تحدث خبراء ومهتمون بالشأن الليبي عن تداعيات القصف المحتمل لمواقع مجموعة «فاغنر» الروسية في ليبيا، معتبرين أنه في حال وقع بالفعل يخلق الفوضى في سياق حساس، بحسب موقع «ديكود 39» الإيطالي.

وأفادت تقارير بأن طائرات مُسيَّرة تابعة لحكومة الوحدة الوطنية الموقتة قصفت مواقع للمجموعة الروسية في قاعدة «الخروبة» شرقي البلاد، باستخدام طائرات هجوم بري تركية الصنع بدون طيار استلمتها الحكومة من خلال اتفاقية التعاون العسكري الموقعة مع أنقرة في وقت سابق، في حين لم يجرِ تأكيده رسميًا.

وتعد قاعدة الخادم «الخروبة» شرقي المرج إحدى المواقع اللوجستية التي استخدمتها مجموعة «فاغنر» الروسية التي تحدت سلطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرًا.

وحين زار مدير الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز ليبيا في الأشهر الأخيرة، التقى كلاً من رئيس حكومة الوحده الوطنية عبدالحميد الدبيبة وقائد قوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر في محاولة لإيجاد طريقة لإخراج مجموعة «فاغنر» من البلاد بدءًا من قاعدة الخادم.

وأشار تقرير موقع «ديكود 39» إلى اجتماع حفتر في قصر كيجي مقر الحكومة الإيطالية مع رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني بخصوص هذا الغرض، لافتاً إلى أن حفتر يعد هو المحور الذي يسيطر على جزء من البلاد.

- «صمت رسمي» أمام أنباء قصف قاعدة الخروبة
- موقع أميركي يشكك في سيطرة موسكو على «فاغنر» في ليبيا ومناطق أخرى

ماذا يعني تنفيذ الهجوم؟
وفي حال جرى تنفيذ الهجوم فعليًا، يقول التقرير إن هذا «يعني أن وقف إطلاق النار بين قوات حفتر وطرابلس يمكن أن ينهار ما لم يوافق حفتر فعليًا على السماح بضرب مواقع تمركز الروس. وفي حال لم يحدث ذلك فلا يزال هناك شخص يبدو أنه مهتم بتغيير التوازن عبر نشر معلومات كاذبة».

وذكّر التقرير يتصريحات قائد عملية «إيريني» الأوروبية لمراقبة حظر الأسلحة الأممي المفروض على ليبيا ستيفانو توركيتو، الذي قال مؤخرًا إنه «على الرغم من انسحاب بعض الجماعات المسلحة بما في ذلك قوات فاغنر والمرتزقة من سورية فلا شيء يشير في المستقبل القريب إلى أن ليبيا ستكون خالية من التدخلات الأجنبية».

ميزران: محاولة للاستفادة من المرحلة الفوضوية
ورجح مدير مبادرة شمال أفريقيا والزميل الأول المقيم في مركز رفيق الحريري وبرامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي كريم ميزران، أن تكون هناك محاولة للاستفادة من المرحلة الفوضوية بشأن مجموعة «فاغنر» لتنظيم بعض الأمور.

وبسؤاله حول ما إذا كان وجود مجموعة «فاغنر» في ليبيا وبشكل أعم في أفريقيا مزعزعًا للاستقرار، قال ميزران لموقع «ديكود 39» إن «الوضع حساس للغاية لأن هذا الخبر سواء كان صحيحًا أو كاذبًا فهو على أي حال عامل مزعزع للاستقرار».

واعتبر الخبير في الشأن الليبي أن الخطر يتمثل في أن جهات فاعلة داخلية وقوى إقليمية تحاول الاستفادة من الفوضى بشأن المتعاقدين العسكريين الروس لكسب المواقف، محذرًا من أن هذا الأمر يفتح سيناريوهات مقلقة.

بريسان: لا جهة خارجية لديها مصلحة في اتخاذ الخطوة الأولى
أما ماتيو بريسان، أستاذ العلاقات السياسية والاستراتيجية بجامعة «ماريا أسونتا الحرة» بالعاصمة الإيطالية روما والمحلل لدى كلية «دفاع الناتو» بروما، فتحدث عن تشديد المبعوث الخاص للأمم المتحدة عبدالله باتيلي على أن سحب كل القوات الأجنبية ضروري في عملية تحقيق الاستقرار في ليبيا.

واعتبر بريسان لـ«ديكود 39» أن هذا افتراض يأتي حتى قبل التأكد مما حدث بالفعل في قاعدة الخادم الجوية، موضحًا أنه لا توجد جهة خارجية لديها مصلحة في اتخاذ الخطوة الأولى وإفادة المنافسين الآخرين.

وقال الخبير الإيطالي إنه بغض النظر عن مجموعة «فاغنر» وعلاقاتها مع الأجهزة الأمنية الروسية، فإن بصمة وجود موسكو في أفريقيا سيظل ناقلًا أساسيًا للسياسة الخارجية.

وذكر بريسان أن هذا أمر ثابت في سياسة الكرملين التي لا تزال تثير قلق الولايات المتحدة والقيادة الإقليمية للبنتاجون (أفريكوم) النشطة أيضًا في ليبيا، والتي اعتبرت «فاغنر» بطلة حملات التضليل ضد فرنسا للتغلغل أكثر في القارة الأفريقية وتصدير نموذجها لمكافحة التمرد.