من المعروف أن الإبداع يشكل الجانب الروحي من حضارة المجتمعات البشرية وهو انعكاس جمالي لمجمل الواقع الاجتماعي والثقافي، وحينما يتوفر الحراك الثقافي والفني بمعناه الصحيح، فإن ذلك سيكون دافعا لنشوء حركة نقدية، يمكن لها أن تتطور، لتصبح نشطة.
غير أنه يحذر من خطورة أن تخترق المجاملات هذه الحركة، فتفسد العمل الإبداعي والنقد في آن واحد، حيث أصبح تعزيز دور الناقد في المجتمع أمرا ضروريا الآن، فلا تقدم لأي مجتمع دون حركة نقدية واسعة النطاق تؤسس للعقل النقدي وتصنع ربيع الفنون والآداب والفكر.
فالفوضى التي تسود حقوله المختلفة، أتاحت الفرصة لغير المتخصصين في هذا المجال لإغراق الساحة الثقافية بأعمال لا ترقى للنشر، وتجرأ عدد غير قليل من يرون أنفسهم من الروائيين وكتاب القصة ليس فقط على قواعد اللغة وجمالياتها وفن الرواية والقصة، بل تجرؤوا أيضا على قيم المجتمع وأخلاقياته وآدابه.
الخطر الأدبي
وهذا الأمر ترتب عنه الانفلات في كل الاتجاهات دون أي مقاربات مقنعة لمجمل الظواهر المتعلقة بالكتابة الروائية، فضلا عن المجاملات لعديد الأدباء والمهتمين والمتابعين للساحة الأدبية والثقافية وللترويج لهذه الظاهرة، وباتت المصالح الشخصية تلعب دورا كبيرا في هذه المجال، وسرعان ما نتفاجأ بتلك العبارات الرنانة، المبدع، العظيم، حيث باتت الساحة الثقافية مزدحمة بالذين يعاملون كمبدعين ونجوم، مؤكدة أن هذا الخطر الأدبي يودي بالكاتب إلى الهاوية.
ومما لا شك فيه أن مرد ذلك سيكون سلبا على المشهد الثقافي بكل مجالاته وتجلياته، كمؤشر خطر يهدد مسيرة المنتج الإبداعي والمبدع ذاته، وفي هذا السياق ينبغي أن نشدد على أهمية الارتقاء بالمنتج الإبداعي الذي نتطلع إلى بلوغه ويمثل ثقافة الفرد والمجتمع في هذا العصر، والذي نشعر بمدى حاجتنا إليه وبدوره يحرك سكون الفكر الراكد ويبحث عن صور ومشاهد للحياة أكثر دقة وشفافية مما عليه الآن، عندها فقط بالإمكان أن تجد الثقافة النقدية حضورا قويا بل ومبهرا أيضا بما ينعكس على العمل الإبداعي، من ثم يسهم في تطور المشهد الثقافي والاجتماعي.
تعليقات