أثار الكشف عن لقاء وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية الموقتة نجلاء المنقوش مع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، في العاصمة الإيطالية روما قبل أسبوع، تنديدا محليا واسعا وردود فعل غاضبة تمثلت في حدها الأدنى بالمطالبة بإقالة الوزيرة ووصلت حد المطالبة بإسقاط الحكومة، وأظهرت إجماعا ليبيا ضد التطبيع.

وأزاح موقع «i24» العبري، الأحد، الستار عن لقاء جمع كوهين والمنقوش قبل أسبوع في العاصمة روما، مشيرا إلى أن الاجتماع جاء «بهدف دراسة إمكانات التعاون وبناء علاقات بين البلدين والحفاظ على التراث اليهودي الليبي».

ونقل الموقع عن كوهين قوله في بيان، إن «الاجتماع التاريخي مع وزيرة خارجية ليبيا نجلاء المنقوش هو خطوة أولى في العلاقات بين إسرائيل وليبيا»، وأضاف أن «حجم ليبيا وموقعها الاستراتيجي يمنح العلاقات معها أهمية عظيمة وإمكانات هائلة لدولة إسرائيل».

إيقاف المنقوش بعد رسالة المنفي للدبيبة
وإثر ذلك، تقاطرت ردود الفعل الرسمية، إذ طالب رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة، عبدالحميد الدبيبة، بموافاة المجلس بتوضيح بشأن حقيقة ما ورد بخصوص لقاء المنقوش، وكوهين.

واعتبر المنفي في رسالة وجهها إلى الدبيبة واطلعت عليها «بوابة الوسط» ما ورد بشأن لقاء المنقوش وكوهين «لا يعبر عن السياسة الخارجية للدولة الليبية»، فضلا عن أنه «يعد خرقا للقوانين الليبية التي تجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني».

بدوره، قرر الدبيبة، إيقاف وزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش عن العمل احتياطيا، وإحالتها إلى التحقيق، وذلك بمقتضى القرار رقم «368» لسنة 2023، الذي نص على تشكيل لجنة للتحقيق برئاسة وزيرة العدل وعضوية وزير الحكم المحلى، ومدير إدارة الشؤون القانونية والشكاوي بمجلس الوزراء.

وتتمثل مهمة اللجنة في التحقيق إداريا مع وزيرة الخارجية والتعاون الدولي بشأن «ما ورد في التقرير المقدم إلى رئيس مجلس الوزراء فيما يخص الإجراءات المتخذة من قبلها»، على أن تحيل اللجنة تقرير بنتائج أعمالها لرئيس مجلس الوزراء في أجل أقصاه ثلاثة أيام. وبمقتضى القرار، فقد جرى تكليف وزير الشباب فتح الله عبداللطيف الزني بتسيير العمل بوزارة الخارجية والتعاون الدولي موقتا.

«الخارجية» تدافع عن المنقوش
وإزاء ردود الفعل الغاضبة، أكدت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية الموقتة أن لقاء المنقوش مع الوزير الإسرائيلي في روما كان «عارضا وغير رسمي وغير مُعَدْ مسبقا، أثناء لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي».

وأوضحت الوزارة في بيان، أن اللقاء «لم يتضمن أي مباحثات أو اتفاقات أو مشاورات بل أكدت فيه الوزيرة ثوابت ليبيا تجاه القضية الفلسطينية بشكلٍ جَليْ وغير قابل للتأويل واللبس». ونفى البيان «جملة وتفصيلا ما ورد من استغلال من قبل الصحافة العبرية والدولية ومحاولتهم إعطاء الحادثة طابع اللقاء أو المحادثات أو حتى الترتيب أو مجرد التفكير في عقد مثل هكذا لقاءات».

على خلفية لقاء المنقوش وكوهين.. رئاسة «النواب» تدعو الأعضاء لـ«جلسة طارئة» الإثنين
مصدر أمني لـ«بوابة الوسط»: المنقوش غادرت مطار معيتيقة بمساعدة «الأمن الداخلي»
مجلس الدولة يرفض لقاء المنقوش وكوهين.. ويطالب بإيقاف القائمين عليه عن العمل
الدبيبة يوقف المنقوش عن العمل ويحيلها إلى التحقيق
الخارجية عن لقاء المنقوش والوزير الإسرائيلي: «عارض».. «غير رسمي».. و«غير مُعَدْ مسبقاً»
المنفي يطلب من الدبيبة توضيحا بشأن اجتماع المنقوش وكوهين
مصدر قريب من الرئاسي ينفي لـ«بوابة الوسط» علم المجلس باجتماع المنقوش مع وزير خارجية «إسرائيل»
أوفير جندلمان: لقاء المنقوش ووزير خارجية «إسرائيل» جرى الأسبوع الماضي

مجلسا النواب والدولة يدخلان على الخط
وبينما أعلن المجلس الأعلى للدولة «رفضه بشدة» لقاء المنقوش وكوهين، اعتبرت رئاسة مجلس النواب أن اجتماع روما «جريمة بحق الشعب الليبي وثوابته الوطنية».

