Atwasat

مساعدة أفريقيا لتنعم بمزيد من الأمان

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 10 أغسطس 2014, 03:33 مساء
القاهرة - بوابة الوسط

وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا هذا الأسبوع بـ«الحدث الاستثنائي». وقد يبدو هذا الوصف مبالغًا فيه، لكن القمة شهدت بعض الأفكار الجديدة المبتكرة لمكافحة الإرهاب والخروج على القانون والحيلولة دون انتشارهما في أفريقيا كما حدث في الشرق الأوسط.

وأعلن أوباما برنامجين جديدين سيساعدان الشعوب الأفريقية على مكافحة الاضطرابات الداخلية والجنوح إلى التطرف العنيف.

أحد هذين البرنامجين شراكة لمساعدة الدول على بناء قوات انتشار سريع يمكنها التدخل حال وقوع الأزمات في القارة السوداء.

والثاني سيساعد الشعوب المُعرَّضة للخطر على تطوير جانب أمني أفضل وحوكمة أفضل من أجل مقاتلة عناصر القاعدة وأنصارها وغيرهم من الأخطار التي تهدد استقرار البلاد.

وسيفصل البرنامجان استراتيجية مكافحة الإرهاب التي أعلنها أوباما، مايو الماضي، في كلمة له بالأكاديمية العسكرية الأميركية.

وكانت الفكرة تختص بإقامة شبكة من الشراكات الأمنية المدعومة أميركيًّا تمتد من الغرب وحتى باكستان، على أن تسد أميركا الفجوات بـ«إجراءات مباشرة» في أماكن مثل سورية وليبيا، حيث انهارت الحكومات. وبدت الفكرة جيدة، لكن تفاصيل التنفيذ كانت غامضة وملتبسة، وفي بعض الحالات (كما في سورية) غير مدروسة بالكامل.

ستحاول المبادرات الأفريقية الجديدة تفادي الأخطاء الأميركية السابقة، فهي تحسب حساب أن الجيش الأميركي ينبغي أن يقوم بتدريب الشركاء والحلفاء بدلاً من أن يتولى عملية القتال نفسها، وتربط تلك المبادرات بين التطور الاقتصادي وحكم القانون بالحرب ضد الإرهاب، وتركز على أقدر الشراكات أولاً وتفتح الطريق أمام تعبئة الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي وغيرهما من المنظمات المتعددة الجنسيات.

ولمَّا قرأت المقترحات، وجدت نفسي أعلق الآمال على أن تستطيع الولايات المتحدة أن تعيد عقارب الساعة 20 عامًا، وتحاول تنفيذ خطط شبيهة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.

من الواضح أن الأوان فات على ذلك، ولكن ثمة فرصة سانحة لتفادي تكرار أخطاء الماضي ممثلة في محاربة الأخطار الإرهابية الجديدة في أفريقيا المضطربة المتسارعة التمدن.

وتحت مظلة شراكة قوة الاستجابة السريعة الأفريقية لحفظ السلام، المعروفة اختصارًا باسم «A-Prep»، ستدعم الولايات المتحدة شركاء يتمتعون بالفعل بجيوش على درجة عالية من الكفاءة، ألا وهي السنغال وإثيوبيا ورواند وتنزانيا وأوغندا.

وستشارك هذه الدول بمبلغ قدره 110 ملايين دولار أميركي سنويًّا على مدار فترة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات، وسيُموِّل هذا المبلغ التدريبات والمعدات الأفضل، و«عوامل التمكين» (كالنقل والمواصلات واللوجيستيات) التي تسمح للولايات المتحدة، منفردة بين جيوش العالم، على التحرك بسرعة وصولاً إلى مناطق الأزمات.

إن تحديات حفظ السلام في أفريقيا جسيمة، فالدول التي تدعم فيها الولايات المتحدة حاليًّا بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي تتضمن جمهورية أفريقيا الوسطى وساحل العاج وجمهورية الكونغو الديموقراطية وليبريا ومالي والصومال وجنوب السودان ودارفور. وكثيرًا ما تفتقر قوات حفظ السلام إلى التجهيزات الكافية والتنظيم السليم، ومناطق الصراعات تخصص أراضي للقاعدة وأنصارها وفروعها.

ومن المقرر أن يُوفِّر مشروع أوباما الثاني الجديد لأفريقيا، ويعرف باسم «مبادرة الحكم الأمني»، 65 مليون دولار في العام الأول لمساعدة الدول التي يسعى فيها المتطرفون إلى زعزعة استقرار الحكومات وهي غانا وكينيا ومالي ونيجيريا وتونس. هذه هي الدول التي تأتي في طليعة محاربة نمو أذرع القاعدة. وستُوجَّه المساعدات جزئيًّا إلى الخدمات الأمنية المحلية، وجزئيًّا إلى تعزيز الحكم الديموقراطي وحكم القانون والتنمية الاقتصادية. وهذا ليس بالمبلغ الكبير الكافي لتحقيق مثل هذه الأهداف الطموحة، وعلى الإدارة الأميركية أن تطلب المزيد.

هناك درسٌ واحد تعلمَته الإدارة الأميركية في أفغانستان، وهو أن المتمردين يقتاتون على غياب منظومة تنفيذ القانون ومبادئ العدالة البسيطة. ولذا، فمن الرائع أن المبادرة الأمنية تتخيل كنموذج مثالي «تعزيز قدرة وزارة العدل ورئيس النيابة العامة لقيادة جهود حكومية واسعة ضد الإرهاب وغيره من الجرائم الدولية، وتوفير إشراف ومساءلة، وضمان إدارة فعالة ومسؤولة لتصحيح المسار».

تعتبر قوة نطاق حكم القانون دراسة حالة لمخططي أفريقيا، وهي عبارة عن برنامج أميركي مبتكر يعوزه التمويل في أفغانستان.

وثمة خطر يحيق بالمبادرات الأفريقية، وهو أن الولايات المتحدة ستنظر للمشاكل المعقدة للقارة عبر عدسات مكافحة الإرهاب المشوهة أحيانًا. فمن الممكن أيضًا للجيش القوي والخدمات الأمنية المتينة التي تساعد على التنمية الاقتصادية، كما في رواندا، أن تجنح بشكل خطر نحو الاستبداد.

لم تأت الوثائق السياسية التي أصدرها البيت الأبيض هذا الأسبوع، ربما بعد إدراك أخطار العسكرة، على ذكر أي دور للقيادة الإقليمية للبنتاغون المعروفة باسم أفريكوم إلا قليلاً.

والجدير بالملاحظة أن مبادرة الحوكمة الأمنية الجديدة ستتخذ من وزارة الخارجية مقرًا لها لا وزارة الدفاع، وهو الأمر المنطقي طالما أن الخارجية لديها الموارد وروح الحملات العسكرية التي تضمن لها النجاح.

لقد احتفت قمة القادة الأفارقة بالفرص التي تلوح بالأفق للقارة السوداء. ولكن بعد زهوة الاحتفاء، لا ينبغي أن ينسى المسؤولون أن بعض أكبر الشعوب وأعظمها امتلاكًا لإمكانات مستقبلية واعدة، مثل نيجيريا وكينيا وغانا، مستهدفة من المتطرفين.

(خدمة واشنطن بوست)