تعيش ليبيا أيامًا عصيبة جراء عاصفة «دانيال» التي ضربت مدن المنطقة الشرقية، أمس الأحد، وغطتها بأمطار وسيول جارفة، أودت بحياة العشرات، وشردت الآلاف، وغمرت مناطق بأسرها، حتى باتت مدينة سوسة غارقة بكاملها تحت الماء، وأصبحت درنة «مدينة منكوبة»، وحاصرت المياه أهالي مدن البيضاء، ودرنة، والمرج، وطبرق، وتاكنس، والبياضة، وبطة، وكل مدن وقرى الجيل الأخضر والساحل الشرقي، وصولًا إلى بنغازي.

تنكيس الأعلام وإعلان الحداد 3 أيام
في المقابل وحدت العاصفة الليبيين، مواطنين وحكومة وأجهزة تنفيذية، في الشرق و الغرب؛ حيث أعلنت الحداد وتنكيس الأعلام كل من حكومة أسامة حماد المكلفة من مجلس النواب، وحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» حدادًا على ضحايا العاصفة، وتسابق الجميع في إعلان إجراءات إغاثة المتضررين.

الكارثة بدأت منذ الساعات الأولى من يوم أمس الأحد، حين ضربت العاصفة «دانيال» القادمة من وسط البحر المتوسط، مناطق ومدن الشرق الليبي، واستمرت حتى مساء اليوم نفسه؛ حيث هطلت أمطار غزيرة، وتحولت إلى سيول جارفة تدفقت نحو المناطق المنخفضة والساحلية، وأسفرت عن وفاة 150 شخصًا وفقما نقلت وكالة «فرانس برس» عن المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، محمد مسعود.

البيضاء خارج السيطرة
الحصيلة الرسمية الأكبر للوفيات كانت في مدينة البيضاء؛ إذ توفي 12 شخصًا بين رجال ونساء في حصيلة أولية أعلنها مركز البيضاء الطبي، بينما باتت الأوضاع خارج السيطرة، وفق عميد بلدية البيضاء، صفي الدين هيبة الذي دعا كل السلطات في ليبيا إلى التدخل العاجل، لـ«إنقاذ ما يمكن إنقاذه».

والتقط متطوع مقطع فيديو له من داخل سيارته في حي الجنين بمدينة البيضاء بعدما فقد السيطرة عليها نتيجة السيول. وقال المواطن في المقطع المتداول على موقع «فيسبوك»: «هرعنا لإنقاذ الناس لكن جرفنا السيل، ولا ندري إلى أي مكان يصل بنا، وكانت معنا سيارة أخرى لكن فقدنا الاتصال بها».

سوسة معزولة عن المدن الليبية
في مدينة سوسة التي انقطعت عن المدن المجاورة، وغرقت مدنها تحت المياه، جرى الإعلان رسميًا عن وفاة سبعة أشخاص في سوسة في حصيلة أولية، بينهم ثلاث نساء، جراء السيول التي تعرضت لها المدينة.

وفي وقت مبكر من صباح اليوم أطلق مواطنون تحذيرات من انقطاع الطريق الواصل بين مدينتي شحات وسوسة جراء السيول، وتداولت صفحات ليبية على موقع «فيسبوك» صورًا تُظهر الأضرار البالغة، ووقوع عدة انهيارات جراء العاصفة «دانيال».

من جهته قال الناطق باسم جهاز الإسعاف، أسامة علي: «المدينة تحت الماء بالكامل، والبيوت جميعها غارقة». كما لفت إلى أن الطيران المروحي بات الطريقة الوحيدة حاليًا لاستمرار جهود إنقاذ الناس في سوسة. لكنه استدرك: «لا أعلم إذا كان ذلك ممكنًا أم لا؟».

درنة «منكوبة»
وفي مدينة درنة، التي أعلنتها الحكومة المكلفة من مجلس النواب «مدينة منكوبة»، رجحت مصادر ارتفاع عدد الضحايا خلال الساعات المقبلة بعد حصر دقيق للضحايا، فيما أكد المجلس البلدي درنة انهيار سدين في المدينة.

وسجل شهود عيان ونشطاء عبر صفحات التواصل الاجتماعي الليبية أوضاعًا كارثية، بعدما فاض مجرى وادي درنة في وسط المدينة بالمياه الناجمة عن الأمطار الغزيرة، مما أدى إلى جريان سيل هادر. وتداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الأحد، مقاطع مصورة تُظهر جريان المياه بغزارة في وادي درنة. كما اقتحمت مياه السيول منازل منطقة شيحة في مدينة درنة التي تعرضت إلى أضرار بالغة جراء «دانيال». ونشرت صفحات ليبية على موقع «فيسبوك»، أمس الأحد، مقطع فيديو لأحد أهالي المدينة وهو يستغيث لإنقاذ أسرته، مشيرًا إلى انهيار السد الترابي الذي كان يحمي منازل المنطقة من السيول.

