Atwasat

الأنشطة الفنية والثقافية تعود إلى بغداد بعد طول غياب

القاهرة - بوابة الوسط الثلاثاء 07 ديسمبر 2021, 05:10 مساء
WTV_Frequency

تنبض ضفاف نهر دجلة في بغداد مجددا بالمهرجانات المسرحية والموسيقية ومعارض الكتب والأعمال الفنية، معيدة إحياء أشكال الثقافة التي أفتقدها العراق منذ عقود بفعل الحروب.

ولم يمض شهر على افتتاح «ذي غاليري» على مقربة من صالة ألعاب رياضية ومقهى شبابي حديث، حتى بات هذه القاعة الفنية مقصدا للمهتمين، إذ يتوافد العشرات لمشاهدة لوحات المعرض الذي أقامه الفنان العراقي الكندي رياض غنية إكراما لوالدته الراحلة «غنية»، وفق «فرانس برس».

ويقول هذا الفنان ذو الشارب الرفيع وهو يرتدي بدلة سهرة سوداء، إن «غنية هي الأم وهي الوطن وهي الأحداث التي مرت بالعراق» وتابع «غنية عانت كل المراحل التي مر بها العراق من حروب وحصار وجوع وانتكاسات وتغيرات في المجتمع». وأضاف هذا الفنان الذي عاد إلى بغداد العام 2011 «لم أجد عند عودتي غنية ولا الوطن الذي غادرته»، في إشارة للأحداث التي عاشها العراق وخصوصا العاصمة بغداد.

وعادة ما تتصدر العاصمة العراقية عناوين الصحف الأجنبية ونشرات الأخبار الدولية بأحداث العنف ومواجهات مسلحة أو توترات سياسية.

وشهد العراق عقب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لإسقاط نظام صدام حسين العام 2003 سنوات قاسية عرف خلالها موجة عنف طائفي بلغت ذروتها بين العامي 2006 و2008، أعقبتها هجمات إرهابية نفذها تنظيما القاعدة والدولة الإسلامية.

رغم ذلك، تسجل خلف الكواليس نهضة خجولة تذكر بالعصر الذهبي لبغداد التي كانت لسنوات طويلة مركزا للثقافة والإبداع الفني للعالم العربي.

وتشهد بغداد اليوم نشاطات بينها افتتاح صالات فنية وإقامة عروض مسرحية وسينمائية ومهرجانات، تجذب كل مساء حشودا من المتحمسين لاستعادة ما فقدوه. فخلال الأسابيع القليلة الأخيرة، أقيم مهرجان بابل للمرة الأولى بعد انقطاع دام نحو عقدين، واحتضنت العاصمة العراقية كذلك حفلات غنائية بينها للفنانة اللبنانية إليسا.

علاج نفسي
ويعترف أمير، وهو صيدلي في الخامسة والعشرين يعمل في مستشفى حكومي، بأن طفولته كانت عبارة عن «حروب، من العام 2003 حتى داعش»، في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية الذي هزمته القوات العراقية نهاية العام 2017. وأضاف «جميل أن ينفتح العراق أخيرا على الفنون والثقافة والغناء»، بعدما كان «الاهتمام بها معدوما».

ورغم خبرته المحدودة في الرسم، إذ تقتصر هواياته على السينما والأفلام القصيرة للمخرج كريستوفر نولان، يمعن الشاب النظر في لوحات الفنان غنية، ويقول «آتي هنا للاسترخاء، أعالج نفسي بالفن من ضغط حياتنا اليومية». وأضاف «الناس يبحثون عن متنفس وتغيير حالهم اليومية، للخروج من جو التوتر السياسي».

ويعيش العراقيون دوامة أزمات لا تنتهي، من انتشار فيروس «كورونا» إلى الاحتجاجات المناهضة للسلطة العام 2019، إلى التشنجات السياسية.

وتلاحظ مديرة قاعة «ذي غاليري» نور علاء الدين إن «الناس مهتمون ومتعطشون للفن ويعتبرونه متنفسا». وتضيف «من حقنا كأي بلد آخر أن نمتع الناس بالفن الموجود لديهم».

وتعتمد النشاطات الفنية في العراق الغني بثرواته النفطية على مبادرات فردية ودعم مؤسسات ثقافية أجنبية.

اغرورقت أعيننا بالدموع
ومن المؤشرات الكثيرة على عودة الروح إلى الحياة الثقافية في بغداد اليوم، إقبال الآلاف بعد منتصف نهار أحد أيام نوفمبر الماضي على حضور الدورة الثامنة من مهرجان الكتاب التي حملت شعار «أنا عراقي.. أنا أقرأ»، ووزعت خلالها مجانا ثلاثون ألف نسخة في الأدب والفلسفة واللغات الأجنبية.

وينتمي الزوار الذين حضروا بكامل أناقتهم إلى فئات عمرية مختلفة، وتولى متطوعون مساعدتهم في الحصول على طلباتهم، فيما صدحت أغنيات وموسيقى من الفلكلور العراقي تخللها عزف على العود والسنطور، مشيعة أجواء من البهجة.

وعلى النحو نفسه، بدت الحماسة واضحة لدى من توافدوا لحضور الدورة الثانية من «مهرجان المسرح الدولي» الذي نظمته وزارة الثقافة نهاية شهر نوفمبر.

ويقول مدير مسرح الرشيد علي عباس، بحماسة «في الأيام الأولى، كانت الصالة تغص بالجماهير والمقاعد لم تكف».

وتضمن المهرجان عروضا مجانية أدتها فرق من مصر وتونس وألمانيا وإيطاليا، وأخرى لفنانين عراقيين بينهم المخرج أنس عبدالصمد الذي قدم مسرحية «نعم غودو».

ويلاحظ عباس أن «الفارق كبير» عما كان عليه في بداية مشواره المسرحي العام 2007، مؤكدا أن «الوضع مختلف جذريا الآن». ويروي قائلا «في تلك المرحلة العام 2007 لم يكن الوضع مستقرا، وكنا نحن العراقيين حتى نخاف من الخروج إلى الشارع». ويضيف «لم يكن ممكن رؤية وفد ألماني أو إيطالي أو عربي».

بين الأجانب المشاركين في المهرجان، الفنان الألماني هانو فريدرشون (55 عاما) الذي يشارك للمرة الأولى في عروض مسرحية ببغداد، ويقدم عملا بعنوان «تيل» مقتبسا من رواية عن الفلكلور الأوروبي وحرب الثلاثين عاما في أوروبا خلال القرن السابع عشر.

ويشير هذا الفنان إلى أن ثمة من قال له «لا تذهبوا، فهناك خطر». ويتحدث عن تجربته مع الجمهور العراقي، قائلا «صعد الناس إلى خشبة المسرح وقبلونا وقالوا إنهم لم يشاهدوا مثل هذا العرض من قبل، شعرنا بقشعريرة واغرورقت أعيننا بالدموع».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
انطلاق الدورة 33 من معرض الدوحة الدولي للكتاب بمشاركة ليبية
انطلاق الدورة 33 من معرض الدوحة الدولي للكتاب بمشاركة ليبية
يعتبرها علم الأعصاب مستحيلة.. فنانة ترسم 10 لوحات بيديها وقدميها في وقت واحد
يعتبرها علم الأعصاب مستحيلة.. فنانة ترسم 10 لوحات بيديها وقدميها ...
اختتام المؤتمر الدولي حول ترجمة معاني القرآن الكريم
اختتام المؤتمر الدولي حول ترجمة معاني القرآن الكريم
مهرجان «كان» تحية قد تكون الأخيرة لمخرجي «هوليوود الجديدة»
مهرجان «كان» تحية قد تكون الأخيرة لمخرجي «هوليوود الجديدة»
جائزة فخرية للأسترالي بيتر وير مخرج «ذي ترومان شو» في مهرجان البندقية
جائزة فخرية للأسترالي بيتر وير مخرج «ذي ترومان شو» في مهرجان ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم