Atwasat

معهد أميركي عن ارتدادات الحرب على غزة: حكومة طرابلس لن تخاطر بالانحياز للغرب

القاهرة - بوابة الوسط الثلاثاء 07 نوفمبر 2023, 10:22 مساء
WTV_Frequency

يعتقد معهد أبحاث أميركي أن الحرب الدائرة في قطاع غزة حاليًا جراء العدوان المستمر لقوات الاحتلال الإسرائيلي بحجة القضاء على حركة حماس الفلسطينية قد نسفت التقدم الدبلوماسي المحرز في مسار التطبيع للدولة العبرية مع ليبيا ودول أخرى في المنطقة، مشيرًا إلى عدم استعداد حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» في طرابلس المخاطرة بأي موقف منحاز للغرب.

وسلط معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني في تقرير له نُشِر أخيرًا الضوء على تداعيات الحرب «الإسرائيلية» على قطاع غزة، إذ لم تسلم منطقة شمال أفريقيا من أصدائها. واستثنى المغرب البلد الأشد تأثرًا نظرًا إلى علاقاته القوية نسبيًا مع الدولة العبرية والولايات المتحدة، في حين أن الاتجاهات المناهِضة للتطبيع تتعزز بقوة في دول أخرى من المنطقة، مما يخلق تحديات جديدة لواشنطن.

موقف موحد في ليبيا حيال الاحتلال
ففي ليبيا، يقول المعهد الأميركي إن الحكومتين المتنافستين هناك «تبديان موقفًا موحدًا في انتقاد إسرائيل من دون إدانة حماس». وعاد إلى المشاعر الشعبية المحلية ضد دولة الاحتلال التي تأججت في الأساس قبل هجوم «حماس» - ففي أغسطس، على سبيل المثال، أثار اجتماع فاشل بين وزيري الخارجية «الإسرائيلي» ونظيره الليبي بعض الاحتجاجات. في إشارة الى اجتماع سري في روما جمع وزيرة خارجية حكومة الوحدة الموقتة نجلاء المنقوش ووزير خارجية الدولة العبرية إيلي كوهين ما تسبب في إقالتها من منصبها جراء احتجاجات واسعة في ليبيا.

- سفير فلسطين لدى ليبيا: الاحتلال دمر 34 ألف وحدة سكنية و221 مؤسسة تعليمية في غزة
- ليبيا تتسلم رئاسة المجموعة العربية في نيويورك لشهر نوفمبر
- حكومة الدبيبة ترسل شحنة مساعدات لأهالي غزة

على العكس، لفت معهد واشنطن إلى إقامة المغرب وإسرائيل علاقات دبلوماسية رسمية للمرة الأولى في ديسمبر 2020 بعد اتفاقات التطبيع التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين تل أبيب من جهة والبحرين والإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى. وفي المقابل، اعترفت الولايات المتحدة بسيادة الرباط على منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها. ومنذ ذلك الحين، تعمقت العلاقات المغربية مع إسرائيل بسرعة، لا سيما في المجال الأمني، ولكن أيضًا في المجالات الاقتصادية والدبلوماسية والثقافية. وبلغت هذه العملية ذروتها مع اعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في يوليو الماضي - وهي خطوة كان من المفترض أن تُرد بالمثل من خلال استضافة الرباط لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل نهاية العام الجاري.

تعطيل التطبيع وموقف الدول المغاربية
لكن أدت هجمات «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر إلى تعطيل هذا التقدم الدبلوماسي بعدة طرقٍ، أهمها تسليط الضوء على الاختلاف بين الحكومة المغربية ووجهات النظر العامة تجاه الدولة العبرية. فبينما أدانت التصريحات الرسمية استهداف المدنيين «من أي جهة كانت» وشددت على ضرورة «الحوار والمفاوضات»، احتشد آلاف المغاربة في الرباط للمطالبة بإلغاء اتفاق التطبيع المبرَم العام 2020. كما أشادت بعض الجهات الفاعلة، وأبرزها «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي، بهجوم «حماس» ووصفته بأنه «عمل بطولي» و«رد فعل طبيعي ومشروع على الانتهاكات اليومية». وحتى قبل الحرب، أشارت استطلاعات الرأي إلى أن ثلث المغاربة فقط يؤيدون تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال في فلسطين.

وفي الجزائر، جددت الحكومة «قناعتها بأن الاحتلال الاستيطاني الصهيوني هو جوهر الصراع العربي-الإسرائيلي»، وأكدت «أن إنهاء المآسي الناجمة عن هذا الصراع يكمن بلا شك في الاستجابة للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني». كما اتخذت الجزائر خطوات مختلفة لإظهار معارضتها الشديدة لإسرائيل وإظهار تضامنها مع الفلسطينيين، مثل تعليق الأحداث الرياضية.

وفي تونس، اتهم الرئيس قيس سعيّد دولة الاحتلال بارتكاب «جرائم إبادة جماعية» خلال اجتماع طارئ عقده «مجلس الأمن القومي» كما كانت ردود الفعل الشعبية قوية أيضا.

وفي موريتانيا، كانت ردود الفعل مشابهة فقد وصفت الحكومة الهجمات بأنها «نتيجة منطقية للاستفزازات المستمرة والانتهاكات المنتظمة لحقوق الشعب الفلسطيني»، واندلعت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في نواكشوط. ومن المثير للاهتمام أن موريتانيا قامت سابقًا بتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية تحت رعاية الولايات المتحدة وإسبانيا منذ 34 عامًا. لكن في العام 2008، أعلنت الحكومة قطع العلاقات مجددًا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى «عملية الرصاص المصبوب» التي شنها الاحتلال في غزة والمعارضة الشعبية المتزايدة لذلك، في حين أن موريتانيا مدرجة وفقًا لبعض التقارير على قائمة الإضافات العربية المحتملة إلى «اتفاقيات إبراهيم»، فمن المرجح أن تستمر البلاد في معاناتها في الواقع من نفس التحفظات الداخلية والمعارضة العامة التي عانت منها في المرة الأولى.

الدبيبة لن يخاطر بالانحياز للغرب
وتطرح الموجة الحالية من الغضب الشعبي تجاه دولة الاحتلال تحديات جديدة أمام إدارة الشراكات الأميركية مع دول شمال أفريقيا. على سبيل المثال، يقول المعهد أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عبدالحميد الدبيبة قد يكون مستعدًا للمخاطرة بتوتر علاقاته مع الغرب من أجل النأي بنفسه عن كلٍ من حرب غزة والاجتماع الفاشل الذي عُقد في أغسطس مع مسؤولين من دولة الاحتلال.

ويرى معهد واشنطن أن تصاعد المشاعر المعادية لإسرائيل سيجعل من الصعب على الولايات المتحدة العمل في تونس، حيث سبق أن أدت تصرفات الرئيس سعيّد غير الديمقراطية إلى تخفيض المساعدات الثنائية الأميركية. حتى أن سعيّد رفض التمويل من «الاتحاد الأوروبي» كجزءٍ من حملته المناهضة للغرب، مما يشير إلى مدى صعوبة استعادة الشراكة التي كانت قوية في السابق.

وفي دول أخرى، كانت واشنطن تسعى بنشاط إلى تعزيز علاقاتها مع الجزائر، كما تبيّن في «الحوار الاستراتيجي» الثنائي الذي اختُتم أخيرًا، وزيارة وزير الخارجية الجزائري إلى واشنطن في أغسطس، والرحلة التي قام بها نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي جوشوا هاريس في سبتمبر إلى الجزائر والمغرب. ولكن في أعقاب أزمة غزة، يرجح معهد واشنطن أن تتخذ القيادة الجزائرية - التي يرى الكثيرون أنها تعمل بشرعية محلّية هشّة - بعض الخطوات لإبطاء هذه الالتزامات الثنائية، على الأقل علنًا.

تضرر العلاقات بين المغرب وواشنطن
كما يرجح معهد واشنطن أن تتضرر العلاقات مع المغرب إذا ظلت الولايات المتحدة منشغلة بشكل مفرط بالأولويات الإقليمية الأخرى - لا سيما حاليًا بعد أن أصبح بإمكان الرباط الاعتماد بصورة أكثر على علاقاتها الاقتصادية المتنامية مع الصين. وبالتالي، حتى في ظل النطاق الحالي المحدود للانخراط الأميركي، مشددا على ضرورة أن تُواصل واشنطن على الأقل توفير الحد الأدنى من التمويل للبرامج التي تفيد شعوب شمال أفريقيا «مثل تعلُّم اللغة الإنجليزية وبرامج التعليم الأخرى».

وعلى المدى الطويل، يستبعد المعهد الأميركي أن يعلّق المغرب علاقاته مع دولة الاحتلال أو يغيِّر نهجه الأمني تجاه الصحراء الغربية والجزائر. لذلك، ينصح المعهد الولايات المتحدة أن تنظر في سبل تعزيز التكامل الإقليمي مع دمج المشاعر العامة حول القضية الفلسطينية، على سبيل المثال من خلال التبادلات العابرة للأوطان أو أشكال الحوار الأخرى حول هذا الموضوع.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
6 ملفات على طاولة الكبير والسفير البريطاني
6 ملفات على طاولة الكبير والسفير البريطاني
جريدة إيطالية: مباحثات الدبيبة وميلوني تطرقت إلى الهجوم الإلكتروني على «مليتة»
جريدة إيطالية: مباحثات الدبيبة وميلوني تطرقت إلى الهجوم ...
«هنا ليبيا» يتابع: انطلاق موسم الحصاد في تاكنس.. ودورة لتأهيل الباحثين عن عمل بدرنة
«هنا ليبيا» يتابع: انطلاق موسم الحصاد في تاكنس.. ودورة لتأهيل ...
«الجميل» حلقة جديدة في مسلسل الصراع بين التشكيلات المسلحة غرب البلاد
«الجميل» حلقة جديدة في مسلسل الصراع بين التشكيلات المسلحة غرب ...
أسعار العملات مقابل الدينار الليبي في السوق الموازية (الخميس 9 مايو 2024)
أسعار العملات مقابل الدينار الليبي في السوق الموازية (الخميس 9 ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم