Atwasat

سويسرا توفر ملاذاً آمناً لكنوز أثرية من غزة بعيداً من جحيم الحرب

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 15 أبريل 2024, 06:29 مساء
WTV_Frequency

لم تسلم المواقع الثقافية والأثرية في غزة من آثار الحرب بين حماس وإسرائيل، إذ تسببت المعارك الدائرة في القطاع بتدمير قصر نابوليون وموقع الأنثيدون الأثري اليوناني واحتراق المتحف الخاص الوحيد في القطاع. لكن بعضاً من هذه الكنوز القديمة وجد ملاذاً داخل مستودع في سويسرا.

وبالاستناد إلى صور أقمار صناعية، أكدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) أن نحو 41 موقعاً تاريخياً دُمّر منذ بدء إسرائيل قصفها على غزة بعد هجوم حماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبرـ وفقا لوكالة «فرانس برس».

يتابع عالم الآثار الفلسطيني فضل العطل ميدانياً لحظة بلحظة الدمار الذي يلحق بهذه المواقع، حيث تصله صور عبر مجموعة على تطبيق «واتساب» أنشأها مع نحو أربعين عالم آثار يستعين بخدماتهم لمراقبة الشبكة الواسعة من المواقع والمعالم الأثرية في المنطقة، في حال كانت شبكة الإنترنت والكهرباء متوافرتين، 

منذ سنوات مراهقته خلال تسعينات القرن العشرين، بدأت بعثات أثرية أوروبية الاستعانة به، قبل أن يسافر لتلقّي دروسه في سويسرا وفي متحف اللوفر في باريس.

ويقول العطل في محادثة هاتفية مع وكالة «فرانس برس»، من غزة «لقد استُهدفت كل الآثار في الشمال».

خبير فلسطيني: العثور على 4 مقابر في غزة تعود لألفي عام
تقرير: انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق المشهد الثقافي الفلسطيني لعام 2023
التراث الفلسطيني يتعرض لعملية تدمير ممنهجة من قبل جيش الاحتلال في غزة

وشنت إسرائيل بعد هجوم السابع من أكتوبر حملة عسكرية مكثفة ومدمّرة على قطاع غزة أسفرت عن مقتل نحو 34 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.

وبالإضافة إلى الخسائر البشرية، خلفت الحرب أضراراً فادحة بالمواقع الأثرية والتاريخية في غزة.

مدينة أنثيدون اليونانية القديمة
وقال العطل «استُهدفت بلخيا (مدينة أنثيدون اليونانية القديمة)، ما أحدث فجوة ضخمة»، مضيفاً «لم نكن قد بدأنا التنقيب» في جزء من المعلم الواقع على مقربة من مواقع لحركة حماس.

وأشار إلى أن «قصر الباشا الذي يعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر دُمّر بالكامل. قُصف الموقع ثم مرّت الجرافات فوقه».

وتابع بعد الإشارة الى صور حديثة للمواقع المدمّرة «كان القصر يحتوي على مئات القطع الأثرية والنواويس المذهلة».

ويُروى أن نابليون كان يقيم في الموقع المشيّد من الأحجار ذات اللون الرملي عند النهاية الكارثية لحملته على مصر عام 1799. وكانت الغرفة التي يشاع أن الإمبراطور الفرنسي أقام فيها مليئة بالتحف البيزنطية.

وقال جان باتيست أومبير من المدرسة الفرنسية للكتاب المقدس والآثار في القدس (إيباف) «كانت أفضل اكتشافاتنا معروضة في قصر الباشا»، لكن مصيرها بات مجهولاً، متسائلاً «هل أخرج أحدهم القطع الأثرية من المبنى قبل تدميره؟».

وازداد القلق إثر نشر مدير هيئة الآثار الإسرائيلية إيلي إسكوسيدو عبر انستغرام مقطع فيديو لجنود محاطين بمزهريات وفخاريات قديمة داخل مستودع «إيباف» في مدينة غزة.

وكان القسم الأكبر من الآثار التي عُثر عليها خلال أعمال التنقيب في غزة يُحفظ إما في متحف الباشا أو في المستودع.

وسارع الفلسطينيون إلى اتهام الجيش الإسرائيلي بنهب هذه الآثار، بينما أكد عالم الآثار في «إيباف» رينيه إلتر أنه لم ير أي دليل على «نهب الدولة».

وقال «تمكن زملائي من العودة إلى الموقع، لكن الجنود كانوا قد فتحوا الصناديق، ولا نعرف ما إذا أخذوا أي قطع»، وأضاف «كلما يتّصل فضل العطل بي، أخشى أن يُعلمني بوفاة أحد زملائنا أو بأن هذا الموقع أو ذاك قد دُمّر».

 نقطة تلاقٍ وجسر 
كانت غزة الميناء لقرون عدة نقطة تلاقٍ بين الحضارات وجسراً يصل أفريقيا وآسيا ومركزاً لتجارة البخور، ما أثار شهية المصريين والفرس واليونانيين والرومان والعثمانيين.

ومن الشخصيات الرئيسية التي ساهمت في التنقيب عن الآثار خلال العقود القليلة الفائتة، جودت الخضري القطب البارز في قطاع البناء وجامع قطع أثرية.

وشهدت غزة، مع عقاراتها المطلة على البحر، طفرة عقارية في تسعينات القرن الفائت بعد اتفاقية أوسلو وإنشاء السلطة الفلسطينية.

وعثر عمّال البناء في القطاع خلال أعمال الحفر لتشييد المباني، على كمية كبيرة من القطع الأثرية. وقد جمع الخضري مجموعة منها يتيح لعلماء الآثار الأجانب معاينتها.

وانتاب أمين متحف الفن والتاريخ في جنيف مارك أندريه هالديمان، ذهول عندما دُعي لمعاينة حديقة قصر الخضري في العام 2004، وقال «وجدنا أنفسنا أمام أربعة آلاف قطعة، بينها ممرّ من الأعمدة البيزنطية».

وسرعان ما تبلورت فكرة تنظيم معرض كبير عن ماضي غزة في متحف الفن والتاريخ في جنيف، ثم بناء متحف في غزة حتى يتمكّن الفلسطينيون من إدارة تراثهم بأنفسهم.

وفي نهاية العام 2006، نُقلت نحو 260 قطعة من مجموعة الخضري من غزة إلى جنيف، وبات عدد منها لاحقاً جزءاً من معرض في معهد العالم العربي في باريس.

لكن التغيّرات الجيوسياسية أثّرت على هذا المسار. ففي يونيو 2007، طردت حماس السلطة الفلسطينية من غزة، وفرضت إسرائيل حصارها على القطاع، ونتيجة لذلك، باتت عودة القطع الأثرية إلى غزة مسألة صعبة وبقيت عالقة في جنيف، في حين توقف الحديث عن مشروع المتحف الأثري.

إلا أن الخضري لم يفقد الأمل. وبنى على ساحل البحر الأبيض المتوسط شمال مدينة غزة موقعاً اتخذ شكل فندق ومتحفا سمّاه «المتحف».

في حديث إلى وكالة فرانس برس، قال الخضري الذي فرّ من غزة متوجهاً إلى مصر إن «المتحف بقي تحت السيطرة الإسرائيلية لأشهر عدة».

ودخلت القوات الإسرائيلية قطاع غزة بعد بدء عمليتها البرية في القطاع في 27 أكتوبر.

 وأضاف «بمجرد مغادرة الجنود الإسرائيليين، طلبت من بعض الأشخاص زيارة الموقع لمعرفة الحالة التي أصبح عليها. وقد صُدمت، إذ فُقد عدد من القطع واحترقت القاعة».

ودُمّر القصر التابع للمتحف خلال استهداف حي الشيخ رضوان في مدينة غزة. وقال الخضري «لقد شغّل الإسرائيليون جرافات على أراضي الحديقة... ولا أعرف ما إذا كانت القطع قد دُفنت (بسبب الجرافات) أو ما إذا كانت الأعمدة الرخامية قد تحطمت أو نُهبت. لا أجد كلاماً يعبّر» عن المشاعر حيال ما حصل.

 قطع أأثرية في حالة جيدة
وفيما ضاع جزء من مجموعة الخضري، لا تزال القطع الموجودة في سويسرا سليمة، وأُنقذت بسبب الحصار الذي أخّر عودتها.

وقالت الأمينة الحالية لمتحف الفن والتاريخ في جنيف بياتريس بلاندان «كانت هناك 106 صناديق جاهزة لنقلها».

وبعيدا عن الحرب المستعرة في غزة، أشارت الى «أن القطع في حالة جيدة. وقد رممنا بعض القطع البرونزية التي كانت متآكلة قليلاً وأعدنا تغليف كل شيء».

وتابعت لوكالة فرانس برس «كان علينا التأكد من أنّ موكب (نقل القطع) لن يُعَرقَل. كنا ننتظر الضوء الأخضر».

ولكن مع استحالة استعادة القطع في الوقت الحالي، أشارت بلاندان إلى أن «المناقشات جارية» لإقامة معرض جديد عن آثار غزة في سويسرا.

وقال الخضري من القاهرة «أهم مجموعة من القطع الأثرية عن تاريخ غزة موجودة في جنيف. وفي حال نُظّم معرض جديد، سيشكّل فرصة لتعريف العالم برمّته على تاريخنا».

وقال هالديمان الذي يحاول إخراج صديقه فضل العطل من غزة «إنها سخرية القدر»، وأضاف «إن معرضاً جديداً عن غزة سيُظهر أن غزة مكان مشرق... وليست بقعة قاتمة».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ساعة جيب لأغنى ركاب «تيتانيك» تُباع بمزاد
ساعة جيب لأغنى ركاب «تيتانيك» تُباع بمزاد
طنجة المغربية تجذب كبار موسيقيي الجاز
طنجة المغربية تجذب كبار موسيقيي الجاز
الفنان مهدي كريرة يُدخل البهجة على أطفال غزة ويصنع الدمى من بقايا المساعدات (فيديو)
الفنان مهدي كريرة يُدخل البهجة على أطفال غزة ويصنع الدمى من بقايا...
المنتج هارفي واينستين في المستشفى
المنتج هارفي واينستين في المستشفى
«غسوف.. غدامس القديمة» يشارك في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي الدولي
«غسوف.. غدامس القديمة» يشارك في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم