا يكافحون وحدهم
«الفساد متجذر بعمق».. الخارجية الأميركية تنتقد البيئة الاستثمارية في ليبيا

هشاشة وشخصنة مؤسسات الدولة
تحقيق «ذا سنتري» يؤكد أن «الضعف والغموض وشخصنة مؤسسات الدولة يوفر للسياسيين وقادة الجماعات المسلحة وزعماء الجريمة المنظمة في ليبيا طرقا عديدة لسرقة الموارد العامة أو إساءة استخدامها»، مؤكدا «تسارع نمو القطاع الكلبتوقراطي في ليبيا».

ويضيف التحقيق: «هذا يعني أن ليبيا لا تتجه نحو أي توازن أو نظام جديد. وبدلا من ذلك، هناك خطر كبير من أن ينتهي الأمر بالقادة الحاليين إلى تدمير المؤسسات الأكثر أهمية في البلاد، بما في ذلك المؤسسة الوطنية للنفط المسؤولة عن كل دخل البلاد تقريبا».

فاتورة غض الطرف عن الفساد في ليبيا
وفيما تعتبر القوى الأوروبية والولايات المتحدة أن توقف الأعمال القتالية منذ يونيو العام 2020 تقريبا مؤشر على التقدم إلا أنها تقلل من شأن التكاليف المرتبطة بغض الطرف عن فساد الطبقة الحاكمة في ليبيا، والتي وصفها التحقيق بـ«مجموعة صغيرة منقسمة من الأفراد غير المنتخبين».

وانتقد التحقيق تركيز واضعي السياسات في واشنطن والعواصم الغربية على الانخراط في مساعي خفض التصعيد والوساطة السياسية، ودعم المساعي التي تقودها النخبة الحالية في ليبيا لوضع ترتيبات غير رسمية بين بعضها بعضا، أملا في أن تسهم تلك الترتيبات في إرساء الاستقرار والسلام. وربما يرجع ذلك إلى التخوف الغربي الدائم من تجدد المواجهات المسلحة في ليبيا، بالنظر إلى المرحلة الأكثر عنفا التي مرت بها الأزمة بين العامين 2014 – 2020.

«الكلِبتوقراطية» ليست أساسا لدولة فاعلة
لكن التحقيق يؤكد أن «الكلِبتوقراطية» لا يمكن أن تكون أساسا لبناء دولة فاعلة، معتبرا أن «الرهانات القائمة بين النخب السياسية لا تمثل أساسا لعملية بناء سلام مستدامة»، خصوصا أنه لا يجرى تحقيق أي تقدم في الوقت الراهن فيما يتعلق بإصلاح القطاع الأمني أو نزع سلاح التشكيلات المسلحة.

وتمثل الأوضاع في السودان والعراق وأفغانستان ولبنان إنذار صارخ لما ستؤول إليه الأوضاع في ليبيا إذا لم يجر نزع سلاح التشكيلات المسلحة بفاعلية، ومحاربة الفساد وتوفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها الشعب.

كما أن ارتفاع مستويات الفساد والنهب في البلاد يعني زيادة كبيرة في احتمالات اندلاع جولات متجددة من العنف والصراع، ما يلقي بظلال من الشك على فاعلية نهج «تقسيم الغنائم»، على حد تعبير تحقيق المنظمة، في بناء استقرار أو حل مستدام.

«الشفافية الدولية»: ليبيا ضمن قائمة الدول العشر الأكثر فسادا في العالم
«بوابة الوسط» تحصل على معلومات بشأن قضية فساد كبرى.. و«إنتربول» يصدر بطاقات حمراء بحق 5 ليبيين

«الكلبتوقراطية» هدفها الأول الحفاظ على السلطة
ويرى التحقيق أنه إذا واصلت الولايات المتحدة وبريطانيا والحكومات المماثلة، فضلا عن المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والهيئات الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي، سياساتها الراهنة فإن ليبيا ستظل أسيرة هؤلاء الذين يستغلون الأوضاع الراهنة، مشيرا إلى أن  «الصفقات والرهانات بين سماسرة السلطة الحاليين الذين لا يملكون تفويضا شعبيا واهية للغاية ومبهمة وتفتقر إلى الشرعية السياسية لدرجة أنها لا يمكن أن تسفر عن مصالحة حقيقية».

وخلص إلى أن  «الهدف الأول للنخبة الحاكمة هو الحفاظ على مواقعها في السلطة وتأمين قدرتها على استخراج الثروة. ومع تضخم الأنشطة الكلبتوقراطية في ليبيا، أصبحت المؤسسات أضعف. وتظهر دوافع جديدة للاشتباكات العنيفة، تختلف عن تلك التي كانت سائدة خلال الفترة من 2014 إلى 2020».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
المنفي يبحث مع السفير الفرنسي «تسوية سياسية شاملة» في ليبيا
المنفي يبحث مع السفير الفرنسي «تسوية سياسية شاملة» في ليبيا
المنفي يتلقى رسالة خطية من الرئيس الصومالي
المنفي يتلقى رسالة خطية من الرئيس الصومالي
شاهد: ما حقيقة تعزيز الوجود الروسي في ليبيا؟
شاهد: ما حقيقة تعزيز الوجود الروسي في ليبيا؟
إحالة مرتبات شهر أبريل إلى مصرف ليبيا المركزي
إحالة مرتبات شهر أبريل إلى مصرف ليبيا المركزي
استمرار أعمال الإزالة وفتح المسارات بالطريق الدائري الثالث في طرابلس
استمرار أعمال الإزالة وفتح المسارات بالطريق الدائري الثالث في ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم