تستمر التساؤلات تلاحق مستقبل الاقتصادات الناشئة الرئيسية في العالم، بعدما استنزفت 240 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي على مدى الشهرين الأخيرين، إذ تعمل البنوك المركزية على دعم عملاتها واقتصاداتها في مواجهة جائحة «كوفيد-19».

ووفق مذكرة صادرة عن بنك «أوف أميركا» نقلا عن بيانات الاحتياطيات لإحدى وثلاثين دولة، فإنه «من المرجح أن يستمر النزيف، وإن كان بوتيرة أبطأ». وقال البنك إن الصين وهونغ كونغ والسعودية والبرازيل وتركيا شهدت جميعها أكبر هبوط إجمالي في الاحتياطيات.

وأضاف أن تركيا ومصر شهدتا الانخفاض الأكبر بالنسبة المئوية. ولفتت المذكرة إلى أن تركيا ورومانيا لا تغطي احتياطياتهما الرسمية بالكامل الدين الخارجي قصير الأجل على مدى 12 شهرا.

وكتب ديفيد هونر من بنك «أوف أميركا» في المذكرة: «سيستمر نزيف احتياطيات الأسواق الناشئة على الأرجح، لكن بشكل أبطأ، خلال ما يبدو أنه سيكون تعافيا مخيبا للآمال في النمو العالمي ونمو الأسواق الناشئة». وأضاف: «بعد تعاف مبدئي في النشاط في أعقاب إلغاء إجراءات العزل الصحي، من المرجح أن تكبح عدة عوامل التعافي: الدين المرتفع وتعثر الشركات وأسواق العمل غير الفعالة وانحسار العولمة والتوترات الأميركية الصينية».

بيد أن الأسواق الناشئة شهدت انتعاشة قوية خلال الأسابيع الستة الماضية، على أثر اتجاه عديد الحكومات إلى الفتح التدريجي للاقتصاد بعد فترة من العزل العام بسبب تفشي فيروس «كورونا المستجد» (كوفيد-19) أظهر تقرير لوكالة «بلومبرغ» انتعاشة في أداء أسهم الدول التي استعادت نشاطها سريعا في ظل جائحة «كورونا»، وجاء على رأسها الصين وكوريا الجنوبية خلال العام الجاري.

وعن الاقتصادات التي تخلفت عن الركب، وجهت «بلومبرغ» النظر إلى إندونيسيا والبرازيل، أكثر الدول المتضررة من القيود المفروضة للحد من تفشي الفيروس، وسط آمال بلحاق الدولتين بركب الأسواق الناشئة المنتعشة.

والملاحظ هو التعافي الملحوظ للتدفقات النقدية إلى الأسواق الناشئة خلال أبريل الماضي، بعد أشهر من النزوح القياسي بسبب أزمة فيروس «كورونا». وكشف التقرير الشهري الصادر عن معهد التمويل الدولي، أن المستثمرين الأجانب أضافوا 17.1 مليار دولار إلى الأسواق المالية في الاقتصاديات الناشئة خلال الشهر الماضي، مقارنة مع تخارج قياسي بلغ 83.2 مليار دولار في مارس. وأوضح التقرير أن انتعاش التدفقات الداخلة جاء بشكل رئيسي من تدفقات الديون وتدفقات الأسهم الصينية.

وشهدت التدفقات النقدية الداخلة إلى سوق الديون في الأسواق الناشئة 15.1 مليار دولار خلال الشهر الماضي، مقابل تدفقات خارجة 31 مليار دولار خلال الشهر السابق له. وعلى الصعيد الإقليمي، كانت دول شرق آسيا الأكثر جذبا لرؤوس الأموال الأجنبية، حيث شهدت تدفقا قدره 7.3 مليار دولار، تليها ثلاثة مليارات دولار في أميركا اللاتينية.
وتتوقع منظمة التجارة العالمية أن تنخفض التجارة العالمية بنسبة تتراوح بين 13% و32% في العام 2020. وتعاني الدول المنتجة للنفط «والعديد من الدول المنتجة للسلع الأساسية الأولية» من عواقب حرب الأسعار بين المملكة العربية السعودية وروسيا، مما أدى إلى تخفيضات للتصنيفات الائتمانية السيادية.

وتقول كريستالينا جورجيفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، إن الدول النامية قد تكون الأكثر تضررا من تداعيات انتشار فيروس «كورونا المستجد»، مضيفة أن صندوق النقد جاهز لتقديم المساعدة. ووجه صندوق النقد والبنك الدولي نداء من أجل تحرك دولي سريع لمساعدة الدول الأفريقية واقتصادات ناشئة أخرى في الاستجابة والرد على الجائحة. وأضافت: «من المهم جدا جدا محاولة تفادي نزوع كامل نحو الحمائية والانعزالية لأن هذا بدون شك، سيجعلنا كعالم أكثر فقرا».

ويرى كارمن راينهارت، أستاذ النظام المالي الدولي في كلية كينيدي في جامعة هارفارد، أن «العديد من الاقتصادات الناشئة والنامية ستتوقف قريبا عن سداد ديونها، ويتعين على العالم أن يتحرك استباقا للمشكلة». وأضاف: «يتمتع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالقدرة والخبرة اللازمة لتنسيق قرار وقف سداد الديون إذا خلصت الولايات المتحدة وغيرها من القوى الكبرى إلى أن هذه الخطوة تصب في مصلحتها الوطنية».