Atwasat

«كارثة درنة».. تطرح تساؤل الجاهزية لمواجهة «مفاجآت المناخ»

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الجمعة 15 ديسمبر 2023, 09:16 صباحا
WTV_Frequency

مضى أكثر من ثلاثة أشهر منذ انهيار سدين على نهر وادي درنة في ليبيا خلال عاصفة دانيال واجتياح مياه الفيضانات العارمة المدن الساحلية في الشرق الليبي، وأصبح الإحساس المشترك بين المواطنين والناجين من الكارثة بما تحمله السحب والتغيُّرات المناخية عموماً من أنباء قد تكون غير سارة ومخاوف من تكرار سيناريو ليلة «الأحد الأسود»، وسط غياب أي جاهزية للسلطات في التعامل مع هذا النوع من الكوارث.

وحتى يوم 14 نوفمبر 2023 الذي توقف فيه إحصاء الضحايا، بلغ عدد القتلى 4352 شخصاً، وأكثر من 8000 شخص في عداد المفقودين، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بينما هناك 44800 شخص من النازحين داخلياً. ولا يزال هؤلاء الأشخاص يواجهون مشاكل لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك نقص الاحتياجات الأساسية مثل المأوى والمياه النظيفة.

ومع احتدام الحرب الإسرائيلية على غزة، وانشغال العالم بما يجري في الأراضي المحتلة طُمر ما وقع في ليبيا التي أصبحت مجرد بلد تلقى إشارة عابرة على كارثة تغيُّر المناخ رغم أن مسببيها الدول الصناعية الكبرى.

1.5 مليون طفل ليبي يتأثرون بتغير المناخ بحلول 2050
«حل أزمة المناخ يكمن في العمل الجاد العاجل وتحويل الأقوال إلى أفعال» وهو ما عبرت عنه الطفلة الليبية ريفان، 13 عاماً والتي قد تكون أصغر المشاركين في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «كوب-28» المنعقد في دبي حيث شاركت ريفان في المؤتمر ممثلة لأطفال وشباب ليبيا ضمن وفد اليونيسف.

وقالت ريفان إنها في دبي لأن تغيُّر المناخ يعرض الأطفال ومستقبلهم للخطر. وأشارت إلى الفيضانات والسيول القوية التي ضربت مدينة درنة وتسببت في نزوح أكثر من 16 ألف طفل.

أضافت ريفان إن الدراسات أثبتت أن أكثر من مليون وخمسمئة ألف طفل ليبي سيتأثرون بتغير المناخ بحلول عام 2050. وأضافت أن «ليبيا هي سادس أكثر دولة مهددة بشح المياه» وأن مشاركتها تهدف إلى حماية مستقبلها ومستقبل الأطفال الليبيين.

وحسب ما نقل موقع الأمم المتحدة، قالت ريفان إنها شاركت في جلسة رفيعة المستوى بمؤتمر المناخ في دبي وتحدثت فيها أمام القادة عن تأثير التغير المناخي على الأطفال. وقالت «كنا في مرحلة التغير المناخي، ولكننا وصلنا الآن- بعد الكوارث التي حصلت- إلى مرحلة الانهيار المناخي».

- للاطلاع على العدد 421 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

تأثيرات سلبية للتغيرات المناخية على ليبيا
ومنذ فيضانات درنة تحدث مربو المواشي وفلاحون في ليبيا عن انحسار المراعي واندثار الغطاء النباتي وقلة المياه، الأمر الذي أدى إلى انخفاض إنتاج الحليب واللحوم فيما يدق مختصون ناقوس الخطر من تفاقم أزمة التغيرات البيئية المتطرفة.

وقال المهندس البيئي المختص في الشأن المناخي، حمدي حشاد في تصريح إلى «الوسط»، إن تكرار سيناريو «دانيال» وارد جداً ويمكن أن تتكرر كوارث طبيعية أخرى أشد قسوة وفق تعبيره.

ويعتقد المختص التونسي حشاد، أنه في هذه «الحالة ينبغي طرح سؤال الجاهزية الوقائية للدولة الليبية، وكيف يمكن اتخاذ التدابير والسياسات للتعامل مع التغيرات المناخية وهو ما يتوجب العمل عليه خلال السنوات المقبلة» وفق تعبيره.

وبعدما لفت الى أحد المشاريع الأفريقية المهمة لمكافحة التصحر والتغير المناخي وهي السد الأخضر العظيم الذي يشمل نحو 20 دولة أفريقية بما فيها ليبيا، أشار حشاد الى عوامل فشله، بعد مضي 15 سنة على إطلاقه والتي أرجعها إلى «غياب التناغم في السياسات وعدم وجود رغبة سياسية لإنجاحه، إذ كان مجرد شعارات للترويج للأجندة الخضراء من خلال الحملات الانتخابية أو تلميع صورة بعض الدول».

 كما أثار حشاد أيضاً المشاكل التمويلية الكبيرة حيث لا تملك إمكانات لصيانة المشروع للأمد الطويل. وكذلك غياب التنسيق التقني بين هذه الدول حول الري والاعتماد على الجوانب التقنية.

التزام بنوك التنمية بالمشاركة لمعالجة تغير المناخ
وفي سياق التمويل، كشف بنك التنمية الأفريقي من دبي، في بيان له، أن بنوك التنمية المتعددة الأطراف التي حضرت مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) للعام 2023 أكدت التزامها باتخاذ إجراءات عالمية متضافرة، بما في ذلك زيادة التمويل المشترك ومشاركة القطاع الخاص لمعالجة تغير المناخ، وهو أمر محسوس بشكل حاد في أفريقيا.

- للاطلاع على العدد 421 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وقال البنك إنه رغم مساهمة أفريقيا الضئيلة في ظاهرة الاحتباس الحراري وانخفاض الانبعاثات، فإنها تواجه مخاطر وجودية بسبب التأثير الكارثي لتغيُّر المناخ، إذ أودت حالات الجفاف الدائمة في القرن الأفريقي والفيضانات المدمرة الأخيرة في ليبيا وملاوي وموزمبيق وزيمبابوي وأجزاء أخرى من القارة بحياة الآلاف من الأرواح، ودمرت البنية التحتية، وجرفت مئات الهكتارات من المحاصيل الغذائية، وهددت بدفع الملايين من الناس إلى النزوح والفقر المدقع.

وفي بيان مشترك صدر في دبي، التزمت البنوك بالتعاون في «إجراءات مناخية وتنموية شاملة اجتماعياً ومراعية للنوع الاجتماعي وإيجابية تجاه الطبيعة»، مع الاستفادة من خبراتها وشبكاتها الفريدة.

ومن بين الموقعين على البيان مجموعة البنك الأفريقي للتنمية، وبنك الاستثمار الأوروبي، وبنك التنمية الآسيوي، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وبنك التنمية التابع لمجلس أوروبا، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ومجموعة بنك التنمية للبلدان الأميركية، والبنك الإسلامي للتنمية، والتنمية الجديدة. البنك الدولي ومجموعة البنك الدولي.

زيادة احتمال هطول الأمطار شمال شرق ليبيا جراء تغير المناخ
وما يثير القلق أكثر بخصوص تطرف المناخ، ما كشفه تقرير نشره الموقع الرسمي لمنظمة الصليب الأحمر، أخيراً حيث وجد العلماء أن تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري أدى إلى زيادة احتمال هطول الأمطار الغزيرة في شمال شرق ليبيا بما يصل إلى 50 مرة عما كان سيحدث في عالمٍ لا يعاني من تغير المناخ بسبب النشاط البشري، ووجدوا أيضاً أن الأمطار الغزيرة (بدرنة خلال سبتمبر) وصلت إلى 50 % أكثر من معدلها في عاصفة ممطرة مماثلة في عالمٍ ما قبل تغير المناخ.

وبحسب التقرير، أوضح العلماء أنه حتى في عالم دافئ بمقدار 1.2 درجة مئوية، فإن تساقط الأمطار في ليبيا كان متطرفاً. لقد كان حدثاً من المتوقع أن يحدث مرة واحدة فقط كل 300-600 عام. ومع ذلك، فإن هذه الوتيرة أعلى بكثير مما يمكن أن تكون عليه الحال في عالمٍ لم ترتفع فيه درجات الحرارة. وأوضح التقرير أن هطول الأمطار وحده لم يجعل كارثة درنة حتمية، بحيث أن التأهب، وتقليل أعمال البناء في المناطق المعرضة للفيضانات، وتحسين إدارة البنية التحتية للسدود، لكانت قد قللت من التأثير الإجمالي للعاصفة دانيال. ومع ذلك، فإن التغير المناخي عاملاً مهماً في تسبب الظواهر الجوية المتطرفة وتفاقمها.

 

مزيد من تقارير اليوم في بوابة الوسط  —————

■  جريدة «الوسط»: مبادرة باتيلي رهينة معركة كسب الوقت مع «المجلسين»
■  غازيني تحدد 3 عراقيل أمام نجاح مبادرة باتيلي
■  تراجع كبير للدولار واليورو والإسترليني في السوق الموازي
■  شاهد في «اقتصاد بلس»: سدود ليبيا.. قنبلة موقوتة تهدد الملايين
■  جويلي يؤكد لباتيلي التزامه بتوحيد المؤسسة العسكرية وتأمين العملية الانتخابية
■  في العدد 421 من جريدة «الوسط»: «معركة الوقت» مستمرة.. وتجاهل رسمي لكارثة درنة
■  هل يؤثر اتفاق «كوب28» على صادرات النفط الخليجية؟
■  «يا كوكباً يتلوى بألسنةِ النارِ!».. شاعر روسي ينظم قصيدة لغزة
■  تكريم الروائية الليبية عائشة إبراهيم في مهرجان قابس الدولي للكتاب بتونس
■  باعتباره أصلب مادة على وجه الأرض.. اكتشاف مادة قد تنافس الماس
■  «في التسعين» يناقش لماذا شكل اتحاد الكرة عددًا من لجانه وتغاضى عن أخرى

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
هل يقصد «الفيلق الأوروبي»؟.. مسؤول أميركي ينفي التخطيط لنشر قوات في ليبيا
هل يقصد «الفيلق الأوروبي»؟.. مسؤول أميركي ينفي التخطيط لنشر قوات ...
%18 من إجمالي اللاجئين في ليبيا سودانيون.. والكفرة وجهة أولى
%18 من إجمالي اللاجئين في ليبيا سودانيون.. والكفرة وجهة أولى
شاهد.. عون: مؤسسة النفط وراء عدم تعيين خريجي الهندسة
شاهد.. عون: مؤسسة النفط وراء عدم تعيين خريجي الهندسة
الدبيبة يبحث مع رئيس وزراء مالطا التعاون الاقتصادي وفي ملف الهجرة
الدبيبة يبحث مع رئيس وزراء مالطا التعاون الاقتصادي وفي ملف الهجرة
الكيلاني تشارك في مؤتمر «اقتصاد الرعاية الاجتماعية» العربي بالمغرب
الكيلاني تشارك في مؤتمر «اقتصاد الرعاية الاجتماعية» العربي ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم