Atwasat

نقل معركة مهربي البشر إلى ليبيا.. «يوحد» ميلوني وماكرون

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الأحد 25 يونيو 2023, 03:02 مساء
WTV_Frequency

تتفق روما وباريس على نقل المعركة ضد مهربي البشر إلى الضفة الأخرى من المتوسط بتحويل بلدانها إلى شرطي أوروبا، وخاصة ليبيا دون أن تعلنا ذلك، فكانت هذه المسألة الشائكة أحد أسباب طي جزء من التوترات السياسية والأيديولوجية بين البلدين، على خلفية القلق من ضغط قوارب الهجرة التي تحفزه تداعيات أزمة السودان والوضع في تونس، والدور الروسي المحتمل.

وفي أول زيارة لها إلى باريس منذ انتخابها التقت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مسعى آخر لتطبيع العلاقات الثنائية التي تعرضت لهزات متتالية بسبب قضية الهجرة، فكان هذا الموضوع الأخير كلمة سر تخطي التوترات، حيث أكدت ميلوني من قصر الرئاسة الباريسي، الإليزيه، الثلاثاء، وجود أهداف مشتركة مع ماكرون، قائلة إنها «تشاطر الحساسية حول موضوعات عديدة، وأنا أفكر في موضوع منطقة المتوسط، لا سيما فيما يتعلق بتونس وليبيا، حيث نعمل من أجل تحقيق أهداف متقاربة». كما شددت على ضرورة قطع خطوات إلى الأمام، والدفاع عن الحدود الأوروبية إزاء موجات الهجرة، حيث سينعقد مجلس أوروبي مهم في نهاية الشهر ونحن نتفق على وجوب اتخاذ خطوات ملموسة فيما يتعلق بالرؤية التي وضعناها على الورق أصلًا، أي الدفاع عن البعد الخارجي وتجاوز الخلاف على التحركات الأولية والثانوية وفق تعبيرها.

خلافات باريس وروما أعمق من مسألة الهجرة
غير أن مراقبين يرون أن الخلافات بين البلدين أعمق من مسألة الهجرة، إذ إن هناك عوامل جذرية تجعل ماكرون متخوفًا من ميلوني والتي تنصب على إمكانية صعود حزبها ذي التوجهات اليمينية المتطرفة في بروكسل مع قرب إجراء الانتخابات البرلمانية الأوروبية في 2024، إذ يعمل الرئيس الفرنسي على الحد من خصومه اليمينيين داخل وخارج مؤسسات البلاد.

- ماكرون وميلوني يرغبان بـ«العمل معًا» بعد توتر حول ملف الهجرة

وطفت بوادر الأزمة على السطح قبل أسابيع حين تصاعدت المناوشات الكلامية بين وزراء فرنسا وإيطاليا وتحديدا خلال تواجد قائد القيادة العامة المشير خليفة حفتر في روما، وعقب رفض إيطاليا السماح باستقبال سفينة «أوشن فايكينج» وهى إحدى السفن الإنسانية العالقة في البحر المتوسط والتي كانت تحمل نحو 230 مهاجرا على متنها والتي قبلت فرنسا استقبالها استثنائيا مع التهديد بتعليق خطط استقبال ثلاثة آلاف لاجئ موجودين بالفعل في إيطاليا. بعدها ألغى وزير الخارجية الإيطالى أنطونيو تايانى، زيارة رسمية إلى باريس بعد تصريح وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين قال فيه إن «روما غير قادرة على إدارة ملف الهجرة»، وأن هناك فجوة بين الوعود الشعبوية لليمين المتطرف في مراحل الحملة الانتخابية، والواقع الفعلي عندما يكون في الحكومة. كما أن النخب السياسية الإيطالية سبق أن انتقدت دور دول أوروبية، لا سيما فرنسا باللعب على جبهتين في ليبيا بدعوى الرغبة في الوصول إلى حل سلمي من جهة ودعم سلطات شرق ليبيا سرا من جهة أخرى.

وتدفع التطورات المتسارعة في أفريقيا وعدم الاستقرار السياسي بعدة بلدان في منطقة البحر الأبيض المتوسط الجانبين إلى إعادة ترتيب الأولويات، والتقارب مع طرفي الأزمة الليبية باستنساخ تجارب سابقة في ضبط تدفقات الهجرة ووقف القوارب بعيدا بآلاف الأميال عن المياه الأوروبية بعدما عقدت صفقات مع جهات متهمة بانتهاك حقوق الإنسان مع دفع الأموال بسخاء مقابل منع اللاجئين من الوصول إلى أوروبا. ومثل هذه الإجراءات لم تكن كافية لوحدها لأنها لم تفكك مافيا تهريب البشر، بل كانت لها عواقب كارثية على طالبي اللجوء.

وفي السياق، لا يمكن تجاهل منح الاتحاد الأوروبي الأموال للرئيس السوداني السابق عمر البشير للتكفل بمهمة السيطرة على الهجرة، لكن مع الوقت حولت تلك الأموال قوات الجنجويد المتهمة باقتراف مجازر في دارفور وحاليا في السودان ككل، إلى قوات الدعم السريع، وبدأت تلاحق المهاجرين للاتحاد الأوروبي بالنيابة.