- تضامن مصري - أردني مع ليبيا في مواجهة آثار العاصفة «دانيال»
-حماد يعلن تنكيس الأعلام والحداد 3 أيام على ضحايا العاصفة «دانيال» 
- تعطيل الدراسة في بنغازي حتى الخميس.. والمدارس للإيواء
- مركز البيضاء الطبي: 12 وفاة بين رجال ونساء جراء السيول
- وفاة 7 أشخاص جراء السيول في سوسة

وفي الأبيار، لم تصدر حصيلة رسمية بأعداد الضحايا حتى اللحظة، بينما أخلت فرق الإنقاذ أفراد عائلات علقت وسط المياه التي غمرت مناطق بالمدينة، ونشرت صفحات ليبية على موقع «فيسبوك» مقطع فيديو يُظهر أفراد جهاز الإسعاف والطوارئ خلال إجلائهم تلك العائلات.

وفي بنغازي، قررت مراقبة التربية والتعليم ببنغازي تعطيل الدراسة حتى الخميس المقبل، نظرًا للأضرار الناجمة عن العاصفة «دانيال»، مع بقاء الكادر الإداري طيلة فترة الدوام.

إعلان الحداد وتخصيص 200 مليون دينار مساعدات
قرر رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد، تنكيس الأعلام والحداد في القطاعين العام والخاص والمؤسسات جميعها، بدءًا من اليوم الإثنين حتى الخميس المقبل.

وأعربت الحكومة في بيان، عن «حزنها بعد تلقيها أنباء وفاة مواطنين»، جراء السيول العارمة التي ضربت عددًا من المدن والمناطق إثر العاصفة المتوسطية «دانيال»، وأمرت بتخصيص 200 مليون دينار مساعدات إلى البلديات والمناطق المتضررة جراء الفيضانات والسيول.

كما أعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب، الإثنين، درنة «مدينة منكوبة» جراء «دانيال» التي ضربتها، موجهة الجهات المعنية جميعها باتخاذ التدابير والإجراءات الاستثنائية اللازمة للتعامل مع الأوضاع المترتبة على ذلك، بما فيها حماية سكان المدينة من أخطار العاصفة والانجرافات وغيرها، ومساعدتهم على تجاوز آثارها.

مساعدات مالية من حكومة الدبيبة
لقيت التطورات في المنطقة الشرقية استجابة من حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» التي قررت اتخاذ إجراءات عاجلة لحصر البلديات المتضررة بالمنطقة الشرقية، وتقديم مساعدات مالية لها، لتوفير كل الاحتياجات اللازمة. كما قررت وزارة الداخلية في حكومة الدبيبة تجهيز قافلة مساعدات ومعدات إنقاذ وقوة أمنية مجهزة، قوامها ألف عنصر، تكون على أهبة الاستعداد لدعم مديريات الأمن في المنطقة الشرقية المتضررة نتيجة حالة الطقس السيئ.

وقال رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة: «ما تشهده المنطقة الشرقية يُعدّ كارثة للوطن، ونتعامل مع الوضع بكل ما أوتينا من إمكانات». كذلك وصلت فرق جهاز الإسعاف والطوارئ من الساحل الغربي والمنطقة الوسطى وطرابلس، صباح اليوم الإثنين، مدينة بن جواد شرق رأس لانوف، بينما بدأت المؤسسة الوطنية للنفط تسيير فرق الإنقاذ والدعم التابعة لقطاع النفط إلى مناطق الجبل الأخضر، للمساعدة في جهود الإغاثة والإنقاذ.

الأمم المتحدة تعرض التعاون
على الصعيد الدولي، أكدت بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا، في بيان اليوم الإثنين، وقوفها على أهبة الاستعداد، لـ«دعم الجهود التي تبذلها السلطات المحلية والبلديات المتضررة، للاستجابة لحالة الطوارئ هذه، وتقديم المساعدة الإغاثية العاجلة»، ومساندتها «جهود الاستجابة على المستويين المحلي والوطني».

عربيًا، أعلنت مصر والأردن تضامنهما مع ليبيا في مواجهة آثار العاصفة المتوسطية «دانيال» التي ضربت المنطقة الشرقية، وفق بيانين لوزارتي الخارجية المصرية والأردنية.