وأبدى مجلس الدولة في بيان، «استغرابه» من لقاء المنقوش مع كوهين واعتبرها «خطوة تخالف قواعد مقاطعة العدو الصهيوني وتنتهك قرارات ومواقف عربية وإسلامية»، ودعا الجهات المختصة في الدولة إلى «اتخاذ ما يلزم من إجراءات وعلى نحو عاجل إزاء محاسبة المعنيين بما يكفل عدم ترتب أية نتائج على ذلك اللقاء وبما يحول دون تكراره».

في حين، دعت رئاسة مجلس النواب في بيان، الأعضاء إلى جلسة طارئة تعقد بمقر المجلس في مدينة بنغازي، مساء الإثنين، لمناقشة ما وصفته بـ«الجريمة المرتكبة بحق الشعب الليبي وثوابته الوطنية من خلال لقاء» وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية الموقتة مع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين.

ووصفت وزارة الخارجية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب هذا اللقاء بأنه «خطوة في تجاه التطبيع المرفوض»، ورأت - في بيان- أن «أي خطوات أحادية الجانب: هي خطوات مشبوهة ومرفوضة ولا تمثل الشعب الليبي من قريب او بعيد».

«خيانة لقيم الشعب الليبي»
بدوره، أعرب حزب العدالة والبناء عن إدانته واستنكاره للقاء المنقوش وكوهين، مطالبا بإقالة الوزيرة من منصبها وإصدار الحكومة إيضاحا بشأن ما حدث.

واعتبر الحزب في بيان، اللقاء بمثابة «خطوة خطيرة تمثل خطا أحمر يجب عدم المساس به»، مؤكدا «أن دفاع الشعب الفلسطيني عن أرضه وحقوقه وكفاحه ضد الاحتلال حقا دوليا وثابتا وطنيا تتبناه كل الاتجاهات السياسية الليبية».

واتفقت حركة «ليبيون ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني» مع حزب العدالة والبناء في رفض وإدانة اللقاء، واعتبرته خطوة «ترقى لو صحت إلى الخيانة العظمى لقيم وثوابت الشعب الليبي»، وطالبت في بيان النائب العام بتوجيه تهمة «الخيانة العظمى لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة، ووزيرة الخارجية وكل من له علاقة بمحاولة توريط الدولة الليبية في تطبيع العلاقات مع كيان مغتصب».

أما فريق الحوار والإصلاح الوطني باتحاد القبائل والمدن الليبية، فقد أعرب عن تطلعه إلى «تفنيد صحة الأخبار» المعلنة بشأن اللقاء «على المستوى الرسمي من وزيرة الخارجية وحكومة الوحدة الوطنية»، وأكد رئيسه شعبان فرج بن ناصر في بيان، «رفض التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بأي شكل من الأشكال»، معتبرا أن حكومة الوحدة الوطنية «ليست وصية على الشعب الليبي حتى تقوم بمثل هكذا إجراء».

واعتبر تحالف القوى الوطنية ـ في بيان، أن هذا اللقاء يضع المنقوش حتما في دائرة الإتهام بالشروع في التطبيع مع إسرائيل و«تجاوز لمهمامها». 

إلى ذلك، اعتبر رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق، خالد المشري، في بيان، أن حكومة الوحدة الوطنية الموقتة «تخطت كل الخطوط الممنوعة والمحظورة وأصبح من الواجب إسقاطها»، وذلك تعليقا على لقاء المنقوش وكوهين.

مظاهرات في عدة مدن
وتواصلت ردود الفعل شعبيا، إذ خرجت مظاهرات في عديد المدن الليبية ومنها طرابلس والزاوية وتاجوراء ومصراتة وصبراتة والزنتان ويفرن احتجاجا على لقاء المنقوش والوزير الإسرائيلي.

وأظهرت مقاطع فيديو وصور حرق متظاهرين إطارات سيارات وأعلام إسرائيلية وترديدهم هتافات معادية للكيان الصهيوني، ومطالبتهم بإقالة الوزيرة المنقوش ومحاسبتها.