مع الارتفاع الجنوني الذي سجلته أسعار السلع والمواد الأساسية في ليبيا، بعد اندلاع الغزو الروسي لأوكرانيا، سجلت حكومة الوحدة الوطنية تحركات واقتراحات لاحتواء الغلاء الذي أرهق  الليبيين.

ويقول متابعون للسوق الليبية، إن انعكاسات التضخم بدت واضحة في زيادة أسعار السلع الغذائية الأساسية التي شهدت تضخمًا مفاجئًا منذ الحرب الأوكرانية، وصلت مع السلع المستوردة إلى 60%، والمحلية إلى 30% وحسب تقديرات رئيس الغرفة الاقتصادية الليبية المصرية في طبرق إبراهيم الجراري، فإن نسبة ارتفاع أسعار السلع الأساسية في مارس بلغت 60%، بالمقارنة مع شهر فبراير الماضي.

صراع ليبي اجتماعي الطابع
ويحذر رئيس المجلس الاستشاري لمجلس العلاقات الأميركية - الليبية، فولفجانج بوسزتاي، من احتمال نشوب «صراع اجتماعي الطابع» في ليبيا في ضوء تعثر واردات الحبوب واللحوم من روسيا وأوكرانيا، والزيادة الكبيرة في أسعار المواد الأساسية. وأبدى بوسزتاي خشيته من قلة الاهتمام الدولي بليبيا خلال الأشهر الأخيرة خاصة مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، منبهًا إلى مرور البلاد بـ«مرحلة حرجة» حاليًا بعد تعذر إجراء الانتخابات في ديسمبر الماضي، حسب ما نقل عنه موقع «العين» الإماراتي.

- خبير دولي يحذر من نشوب «صراع اجتماعي» في ليبيا مع موجة الغلاء
- من بينها ليبيا.. مقرر أممي يحذر من تأثير اعتماد الدول المفرط على القمح الروسي والأوكراني
- كيف تهدد الحرب في أوكرانيا مصادر غذاء الليبيين؟
- معهد ألماني يحذر من ارتفاع فاتورة استيراد الحبوب في ليبيا بـ9%

والأحد الماضي، حذر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، من الاعتماد المفرط لعدة دول، بما فيها ليبيا، على القمح الروسي والأوكراني، متوقعًا أن تتسبب الحرب في «معدلات جوع شديدة». لكن صندوق موازنة الأسعار، وعلى لسان رئيسه جمال الشيباني يقول إن الزيادات التي شهدتها السلع الأساسية خلال الفترة الماضية مفتعلة من قبل من أسماهم بـ«لوبي التجار»، مشيرًا إلى «أن كافة السلع متواجدة في ليبيا قبل الأحداث العالمية الأخيرة، لكن «الاستغلال وتحقيق الأرباح على حساب المواطن وراء ارتفاع الأسعار».

صندوق موازنة الأسعار
وحمل مدير صندوق موازنة الأسعار، محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير المسؤولية عن تلك الأزمة، بسبب قراره منع الصندوق من التوريد وحجب المبالغ عنه، مطالبًا بضرورة إعادة تفعيل صندوق موازنة الأسعار لكي يؤدي دوره كـ«سلة غذائية للمواطنين»، مدللاً على ذلك بضرورة أن تكون الجهة الموردة واحدة، حتى تكون الأسعار موحدة، خاصة أن «كل شخص في القطاع الخاص يورد بطريقته حاليًا»، وذلك في تصريحات ببرنامج «نسخة إلى الرأي العام» على قناة الوسط «WTV».

في المقابل، كانت التحركات الحكومية لاحتواء موجة التضخم الذي ضرب الأسواق الليبية، إذ أوصى وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية محمد الحويح تخصيص 60 دينارًا دعمًا نقديًا للفرد وفقًا للرقم الوطني في كل أسرة لمواجهة غلاء المعيشة، كما دعا الحويج إلى ضرورة دفع قيمة غلاء المعيشة لمتدني الدخل وفق القانون رقم «27» لسنة 2011، هو حل موقت لمدة 3 شهور إلى حين وضع آلية ثابتة لدعم زيادة الأسعار. بل وبحث الاستعانة بجهاز الأمن الداخلي في ضبط السوق المحلية، ومراقبة الأسعار، خلال لقاء مع رئيس الجهاز السبت الماضي.

ديوان الحبوب الليبي
الحويج الذي قال إن مخزون القمح يكفي لثلاثة أشهر، اقترح أيضًا إنشاء ديوان للحبوب، داعيًا إلى أن يقوم تجار السلع الأساسية بتوفير مخزون سلعي لا يقل عن 3 أشهر لكل سلعة يتاجرون بها. وتصنف ليبيا ضمن البلدان العشرة الأولى التي اشترت معظم الحبوب الأوكرانية في العام 2020، وأبرز الدول المستوردة هي على الترتيب: الصين، مصر (1.12 مليار دولار)، إندونيسيا وإسبانيا وهولندا وتركيا (473 مليون دولار) وتونس (347 مليون دولار) وبنغلاديش وكوريا الجنوبية وليبيا (265 مليون دولار).