أبدت الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن مواقف إيجابية تجاه مبادرة المبعوث الأممي، عبدالله باتيلي، الرامية إلى عقد قمة بين الأطراف الليبية الخمسة الرئيسة، وإن اختلفت في درجة تأييدها، حتى أن بعضها أظهر تحفظات في التفاصيل، لعل أبرزها الخلاف حول «حكومة الانتخابات».

ففي نوفمبر الماضي أطلق المبعوث الأممي مبادرة «خماسية» لعقد قمة بين الأطراف الرئيسية في الأزمة الليبية، للاتفاق على المسائل العالقة بشأن الانتخابات، وفي إحاطته الإثنين الماضي طرح باتيلي مواقف الفاعلين الليبيين أمام جلسة مجلس الأمن، فماذا كان موقف الدول الخمس الكبرى أصحاب الفيتو؟

الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين كانت أكثر تفاعلًا مع مبادرة باتيلي، فيما بدا الموقف الروسي أقل تحمسًا حين تحدث عن حالات قد تقوض المبادرة من أساسها وتعمق انقسام المجتمع الليبي.

الولايات المتحدة وبريطانيا الأكثر تفاعلًا مع مبادرة باتيلي
فقد اتفق مندوبا الولايات المتحدة وبريطانيا على دعوة الأطراف الليبية التي لم تستجب بعد للمبادرة إلى كسر الجمود الذي أصاب العملية السياسية، إذ لاحظ المندوب البريطاني أن ثلاثة فقط من المدعويين وهم المجلس الرئاسي ومجلس الدولة وحكومة الوحدة الوطنية الموقتة قد رشحوا ممثليهم للاجتماع التحضيري فيما «وضع آخرون شروطًا» مسبقة لمشاركتهم في إشارة إلى مجلس النواب و«القيادة العامة».

وحث المندوب البريطاني القادة الليبيين على ضرورة الاستجابة لدعوة باتيلي بـ«شكل بناء وبحسن نية ودون شروط مسبقة»، معتبرًا أن الاجتماع التحضيري «سيوفر الفرصة أمام الجميع للتعبير عن شواغلهم».

واشنطن تدعو لاجتماع الأطراف الليبية وجهًا لوجه
في حين لمس المندوب الأميركي «تحديًا خاصًا» يتعلق بتشكيل حكومة تصريف أعمال للإشراف على الانتخابات، ونبه إلى أن عقد الانتخابات ووضع خارطة طريق لها والانتقال السلمي يتطلب اجتماع الأطراف الرئيسية على طاولة المفاوضات وجهًا لوجه.

وحثَّ أصحاب المصلحة الليبيين الذي لم يقبلوا الدعوة الأممية على ترشيح ممثليهم للاجتماع التحضيري «دون إبطاء»، مشددًا على أن «الوقت قد حان لكي تقوم الأطراف السياسية بكسر الجمود السياسي من أجل تشكيل حكومة موحدة تستطيع تحقيق النتائج».

كما حذر المندوب الأميركي من وصفهم بـ«الذين يواصلون تأخير العملية» بأنهم «سيتحملون القسم الأكبر من اللوم إذا مر الوقت دون انتخابات ودون تشكيل حكومة موحدة»، وقال: «يجب على الليبيين اختيار قياداتهم عبر انتخابات حرة ونزيهة».

روسيا تحذر من «فشل» المبادرة الأممية
وإزاء حماسة المندوبين الأميركي والبريطاني لمبادرة باتيلي، بدا المندوب الروسي أكثر تحفظًا بل وحذر من أن الوضع على الأرض قد «يفشلها» ويفضي إلى مزيد من التقسيم داخل المجتمع الليبي، وقال: «لا تزال هناك حكومتان متنافستان في ليبيا وهو ما يعقد فرص الحل الدائم»، واعتبر أن إجراء انتخابات عامة لتشكيل حكومة متحدة تمثل جميع مناطق ليبيا هو السبيل الأوحد للخروج من هذا الانسداد السياسي.

وشدد على ضرورة مواصلة تحديد الإطار القانوني للانتخابات من خلال مواصلة المفاوضات بين مجلسي النواب والدولة اللذين لم يتوافقا بعد على الرغم من إنهاء لجنة «6+6» المكلفة من المجلسين أعمالها في مايو الماضي.

- غوتيريس يدعو الفاعلين الليبيين الرئيسيين إلى المشاركة في مبادرة باتيلي
- محللون: ضوء أخضر لمبادرة باتيلي من مجلس الأمن.. و«الخماسية» قد تستغرق شهورا
- «شروط القادة الليبيين.. ورسالتان» ننشر نص إحاطة المبعوث الأممي أمام مجلس الأمن
- «القيادة العامة»: حفتر والمنفي وعقيلة يرحبون بالمشاركة في مبادرة باتيلي شريطة عدم الإقصاء ومراعاة التحفظات
- النويري ودومة يقدمان ملاحظات ونصائح ورسالة لباتيلي والبعثة الأممية

ويرى المندوب الروسي أن الليبيين مطالبون بالخروج من «التناقضات المتداخلة»، محذرًا من أنه إذا لم تتوافق الآراء على أساس تشريعي لإجراء الانتخابات فإن «المبادرات الدولية ستبوء بالفشل لا محالة ولن تؤدي إلا إلى مزيد التقسيم داخل المجتمع الليبي».

.. وتفضل انتخابات عامة نيابية
ومن وجهة النظر الروسية فهناك أهمية لتنظيم انتخابات عامة نيابية متزامنة لضمان استقرار ليبيا، غير أنه «لا يتعين إطلاقًا فرض عملية انتخابية مشروطة تقصي بعض الشخصيات»، بل لكي تنجح هذه العملية فلا بد أن تكون «منفتحة وشاملة وتمثل كل أصحاب الشأن الليبيين بمن فيهم ممثلو النظام السابق».

لكن «الفرصة تتضاءل مع مرور الوقت»، حسب المندوب الروسي، إذ أن شرق ليبيا لا يزال يواجه آثار كارثة «دانيال» فيما «تتواصل المواجهات بين المجموعات المسلحة بانتظام يبعث على بالغ القلق»، وفي غياب حل سياسي فإن «البلد في خطر تكرار السيناريو الأليم» الذي عاشه على مدار العقد المنصرم، وفق تعبيره.

الصين: لا سلام أو استقرار مع التدخل الأجنبي
في حين انصب اهتمام الصين على دعوة الأطراف السياسية الليبية إلى نبذ خلافاتها لإحراز مزيد من التقدم على المسار السياسي، وقال مندوبها لدى مجلس الأمن إن الأطراف الليبية قد انخرطت أخيرًا في الحوار بشأن خارطة طريق تفضي إلى الانتخابات و«حققت تقدمًا».

وأشار في هذا السياق إلى مبادرة باتيلي قائلا إن الصين تريد أن ترى الأطراف تبني على هذا الحوار وأن تبدد خلافاتها لإحراز مزيد التقدم على المسار السياسي.

ورفض إدامة المشكلة الليبية والجمود في العملية السياسية، وحذر من أن التدخل الأجنبي والحلول المفروضة «لن يجلب سلامًا أو استقرارًا»، معتبرًا أن الحل الأوحد يكمن في احترام ليبيا وسيادتها، وأن يقتصر الدور الأممي على «مساعدة الأطراف الليبية».

رصد فرنسي لملامح المرحلة المقبلة في ليبيا
أما مندوبة فرنسا فقد أكدت دعمها لجهود المبعوث الأممي لجمع الأطراف الليبية الرئيسية على طاولة مفاوضات واحدة، وحددت ملامح المرحلة المقبلة في ليبيا، داعية إلى «إعداد جدول زمني وحل آخر الإشكاليات المتعلقة بشأن الانتخابات وتغليب اتفاق ليبي لتشكيل سلطة تنفيذية انتقالية موحدة، تكون لها ولاية واضحة وتسمح بوصول ليبيا إلى لاستحقاق الانتخابي».

وشددت على مواصلة فرنسا تشجيع الحوار بين جميع الأطراف الذي يجب أن يؤدي إلى تشكيل حكومة موحدة قادرة على قيادة البلاد للانتخابات في كل ربوع ليبيا، معتبرة أن «مرحلة انتقالية بلا نهاية وضعًا لا يطاق» وأن الفراغ السياسي الحالي «يزكي التدخل الأجنبي الذي يذعذع استقرار البلاد والمنطقة كلها».

وفي انتظار الانتخابات الليبية التي تحدد لها مواعيد عدة على مدى أكثر من عامين، ما زال الليبيون يعلقون الآمال على نجاح المبادرة الأممية هذه المرة في اختراق الجمود السياسي وتمهيد الطريق نحو تحقيق هذا الاستحقاق.
 

مـزيـد من تـقـاريـر بـوابـة الوسـط  ———————

■  «شروط القادة الليبيين.. ورسالتان» من المبعوث الأممي أمام مجلس الأمن
■  تحقيق استقصائي يرصد تصاعد نفوذ «المركزي» وكيف غذى الانقسام السياسي الفساد في ليبيا؟
■  تحقيق استقصائي: «الكلبتوقراطية» تنتعش في ليبيا بالفساد والجريمة المنظمة
■  محللون: ضوء أخضر لمبادرة باتيلي من مجلس الأمن.. و«الخماسية» قد تستغرق شهورا 
■  الدبيبة يوجه ببدء تنفيذ منظومة الجوازات والبطاقات الإلكترونية
■  مصدر أمني يؤكد لـ«بوابة الوسط»: عماد بن رجب المحكوم في قضية «الوقود المغشوش» غادر ليبيا
■  بدء تنفيذ عملية «قيقب» لتعقب المطلوبين دوليًا في ليبيا
■  «ناسا» توضح أسباب «اختفاء» حلقات كوكب زحل العملاقة كل 15 عاما
■  التدمير الذاتي للرسائل الصوتية.. آخر تحديثات «واتساب»
■  عجينة العشر دقائق
■  تعرف على فوائد عصير الرمان
 

تابع تقارير «بي بي سي» عبر بوابة الوسط  ————

■  تفجير لوكربي: هل هو أعظم رواية بوليسية؟
■  ماذا نعرف عن الملثم أبو عبيدة الواجهة الإعلامية لحماس؟
■  كيف أعدّت حماس قوة لضرب إسرائيل في السابع من أكتوبر؟
■  كيف أصبح البطيخ رمزاً للتضامن مع الفلسطينيين؟
■  كيف تعتقل إسرائيل مئات الفلسطينيين دون اتهامات؟
■  فلسطينيون يروون قصة احتجازهم لحوالي شهر لدى القوات الإسرائيلية
■  ما الجمرة الخبيثة، وإلى أي مدى هي قاتلة؟