Atwasat

انحسار العمى والصمم في معاقل النفوذ الصهيوني

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 05 مايو 2024, 11:54 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

ما من شك في أن الحدث الإعجازي الذي اجترحته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023 ضد الكيان العنصري الصهيوني المدعوم من القوى الإمبريالية الكبرى، قد ترتبت عنه عدة نتائج:
1- إعادة القضية الفلسطينية، بعد أن دُفِنت تقريباً، إلى الواجهة العالمية.
2- أعيد طرح حل الدولتين (وهو في تقديرنا مستحيل الحدوث).
3- ما ارتكبه الكيان الصهيوني، ويرتكبه الآن، من جرائم الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين والتدمير الشامل لمقومات الحياة في قطاع غزة، أحرج بعض الأنظمة الإمبريالية بحيث صارت تعلن عن «قلقها» إزاء ما يجري. 
4- أيقظ الضمير الإنساني العام بعد أن خبا أو كاد.
وتعنينا في هذا المقال النقطة الأخيرة.

فرغم أن ما نسميه «الضمير الإنساني العام» لم ينعدم تماماً في اعتقادنا، إلا أن هذا الحدث نبهه واستفزه واستنفره. وأهم ما في الأمر أن هذا الاستنفار يجري ضمن قوى عالم الإمبريالية، حيث معقل النفوذ الصهيوني وحيث العمى والصمم المهيمنين المانعين من رؤية جرائم وبشاعات الكيان الصهيوني العنصري والسماع بها.
والنقطة الأبرز في هذا الاستنفار أنه يتركز بين شباب الجامعات (ومن بينهم يهود) في أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وهولندا وأيرلندا وكندا. أي في أجيال المستقبل.
هذا المزاج الجديد بين الشباب يدل، ليس على مستقبل النظرة إلى هذا الكيان العنصري فحسب، وإنما على مستقبل وجوده كنظام عنصري بالأساس.
 
 الحراك الشبابي القوي الجاري هذا، اضطر الحكومات الإمبريالية في هذه البلدان إلى أن تتخلى عن أهم مبادئ الديموقراطية، وهو حرية التعبير السلمي عن الرأي، والتدخل لفض اعتصامات الطلبة داخل حرم الجامعات بالقوة واعتقال أكثر من ألفي طالب في أميركا ممن شاركوا في هذه الاعتصامات الجامعية، كما قامت إدارات بعض الجامعات هناك بفصل بعض الطلبة والأساتذة في السياق ذاته. وقد علق المفكر والمؤرخ اليهودي الأميركي (ابن أبوين ناجيين من المحرقة) المعادي لإسرائيل نورمان فنكلستاين واصفاً هؤلاء الشباب بأنهم يضحون بمستقبلهم في سبيل نصرة غزة.

وإذن، فإن ما يقترفه الكيان الصهيوني العنصري من شناعات غير مسبوقة عبر التاريخ ضد الشعب الفلسطيني قد ارتد على مجتمعات وشعوب الدول الإمبريالية الداعمة له ذاتها وأصاب جوهر الديمقراطية في مقتل، وأعتقد أن هذا الحال لن يستمر طويلاً.. فهذا الضمير الإنساني العام المستنفر سيؤدي إلى معالجة علل الديموقراطية لتحوز جوهرها الإنساني الحقيقي.