في مطلع السبعينيات رافق الفنان المغربي أحمد الشرقاوي صديقه الناقد الفرنسي «بيار غوديبير» في رحلته الأولى إلى المغرب، فدعاهما الفنان حسين طلال لزيارة مرسمه وتذوق الكسكس الذي أعدته أمه، التي لم تكن في ذلك الوقت الرسامة الشهيرة «الشعيبية طلال».

الناقد الفرنسي «بيار غوديبير» مكتشف الفنانة «الشعيبية طلال»
حينها استأذنت، بخجل أثناء جلسة الشاي، أن يطلِع الناقد الكبير على بعض الرسومات التي خربشتها بأصابعها، على قصاصات الورق المقوى، مستخدمة، بسرية، بقايا ألوان ابنِها. شعر الابن بالحرج، لكن «غوديبير» تملكه فضولٌ كبير. ففحص مطولا هذه التركيبات البدائية، التي تستلهم أنماطا من السجاد المحلي.

 « ستكون فعلا رسامة رائعة للغاية»
تلخص رد فعل الناقد التشكيلي الفرنسي «بيار غوديبير» على طلب الفنانة المغربية، بما قاله لابنها الفنان حسين طلال، وكان كالتالي: «تمكنتْ والدتُك من إنجاز هذا الفن الخام، الذي لم يدركه «بيسيير» إلا في شيخوخته، لكنْ كُنْ حذرا، ربما يكون مجرد مصادفة سعيدة. دعها تستمر في الرسم حسب مزاجها، لكنني أحذرك من توجيهها أو التأثير عليها. إذا تابعتِ العمل في غضون ثلاثة أشهر، بالعفوية نفسِها، ستكون فعلا رسامة رائعة للغاية». وصدقت النبوءة، وبالفعل دعاها العام 1966 مقتنعا بموهبتها للمشاركة في صالون فني في «متحف الفن الحديث» في باريس. ومنها انطلقت كامرأة فنانة شجاعة، وفي فترة وجيزة، أصبحت محترفة تعيش من عائدات لوحاتها، حتى أن الكاتبتين المغربيتين الكبيرتين (زكية داود) و(فاطمة المرنيسي) شهدتا لها بذلك.

«إنني أفعل ما يجب علي فعله بجدية»
كانت الفنانة التشكيلية «الشعيبية طلال» سنة 1972 مجرد امرأة أمية، عملتُ خادمة، نظفت الغسيل، قامت بالأعمال المنزلية. ولكنها كانت، مثلما قالت «إنني أفعل ما يجب علي فعله بجدية»، وأن لديها إحساسا قويا للغاية بأنه يجب أن تنحت في مكانٍ ما... «لأنها كانت تعلم أنها في طريقها إلى شيء ما...». وتحولت في النهاية من أرملة فقيرة إلى واحدة من أيقونات الفن الشعبي، ومن أبرز تشكيليي «فن الرغبة الخام». ومنذ 1971، أدرج اسم الفنانة الشعيبية طلال، في قاموس «لاروس» الفرنسي للفن. وفي العام 1977، دخلت موسوعة «بينزيت» المرجعية. الفنانة «الشعيبية طلال» ولدت العام 1929 في قرية اشتوكة في مدينة أزمور بالمغرب، وتوفيت بالغرب العام 2004.