Atwasat

«فيروس» الانقلابات يزلزل القارة السمراء في 2023

القاهرة - بوابة الوسط: ترجمة هبة هشام الثلاثاء 26 ديسمبر 2023, 02:35 مساء
WTV_Frequency

يعد 2023 عاما محوريا بالنسبة إلى دول القارة الأفريقية، مع تجدد ما وصفه خبراء ومراقبون بـ«فيروس» الانقلابات العسكرية، التي أطاحت بالحكومات المنتخبة في كل من النيجر والغابون، بعد انتقال عدوى الانقلابات  التي شهدتها كل من مالي وتشاد وغينيا وبوركينا فاسو.

ووقعت الانقلابات العسكرية في أفريقيا هذا العام، وكذلك العامان الماضيان، في ظل ديناميكيات جديدة إذ حظت بدعم قطاعات عريضة من الشعوب، وأُثيرت تساؤلات وشكوك عديدة بشأن مستقبل الأنظمة الحاكمة، وكذلك مستقبل التنمية الاقتصادية في قارة يعاني غالبية شعوبها من الفقر وانعدام الأمن الغذائي والحروب، حسب منظمة «فريدوم هاوس» الأميركية.

وتُصنف مالي وتشاد وبوركينا فاسو بأنها من أكثر البلاد المتأثرة بالإرهاب في مؤشر السلام العالمي للعام 2022، لكن الأنظمة العسكرية الحاكمة بها تزعم أن استعادة الأمن والحفاظ على الاستقرار وتحقيق الرفاه الاقتصادي هي الدافع وراء التحرك العسكري ضد الحكومات المنتخبة.

نهاية النفوذ الفرنسي
وتسبب الانقلاب العسكري الأخير في الغابون، أغسطس الماضي، وقبله النيجر، في يوليو، في خلط الأوراق في أفريقيا، خصوصا لدى القوى الغربية الساعية لتحقيق طموحاتها من السيطرة على موارد القارة الغنية، ومنع التوغل الروسي والصيني بها.

كما أجبر الانقلاب في النيجر القوات الفرنسية على مغادرة البلاد، في انتكاسة لطموحات باريس، المحتل السابق للبلاد. ويقول مراقبون أفارقة وفرنسيون إن «باريس، تحت الضغط، تتخلى أخيرا عن تقليد ما بعد الاستعمار الخاص بها القائم على النفوذ وعقد الصفقات السرية بين النخب، مع تضاؤل سلطاتها الاقتصادية والسياسية وتزايد ثقة القادة الأفارقة بأنه يمكن البحث عن حلفاء في مكان آخر».

فبعد التدخلات العسكرية المتكررة في مستعمراتها السابقة في العقود الأخيرة، ربما يكون عصر فرنسا باعتبارها «درك أفريقيا» قد انتهى أخيرا. كما يرى مراقبون أن الموقف الفرنسي «المتقاعس» من الانقلاب في النيجر والغابون «يؤكد أن الزمن قد تغير، فالغابون كانت لفترة طويلة محور نظام ما بعد الاستعمار القديم المريح»، حسب «أسوشيتد برس».

- انقلاب النيجر.. فرنسا لا تعتبره «نهائيا» وتنديد دولي وعقوبات منتظرة
- شاهد في «وسط الخبر»: لماذا تقلق ليبيا من انقلاب النيجر؟
- ماكرون يرأس اجتماعا دفاعيا بشأن انقلاب النيجر اليوم

ومع تصاعد المشاعر المعادية لفرنسا في أفريقيا، برز التعاون بين مجموعة «فاغنر» شبه العسكرية الروسية مع سماسرة السلطة في دول مثل جمهورية أفريقيا الوسطى. كما تفوقت الصين على النفوذ الاقتصادي الفرنسي في أفريقيا، وانضمت بعض المستعمرات الفرنسية السابقة إلى الكومنولث، على الرغم من عدم وجود روابط سابقة لها مع الحكم البريطاني.

مستقبل قاتم في أفريقيا
في السياق، اعتبر مجلس العلاقات الخارجية، وهو منظمة مستقلة تعد من أكثر خلايا التفكير تأثيرا في السياسة الخارجية الأميركية، أن «وباء الانقلابات العسكرية» التي شهدتها أفريقيا خلال العام 2023 يلقي بظلال قاتمة على مستقبل القارة السمراء، ومستقبل التنمية بها.

وجددت الانقلابات العسكرية المخاوف بشأن تراجع الديمقراطية في القارة، كما سلطت الضوء على التحالفات الإقليمية المتغيرة في وقت تضاءلت فيه جهود حفظ السلام الدولية.

ووضعت موجة الانقلابات الحكومات في جميع أنحاء أفريقيا في حالة تأهب قصوى، إذ اعتقلت السلطات في سيراليون أكثر من عشرة أشخاص في نوفمبر، واتهمتهم بشن محاولة انقلاب فاشلة ضد الرئيس، الذي أعيد انتخابه قبل أشهر فقط.

وفي السنغال، أدى عدم اليقين بشأن المستقبل السياسي للرئيس ماكي سال إلى تأجيج أسابيع من الاحتجاجات العنيفة في الشوارع. وبينما أنهى سنوات من التكهنات بإعلانه أنه لن يسعى لولاية ثالثة في منصبه، واصل أنصار المعارضة اتهام حكومته بسجن زعيمهم، عثمان سونكو، لمنع ترشيحه.

وأعلن الجيش في النيجر، يوليو الماضي، الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد بازوم في انقلاب عسكري، ما دفع الدول المجاورة إلى التهديد بالتدخل في حالة لم يجر إعادة تنصيب بازوم، لكن المجالس العسكرية الحاكمة في مالي وبوركينا فاسو هددت بالحرب في المقابل.

وأجبر المجلس العسكري في النيجر القوات الفرنسية على الرحيل من البلاد، كما قرر قادته تعليق جميع أشكال التعاون مع المنظمة الدولية للناطقين بالفرنسية، في مسعى لقطع كل ما يربط البلاد بفرنسا التي كانت تحتلها.

وفي أغسطس، سيطر الجيش في الغابون على السلطة وأطاح بحكومة الرئيس علي بونغا، وأطلق وعودا مبهمة بإجراء انتخابات حرة ونزيهة في البلاد، مع وضع الرئيس قيد الإقامة الجبرية.

وانتهت الانتخابات الرئاسية بفوز الرئيس بونغا، بالرغم من حديث المعارضة عن فساد واسع، معلنة أن مرشحها ألبرت أوندو أوسا هو الفائز. وعلى إثر ذلك، أعلن قادة الانقلاب أنهم « قرروا الدفاع عن السلام من خلال وضع حد للنظام الحالي. الانتخابات لم تستوف شروط إجراء انتخابات شفافة وذات مصداقية وشاملة كما كان شعب الغابون يأمل فيها».

الحرب الأهلية في السودان
وكان من المفترض أن يكون العام 2023 هو العام الذي أصبح فيه السودان، الذي مر بانقلاب عسكري هو الآخر بالعام 2021، دولة ديمقراطية. وبدلاً من ذلك تجددت حرب أهلية دفعت الملايين إلى النزوح، وعرضت حياة ملايين آخرين إلى خطر انعدام الأمن الغذائي.

واشتعل الصراع الراهن في 15 أبريل الماضي، حينما هاجمت قوات الدعم السريع قواعد للقوات المسلحة في أنحاء متفرقة من البلاد. ولم تسفر الجهود المبذولة للتفاوض على وقف إطلاق النار عن شيء. وبحلول الخريف، سيطرت قوات الدعم السريع على معظم العاصمة الخرطوم، في حين سيطر الجيش على بورتسودان، الميناء البحري الرئيسي في البلاد.

وكان القتال عنيفا بشكل خاص في دارفور، حيث شنت قوات الجنجويد، الموالية لقوات الدعم السريع، حملة تطهير عرقي ضد سكان المنطقة من غير العرب. ومع اقتراب العام من نهايته، أدى القتال إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص وتشريد 5.6 مليون آخرين، أو ما يقرب من 15% من سكان السودان.

- انقلاب في الغابون بعد إعادة انتخاب الرئيس علي بونغو
- الاتحاد الأفريقي يدين محاولة الانقلاب في الغابون ويدعو إلى ضمان سلامة الرئيس علي بونغو
- روسيا تعلق على أحداث الغابون بعد إعلان «انقلاب عسكري» ضد الرئيس بونغو

نهاية مهام حفظ السلام الدولية في أفريقيا
كما مثل العام 2023 بداية النهاية لبعثات حفظ السلام الضخمة التابعة للأمم المتحدة في كل من مالي والكونغو. وقال زعماء البلدين إن أصحاب «الخوذ الزرق فشلوا في نهاية المطاف في جهودهم لتحقيق السلام»، حسب «أسوشيتد برس».

وبدأت الكونغو رسميا عملية المغادرة بتوقيع اتفاقيات مع الأمم المتحدة لإنهاء المهمة هناك بعد عقدين من الزمن. وفي مالي، بدأت قوات حفظ السلام بالانسحاب من مواقعها في الشمال بعد تواجد دام عشر سنوات. وبعد فترة وجيزة، سيطر الجيش المالي على مدينة كيدال، معقل المتمردين، للمرة الأولى منذ العام 2012.

واستعدت الكونغو أيضًا لإجراء انتخابات رئاسية في 20 ديسمبر، حيث يواجه الرئيس الحالي، فيليكس تشيسيكيدي، مجالًا من المنافسين بقيادة مارتن فيولو ومويس كاتومبي.

غير أن أعمال العنف المستمرة في شرق البلاد المحاصر تهدد بعرقلة التصويت في المناطق الخاضعة لسيطرة متمردي «حركة 23 مارس». كما واجه المدنيون في المنطقة هجمات متزايدة من مقاتلي «القوات الديمقراطية المتحالفة» الذين يزعمون أن لهم صلات بتنظيم «داعش».
 

مـزيـد من تـقـاريـر بـوابـة الوسـط  ———————

■  جريدة «الوسط»: الشروط المسبقة تعصف بـ«طاولة باتيلي الخماسية»
■  البعثة الأممية تؤكد وفاة المهدي البرغثي وتطالب بتحقيق مستقل
■  
خبير ألماني: «نظام جديد شرير» يتشكل في ليبيا وسط حالة من الجمود
■  مجلة تابعة لـ«أفريكوم» تثير قضية صراع «الميليشيات» الليبية على السلطة
■  تقرير فرنسي: خطط أميركية لتقويض «فاغنر» في ليبيا ومالي والنيجر 
■  
لماذا ارتفع سعر الدولار في السوق الموازية؟.. خبراء يجيبون
■  مصدر أمني يؤكد لـ«بوابة الوسط»: عماد بن رجب المحكوم في قضية «الوقود المغشوش» غادر ليبيا
■  75 يومًا على احتجاز البعجة ورفيقيه في بنغازي دون تهم رسمية
■  معهد ألماني يرصد.. كيف استحوذت المجموعات المسلحة على الدولة في ليبيا؟
■  جميلة رزق الله: لوحاتي عن درنة تحاكي عزاءً كبيرًا وسقفًا مفتوحًا من الوجع
■  الدهون بريئة من التسبب في انسداد الأوعية الدموية.. فمن المسؤول؟
■  «تحقيقات»: تجار الأزمات

 

تابع تقارير «بي بي سي» عبر بوابة الوسط  ————

■  تفجير لوكربي: هل هو أعظم رواية بوليسية؟
■  وثائق بريطانية: إسرائيل وبريطانيا وفرنسا خططوا لأبعد من السيطرة على قناة السويس في حربهم على مصر عام 56
■  ماذا نعرف عن غزة على مر العصور؟ ولماذا وصفت بـ"بنت الأجيال"؟
■  ما الذي تقوله أعداد القتلى في غزة عن الحرب؟
■  القرية التي يعاني جميع سكانها من الخرف
■  تحليل دم "يكشف شيخوخة" أعضاء الجسم البشري
■  ما الجمرة الخبيثة، وإلى أي مدى هي قاتلة؟
■  
ما هي التمارين الرياضية الفعالة في خفض ضغط الدم؟

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
عقوبات إيرانية على أفراد وشركات لارتباطهم بأميركا وبريطانيا
عقوبات إيرانية على أفراد وشركات لارتباطهم بأميركا وبريطانيا
خطاب مرتقب لبايدن حول احتجاجات الجامعات الأميركية المناصرة لغزة
خطاب مرتقب لبايدن حول احتجاجات الجامعات الأميركية المناصرة لغزة
بايدن: «النظام يجب أن يسود» في مواجهة احتجاجات الطلاب
بايدن: «النظام يجب أن يسود» في مواجهة احتجاجات الطلاب
«الصليب الأحمر» تعلن مقتل سائقين وإصابة 3 من موظفيها في السودان
«الصليب الأحمر» تعلن مقتل سائقين وإصابة 3 من موظفيها في السودان
تركيا تعلن تعليق التبادلات التجارية مع «إسرائيل»
تركيا تعلن تعليق التبادلات التجارية مع «إسرائيل»
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم