Atwasat

مربع الاستجابة السريعة

جمعة بوكليب الأربعاء 04 أكتوبر 2023, 01:34 مساء
جمعة بوكليب

في شهر أبريل الماضي احتفل العالم بالعيد الخمسين للرمز الشريطي «Barcode» الذي ظهر وبدأ استخدامه للمرة الأولى في العام 1973. وها نحن في شهر أكتوبر من العام نفسه 2023، وبدأنا نسمع عبر وسائل الإعلام الغربية عن ظهور بديل جديد له اسمه مربع «QR». الرمز «QR» اختصارا للكلمة الإنجليزية (Quick Response) وترجمتها الاستجابة السريعة. وبالتالي فإن مصطلح (QR Code) يعني باللغة العربية رمز الاستجابة السريعة. وبدأ ظهوره في العام 2010، وهذا يعني أن الرمز الشريطي في طريقه للاختفاء خلال السنوات الخمس المقبلة على أقل تقدير، أي حتى يتمكن أهل الاختصاص من استحداث البرمجيات الحاسوبية الإلكترونية الخاصة به ويصير في المتناول.

الرمز الشريطي اُخترع لأجل توفير الوقت، وتقليل الطوابير في المتاجر والسوبر ماركت وفي المستشفيات... إلخ. وسبق لي نشر مقال لمناسبة العيد الخمسين للرمز الشريطي بجريدة الصباح الليبية. وفي تعريفه، ذكرتُ أن الرمز الشريطي عبارة عن «شريط من خطوط متساوية في الطول، ومختلفة في العرض، وتحتها مجموعة أرقام يبلغ عددها 13 رقماً، يطلق عليها اسم نظام الأرقام الـ 13 القياسي (Standard13 Numbers System) وبتعريض تلك الخطوط والأرقام لأشعة الليزر، يمكن تمييز كل سلعة عن غيرها، لأن لكل واحدة منها رقماً لا يتكرر، يقرر سعرها ونوعية محتوياتها. ذلك الرقم لا تقرره الشركة المصنعة، ولا البائع، بل مؤسسة دولية غير ربحية، بفروع في جميع أنحاء العالم، مهمتها تنظيم استخدام الرمز الشريطي، يطلق عليها اسم (GSI). وهي اختصارا للاسم الكامل«Global Systems Integrator».

اللافت للاهتمام أن الرمز الشريطي إلى وقت قريب جداً، استطاع أن يؤدي مهامه التي وجد من أجلها على أكمل وجه. لكن تعقد الحياة الإنسانية اليومية أوجدت مهامَّ جديدة، ليس في مستطاع الرمز الشريطي تقديمها. وشجع على ذلك تطور صناعة الهواتف الذكية في السنوات الأخيرة بشكل مذهل ولافت.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، صار الناس في مختلف أنحاء العالم أكثر حرصا على معرفة ما يتناولون من أطعمة، أي ما تحتويه من عناصر ومكونات: بروتين، كربوهيدرات، وسكريات وأملاح... إلخ. الاهتمام أوجده زيادة في الحرص على الصحة العامة، تفاديا لزيادة الوزن مما يؤدي إلى البدانة، إضافة إلى أمور صحية أخرى، تتعلق بأمراض عديدة.

هذا الاهتمام والحرص على الصحة العامة، دفع الحكومات في دول الغرب إلى إجبار الشركات المصنعة للأطعمة، والسوبر ماركت على كتابة كل العناصر والمكونات لتلك الأطعمة والخضروات والفواكه، وإلصاقها على العلب وغيرها. إلا أن الكتابة كانت صغيرة جدا بحيث تصعب قراءتها؛ لهذا السبب، فكر أهل الاختصاص في ملء تلك الفجوة، بتصميم رمز إلكتروني على شكل مربع صغير، يمكّن الناس من الحصول على كل المعلومات.

التقارير الإعلامية التي اطلعت عليها تقول إنه صار بمقدور المستهلك الاطلاع على كل ما يود معرفته من معلومات عن السلعة التي يريد شراءها، من حيث المكونات وتاريخ الصنع وانتهاء الصلاحية وغيرها. وعلى سبيل المثال، إذا كان يريد شراء خضار وفواكه، فإن بإمكانه معرفة حتى اسم المزرعة التي جاءت منها، وموقعها، واسم من يديرها.

ولعل الكثيرين من القراء يذكرون أن استخدام رمز مربع الاستجابة السريعة شاع كثيرا خلال أزمة انتشار فيروس «كورونا»، كونه جعل من السهل على الناس معرفة مواقع التطعيم ضد الفيروس، بهدف الحصول على مواعيد للتطعيم. وفي بريطانيا لجأت المطاعم تجنّبا لانتقال العدوى إلى استخدام مربع الاستجابة السريعة بديلاً عن قوائم الطعام المعروفة (Menus) التي كانت تقدمها للزبائن. وهو سهل الاستخدام، إذ يكفي التقاط صورة للمربع عن طريق الهاتف المحمول وبالتالي قراءة كل المعلومات المحتواة بسهولة حتى على ضعفاء النظر، لأنه يمكن التحكم في الهواتف في حجم بنط الكتابة، بتكبيره إن كان صغيراً.

جريدة «الصنداي تايمز» البريطانية، التي نقلت عنها الخبر، قالت إن الرمز الشريطي «صار جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية، حتى إنه يستخدم يوميا عشرة مليارات مرة، أي أكثر بكثير من الاستخدامات اليومية لمحرك البحث (غوغل)» وأوضحت، أن مربع الاستجابة السريعة «QR code»، يتميز بصغر حجمه، ومن الممكن أن تقرأ محتوياته من فوق لتحت أو العكس، ومن اليمين لليسار أو العكس، ويمكن أن يحتوي على عدد 4000 كلمة.