ألقى الباحث الدكتور أبوالقاسم اقصودة محاضرة، أمس الأربعاء، بالمركز الليبي للدراسات والمحفوظات التاريخية، تحت عنوان «ليبيا في كتابات المستشرقين البولنديين» أدارها الباحث علي الهازل.

 تناول المحاضر صورة الأدب الليبي في الوثائق البولندية، ووجهة نظر المستشرقين البولنديين في اتجاهات الأدب الليبي وموضوعاته.

العلاقات الليبية البولندية 
واستهل اقصودة حديثه بتأصيل عام للعلاقات الليبية البولندية التي بدأت بتاريخ 2 ديسمبر 1963 على مستوى السفارات.

 كما أن الوثيقة الأولى التي تنظم العلاقات الثنائية بين البلدين هي اتفاقية التعاون الاقتصادي والعلمي الفني الموقعة في 11 فبراير العام 1974.

وأوضح اقصودة أن ليبيا أفتتحت سفارة لها في وارسو العام 1976، ووقعت في ذات السنة اتفاقية النقل الجوي المنتظم ثم اتفاقية التعاون المالي والمصرفي.

- خيري الراندي: تاريخنا ظل أسير النظرة الأوروبية التي كتبها الرحالة والمستشرقون
- «أدب السيرة الذاتية» في حوارية بمجمع ليبيا للدراسات المتقدمة ببنغازي
- سرقة كتب روسية نادرة تعود للقرن التاسع عشر من مكتبة بولندية

وأضاف اقصودة أن بولندا ساهمت في عديد المشاريع التنموية والخدمية والاستشارية فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، مشيرا إلى تواجد علماء الآثار البولنديين منذ العام 1998، كذلك تحدث عن التعاون بين قسم الآثار بجامعة وارسو ومصلحة الآثار الليبية وأنه بموجب اتفاق العام 2003 حصل البولنديون على حقوق حصرية لإجراء أعمال التنقيب في منطقة طلميثة القديمة شرق مدينة بنغازي، ومع بداية عمليات الحفر العام 2010 حقق البولنديون نتائج مبهرة، وعقدت ورش عمل لعلماء الآثار الليبيين في معهد الآثار التابع لجامعة وارسو.

إبحار في المكتبة البولندية 
وأردف المحاضر أن هذا التاريخ دفعه أثناء دراسته ببولندا إلى الإبحار في أرفف مكتباتها وأهمها المكتبة الوطنية البولندية التي تأسست 1928 ومكتبة جامعة وارسو التي تأسست 1916، ثم ألهمته الببلوغرافيا البولندية إلى البحث في أرشيف الصحف والدوريات التي يرجع تاريخها في مكتبة وارسو إلى العام 1947، وقد وجد في هذه الببلوغرافيا إشارات مهمة عن ليبيا.

وقال د. اقصودة «دفعتني الببلوغرافيا البولندية للبحث داخل محتويات الصحف والدوريات باعتبارها جزءا من الببلوغرافيا الوطنية البولندية، وتضم الببلوغرافيا البولندية الصحف والدوريات البولندية مجموعة من الموضوعات المتصلة بليبيا ففيها تعرّف بالإنتاج الفكري والأدبي وبالمؤلفات الليبية في عدة مناسبات فتغطي موضوعات مهمة تاريخية وسياسية واقتصادية وثقافية منشورة باللغة البولندية».

وتحدث المحاضر عن أصول الاستشراق في بولندا واهتمامه بالإسلام وما يخص ليبيا أيضا، مشيرا إلى أن الاستشراق له جدواه غير إن الاستشراق المعاصر جاء عقب استقلالها العام 1918، وافتتاح اول كرسي للدراسات العربية في العام 1919 حيث تنوعت دراسات الاستشراق ما بين الأدب العربي القديم وكذا موضوعات عن الإسلام.

وفيما يخص ليبيا أشار اقصودة إلى أن كتاب «الرحالة والمكتشفون البولون» الصادر في وارسو العام 1988 يذكر أن ليبيا كانت مقصد الرحالة الباحثين عن المغامرات ومن بينهم البولنديون، وجاءت إشارة إلى بعض مواقف تعرض لها هؤلاء الرحالة أوردها الكاتب الليبي محمد الأسطى في مؤلفه «ورقات مطوية» الصادر عن الدار الجماهيرية 1983.

شاعر طوارئ الطبيعة 
وتوقف المحاضر عند محطات في الأدب الليبي المعاصر رصدت في المكتبات البولندية ضمن كتاب «الأدب العربي المعاصر في القرنين التاسع عشر والعشرين» الصادر العام 1989 بوارسو أشارت فيه المؤلفة إلى الحركة الشعرية وتياراتها التي صنفتها إلى مدرستين: تقليدية تطورت من منتصف القرن التاسع عشر حتى القرن العشرين، وحداثية بدأت مع الخمسينات تخلص فيها الشعر من أساليب التصوير التقليدية، إضافة إلى أنواع أخرى كالشعر الغنائي المرتبط بنمو المدن الليبية واتجاهاته للموضوعات السياسية والاجتماعية، فيما ترجع الكاتبة تأثير المدرسة التقليدية وصعودها للشعراء أحمد الشارف، وأحمد رفيق المهدوي، وإبراهيم الأسطى عمر. 

وتناول الإصدار شعراء التيارات الذهنية وأبرزهم علي صدقي عبدالقادر وعلي الفزاني ومحمد الفيتوري حيث يأخذ الشعراء موضوعاتهم من الواقع لكنهم يصيغونها في إطار فلسفي لا يخضع لقواعد الشعر التقليدية، وتنتهي المؤلفة بآخر ممثل لهذا الجيل، بحسب تعبيرها، وهو الشاعر الجيلاني طريبشان الذي تصفه بـ«شاعر طوارئ الطبيعة» من واقع إشارته في نصوصه لشكل الأمواج والبحر. 

القصة والمسرح وقضايا الواقع 
وفي جانب القصة يذكر الكتاب أسماء منها زعيمة الباروني، وعبدالقادر أبوهروس، وعلي مصطفى المصراتي وتميزت كتابات المصراتي بنقدها للتخلف الاجتماعي باستخدام أسلوب السخرية تحت إطار الواقعية الاجتماعية.

 ثم يأتي في سياق السرد القصصي كتابات كامل المقهور ويوسف الشريف وخليفة حسين مصطفى وأحمد إبراهيم الفقيه، وإبراهيم الكوني الذي قضى زمنا في بولندا ترأّس حلال الفترة التي قضاها هناك مجلة الصداقة الصادرة عن جمعية الصداقة الليبية البولندية، وتمثل أشهر الكتاب الليبيين. 

ومن جانب آخر تشير الكاتبة البولندية إلى الحركة المسرحية واتجاهها إلى معالجة قضايا الواقع المعاش، يمثلها في شقها الدرامي الأزهر الغناي، وعبدربه أبوبكر حميد، وعبدالكريم الدناع، وفيما يخص الدراما السياسة يأتي ذكر عبدالحميد المجراب، وفرج قناو إضافة إلى الدراما التجريبية التي تتجه إلى شيء من عوالم غير واقعية تستخدم كمرموزات وإسقاطات على الحياة الواقعية ومحاولة الربط بين القضايا الوطنية على المستوى المحلي والعربي منها نصوص لكتاب شباب كالبوصيري عبدالله، وعلي أبوزقية، والكيلاني عون.

الباحث الدكتور أبوالقاسم اقصودة أثناء إلقاء المحاضرة في 8 مايو 2024 . (بوابة الوسط)

جانب من المتابعين لمحاضرة د. أبو القاسم اقصودة في 8 مايو 2024 . (بوابة الوسط)