Atwasat

د. صلاح جبارة: النظام السابق استحدث القيادات الشعبية لمواجهة الضغط الدولي

طرابلس - بوابة الوسط الجمعة 20 يناير 2023, 04:52 مساء
WTV_Frequency

تناول الباحث في التاريخ القديم والمعاصر الدكتور صلاح جبارة من جامعة سرت، إثر التغيرات السياسية على بنية الهوية بصفة عامة والليبية بشكل خاص، وذلك في محاضرة له بمركز المحفوظات والدراسات التاريخية، تطرق خلالها إلى أهمية الموضوع والأهداف المرجوة منه.

وتحدث كذلك عن الدراسات السابقة التي تعرضت له، بالإضافة لاستعراضه الشخصيات التي جسدت الهوية الليبية، ثم بنيتها وعناصرها المكونة والواقعة دائما تحت ضغط المؤثرات، مشيرا إلى أن التأثير المقصود هنا محمول على شقين سلبي أو إيجابي.

دستور معطل
وأوضح أن المتغيرات السياسية لا تعني نظاما جديدا، ولكن تحولات في البناء الداخلي لمؤسساته، ومثاله على ذلك وجود حكومة بطرح جديد للنظام، كما في نموذج الدستور الليبي الذي بُدأ العمل عليه منذ 2014 ولم يتفق عليه بسبب وجود تأثيرات خارجية كانت لها ارتداداتها الداخلية في بنية الدستور لعل اللغة أهمها، وكذلك الدين ومجموعة من العوامل الأخرى.

ويدلل جبارة على طرح في السياق السابق بما حدث في الجزائر سنة 2001، إثر مقتل الشاب ماسينسا، الذي أدى إلى حراك تغير بسببه الدستور الجزائري وضمن اللغة الأمازيغية في نصوصه.

- محاضرة عن العلاقات الليبية - الفرنسية بمركز الدراسات التاريخية

وأضاف أن التغييرات السياسية تنبني في سلسلة مرتبطة ببعضها بعضا، لذا ينبغي تتبع البناء في جذوره، وبذا يكون السؤال على سبيل المثال عن الزمن الذي أحدث أول تغيير سياسي أثر على الهوية.. وينطبق ذلك على العامل الديني واللغة، وبذا فمسألة التحقيب الزمني تلزمك النظر إلى الحلقات السالفة لها والتي أدت إلى تكونها.

ومن جانب آخر يطرح المحاضر السؤال: لماذا تُختار مثل هذه الموضوعات التي يعتبرها البعض ضمن المسكوت عنه؟ ويجيب بأن ذلك يرتبط بحاجة مجتمعية وواجب وطني لاستحضارها كلما شعرنا بتعرض موضوع الهوية لأزمة، ولكي يتضح لنا ذلك لابد من دراسة المجتمعات الأخرى، خصوصا القريبة منا، فما حدث في تونس على سبيل المثال زمن السابع من نوفمبر 1987، وعلى الرغم من كونه تغييرا ناعما، فإن النخب السياسية والمنابر الإعلامية والمنتديات تطرقت إلى مسألة الهوية التونسية.

ضغوط دولية
وفيما يتعلق بالجزائر، أشار إلى أنها تعرضت إلى أكثر من متغير سياسي طيلة عقود استقلالها وحتى سنة 2010 كان له أثره على بنية الهوية، سواء سنة 1988وما بعدها فيما عرف بالعشرية السوداء أو سنة 2001 والحراك المجتمعي الذي صاحبها، وهو يذكرنا أيضا باستحداث النظام الليبي بما سمي القيادات الشعبية فترة التسعينيات للاستعانة بها لمواجهة ضغط دولي بسبب مؤثرات سياسية سابقة، منها خسائر الحرب الليبية التشادية وغيرها.

وبالحديث عن أهداف البحث في موضوع الهوية الليبية، يذكر جبارة أن مجتمعات ضاعت بسبب هويتها، مثل الهوية الأندلسية، ففي الماضي كانت غالبية الإسبان ينسبون انتماءهم إلى هذه الهوية خلال القرن الرابع الهجري وحتى العاشر، ودلل ذلك على وجود مجتمع جامع ومتعدد الثقافات والأديان واللغات.