للاطلاع على العدد الجديد من جريدة «الوسط» اضغط هنا

وإلى جانب القلق من الوضع في تونس بسبب التخلف عن سداد ديونها، فإن حرب السودان تعقد سيناريو تدفقات الهجرة في ليبيا وإلى أوروبا، مع احتمالات ساقتها هيئة الأمم المتحدة من إمكانية نزوح 860 ألف شخص من السودان، حيث تثير الاشتباكات في السودان مخاوف الحكومات الأوروبية، وهو هاجس عبرت عنه ميلوني لدى استقبالها الشهر المنصرم المشير خلفية حفتر في روما. وتشير مصادر دبلوماسية إيطالية إلى تعهد ميلوني باستثمار روما في شرق ليبيا، مقابل مساعدة القوات العربية المسلحة على وقف تدفق اللاجئين. وفعلا اتخذت عدة إجراءات برزت من خلال فرض منع تجول ليلي لإيقاف المهربين، ومداهمة قوات الأمن قرى مجاورة للحدود المصرية، حيث تحدثت عن العثور على 1000 شخص ينتظرون في منازل ومزارع ليعبروا البحر المتوسط.

إلا أن غرق قارب المهاجرين في قبالة سواحل اليونان، أعاد تسليط الساسة والإعلام الأوروبي الضوء على الانقسام السياسي في ليبيا، وعدم قدرة قادة البلد على الوفاء بوعودهم تجاه محاربة تجارة البشر والتهريب.

ففي 14 يونيو الجاري جنح قارب من شرق ليبيا على الساحل اليوناني، مخلفا وفاة العشرات في أسوأ حادث منذ العام 2016، حيث وجه الإعلام الفرنسي الرسمي اتهامات لحفتر بمحاولة استخدام الجانب الشرقي من البلاد لإحداث حالة من الذعر في إيطاليا، للضغط على روما مقابل دفعها لتقديم الدعم المالي والمادي والعسكري لقواته.

وحسب مراقبين فإن أفضل طريقة لوقف تدفق اللاجئين هي مراقبة رحلات الخطوط الجوية المدنية السورية المتجهة إلى الداخل الليبي والتي تضم سوريين وبنغاليين وباكستانيين.

ولسنوات عديدة كانت الغالبية العظمى من المهاجرين يغادرون من غرب ليبيا، بالقرب من الساحل الإيطالي، لكن مسار الهجرة الجديد تغير، فغالبية الوافدين إلى إيطاليا البالغ عددهم 22 ألف مهاجر منذ بداية العام، يأتون عبر ليبيا الآن من المنطقة الشرقية من برقة حيث تعد بنغازي ثاني ميناء للمغادرة إلى أوروبا بعد طبرق. رغم أن الرحلة تعد الأطول والأكثر خطورة، وتكلف ما يزيد على 1500 يورو لكل شخص.

وتشير رئيسة الوزراء الإيطالية إلى الزيادة غير المسبوقة في محاولات الهجرة نحو إيطاليا، حيث وصل 42 ألفا و405 أشخاص إيطاليا منذ بداية 2023، أي أربعة أضعاف عدد الذين وصلوا خلال الفترة المماثلة من العام السابق، وفقا للأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية.

للاطلاع على العدد الجديد من جريدة «الوسط» اضغط هنا

ووجهت الحكومة الإيطالية العديد من الاتهامات إلى مجموعة فاغنر الروسية، قائلة إنها كانت «تسهل» تدفقات المهاجرين الذين كان يجري استغلالهم كسلاح سياسي. وهي تتشارك مع الولايات المتحدة في نظرتها لخطر مرتزقة فاغنر التابعين لروسيا وتحالفهم المزعوم مع الجيش الليبي في برقة ونفوذهم في السودان.

ورغم تعاون فرنسا مع قوات فاغنر في ليبيا قبل حرب أوكرانيا وقطع العلاقات مع مالي، إلا أن الموقف تغير حاليا، وقال المبعوث الخاص للرئيس إيمانويل ماكرون لمنطقة الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط جيل كيبيل، إن «الخلافات الصغيرة حول ليبيا بين فرنسا وإيطاليا سوف تؤدي إلى نتائج صفرية للأطراف وستفيد دولًا مثل روسيا».

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
سقوط 4 أبراج ضغط عالٍ لنقل الكهرباء جنوب بني وليد
سقوط 4 أبراج ضغط عالٍ لنقل الكهرباء جنوب بني وليد
الدبيبة يناقش المشروعات المتوقفة بين مؤسسة الاستثمار وصندوق الإنماء
الدبيبة يناقش المشروعات المتوقفة بين مؤسسة الاستثمار وصندوق ...
بلدية بنغازي: استعداد أميركي لدعم جهود إدارة صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا
بلدية بنغازي: استعداد أميركي لدعم جهود إدارة صندوق التنمية وإعادة...
ضبط 6 مطلوبين في قضايا مشاجرة وإيذاء بطرابلس
ضبط 6 مطلوبين في قضايا مشاجرة وإيذاء بطرابلس
«الكهرباء» تباشر صيانة الأبراج المتضررة من الطقس في بني وليد
«الكهرباء» تباشر صيانة الأبراج المتضررة من الطقس في بني وليد
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم