Atwasat

الثورة العميقة.. التفكير في «التحول»!

حسام الوحيشي الأحد 12 مايو 2024, 07:15 مساء
حسام الوحيشي

الصوت الفخم القادم من تأمل طويل لتضاريس المجريات يقول: «إن الثورة الضحلة بالتحالف مع الدولة العميقة هما من تحكمان ليبيا الآن!»، ويواصل بحذر مشيرا إلى إمكانية العثور على حوادث «سسرلك» ملقاة على الطريق بكل سهولة بمجرد البحث عن أيادي الدولة العميقة القذرة، ولكن ما هي الثورة الضحلة؟

تمتد جذور «الدولة العميقة» في الماضي، وربما نلاحظ أن ملامحها تغذت على أعطاب النظام السابق، والخلل الجوهري في منظومته الذهنية قبل التباين التنفيذي والحقائق المترسبة خلفها. أما جراثيم «الثورة الضحلة» فقد برزت بعد هطول ثمار انتفاضة السابع عشر من فبراير، ونمت في صفحتها وداخل أركانها الرخوة. إنهم «فبرايريون» وفق لائحة التصنيف الساذج الذي تروجه أفواه التشويش الماكرة. ولكي نزيل الغبش سأضع خطا تحت «إن الفساد عابر للتصنيفات. تلك الشبكة العفنة لا تنتمي لشيء إلا الشر المطلق، فهو ينسل من الشقوق ويدكنها».

على هذا المنوال نستطيع البوح بأن «الدولة العميقة» ليست «جماهيرية» أيضا في حقيقتها، و«الثورة الضحلة» ليست «فبرايرية» بالطبع. الظلام يحب الكمون في ثغرات المنظومة، ليغتال طموحات الجميع حرفيا، سواء كانوا شموليين أو ديمقراطيين أو من شرائح مغايرة. الشر سينهش المسيرة من عنقها دائما ساعيا إلى السلطة بعيدا عن أي عقلانية أو اعتبارات أخلاقية، حاصدا منافعه التي تسمم أرواح المستقبل والتاريخ، حتى تسقط في هوة بلا قعر.

بعد قضاء عصابة «الدولة العميقة» على محاولات النظام السابق للتغيير، وهبوب عاصفة الربيع مقتلعة معظم قيادات الدولة الضحلة عدا «سيف الإسلام»، استمرت في ممارسة الشعوذة، وتحول هؤلاء من أعداء لنجل القذافي إلى دعاة له، وأصبحوا كهنة لدين المنقذ الوحيد، والباب إلى «راقص التعري». كما انحازوا إلى أي مشروع سلطوي، وستجدهم بين صفوف «الكرامة» ومع «الفجر» وبين الانفصاليين ومع الفدراليين وضمن الحزبيين وداخل السلفيين وفي مسالك الإخوان، وسترى ظلالهم أينما وليت سبرك.

إنهم ثلة متعدية للأزمان والأيديولوجيات تسمى «الثورة الضحلة»، لأنها ضد صواب الثورة، وتسمى «الدولة العميقة»، لأنها ضد الدولة الحقة، تقابلها في ساحة المعركة ثلة مبعثرة لم تتحالف مع نفسها بعد أُطلق على شظاياها اسم «الثورة العميقة»، لأنهم القابضون على الصحيح من الأفكار والأفعال، وأُطلق عليها اسم «الدولة الضحلة»، لأن مصير الوطن يتعلق بأستار قدرتها على تقرير «السلامة».

أخفقت «الدولة الضحلة» سابقا، وفشلت «الثورة العميقة» لاحقا، ولكن الحرب ما زالت مستمرة!