واستذكر جبارة في سياق متصل تطرق أحد أساتذة التاريخ المعاصرين بإسبانيا لموضوع الهوية الإسبانية والأحداث المتعلقة بها حاليا، وليوضح خلفية ما يجري فإنه رجع بطلابه إلى زمن إقامة الجمهورية الإسبانية الثانية سنة 1931 ثم انقلاب عسكري بقيادة فرانكو العام 1936، الذي أحكم قبضته مع حلول 1939 إلى عودة إسبانيا للحكم الملكي 1975، وفي استعراضه لهذه السلسلة من التحولات الناشئة منذ عهد عبدالرحمن الداخل خلص أستاذ التاريخ إلى ضرورة العودة إلى الهوية الأندلسية كضامن لبقاء فسيفساء متعددة بكل مكوناتها الاجتماعية والفكرية.

الهوية الضائعة
وبانتقاله للحديث عن أزمة الهوية الفرنسية وأسبابها العائدة إلى العام 1789، ومرور المجتمع الفرنسي بجملة من التغيرات على المستوى السياسي والديمغرافي، وما أحدثه شارل ديغول مثلا في الدستور الفرنسي سنة 1958، كانت له ارتداداته بالخصوص، حيث أصبح المهاجرون من شمال أفريقيا جزءًا من المجتمع الفرنسي وأصبح لهم وجود واضح، وهو ما استدعى كتابا ومفكرين فرنسيين للكتابة عن هذا الوضع.

واستشهد المحاضر فيما يتعلق بهذا التتابع برواية «الهوية» للكاتب الفرنسي من أصول تشيكية، ميلان كونديرا، التي تعكس مدى الاضطراب وهاجس الانتماء الذي يعيشه الفرنسيون، وما ذكره المفكر التونسي هشام جعيط في كتابه «الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي»، أن المجتمع الفرنسي سيتحول مستقبلا إلى مجتمع مسلم، وما أشار إليه عالم الاجتماع الفرنسي أغار موران في أحد مؤلفاته عن الهوية ومتى يجب الحديث عنها وكيف تستحضر.

وعن المسألة الأميركية، أوضح الباحث أن الأبعاد والمسائل ذاتها المتصلة بالهوية في الدول المشار إليها يعايشها المجتمع الأميركي، وتعرض لها كتّاب أمثال صامويل هنتنجتون في كتابه «من نحن». ونوه بأن الجنسيات المختلفة من آسيوية وأفريقية وغيرهما في المجتمع الأميركي تشبه قنبلة موقوتة سيأتي يوم وتنفجر بحكم تباين هوياتها، كما يمكن استنتاج ذلك من كتاب «نهاية التاريخ والإنسان الأخير» لفوكوياما.

نقلا عن العدد الأسبوعي من جريدة «الوسط»

محاضرة عن الهوية وعناصرها المؤثرة للدكتور بجامعة سرت صلاح جبارة (بوابة الوسط)
محاضرة عن الهوية وعناصرها المؤثرة للدكتور بجامعة سرت صلاح جبارة (بوابة الوسط)
محاضرة عن الهوية وعناصرها المؤثرة للدكتور بجامعة سرت صلاح جبارة (بوابة الوسط)
محاضرة عن الهوية وعناصرها المؤثرة للدكتور بجامعة سرت صلاح جبارة (بوابة الوسط)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
انطلاق الدورة 33 من معرض الدوحة الدولي للكتاب بمشاركة ليبية
انطلاق الدورة 33 من معرض الدوحة الدولي للكتاب بمشاركة ليبية
يعتبرها علم الأعصاب مستحيلة.. فنانة ترسم 10 لوحات بيديها وقدميها في وقت واحد
يعتبرها علم الأعصاب مستحيلة.. فنانة ترسم 10 لوحات بيديها وقدميها ...
اختتام المؤتمر الدولي حول ترجمة معاني القرآن الكريم
اختتام المؤتمر الدولي حول ترجمة معاني القرآن الكريم
مهرجان «كان» تحية قد تكون الأخيرة لمخرجي «هوليوود الجديدة»
مهرجان «كان» تحية قد تكون الأخيرة لمخرجي «هوليوود الجديدة»
جائزة فخرية للأسترالي بيتر وير مخرج «ذي ترومان شو» في مهرجان البندقية
جائزة فخرية للأسترالي بيتر وير مخرج «ذي ترومان شو» في مهرجان ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم