أوصى تقرير أوروبي صناع السياسة في الاتحاد الأوروبي إلى إظهار اهتمام أكبر بمبادرة الحوار الوطني التي أطلقها نجل ولي العهد إبان الحكم الملكي في ليبيا محمد السنوسي، بدلا من تكرار الخطأ نفسه، بينما تجد ليبيا نفسها مرة أخرى على مفترق طرق.

وعدّد المرصد الأوروبي «لوبسيرفتوار دو لوروب»، في تقرير له، المسارات التي أوصلت ليبيا إلى «طريق مسدود» بسبب انعدام الأمل في إقناع أطرافها السياسية بإجراء الانتخابات، التي من المتوقع أن تتسبب في فقدهم السلطة والمزايا المالية.

مبادرة السنوسي للحوار الوطني
وأشاد المرصد بالمسار الآخر الأكثر عقلانية الذي يتلخص في دعم الحوار الوطني الجديد بقيادة ليبيا الذي أطلقه أخيرا محمد السنوسي، الوريث الشرعي للتاج السنوسي في ليبيا، لكسر الجمود السياسي.

- السنوسي ينتقد مبادرات المجتمع الدولي ويقترح رؤية لتقليل الصراع على السلطة
- الأمير محمد السنوسي يدعو إلى الاستفادة من المرجعية الدستورية لإعادة الوحدة والتوافق (فيديو)
- الأمير محمد السنوسي: الانتخابات دون ضوابط دستورية مضيعة للوقت (فيديو)
- السنوسي يقترح وساطة العائلة الملكية السابقة بين ثلاث دول
- السنوسي: فشل المبادرات السياسية بسبب تجاهل التاريخ الليبي

ويرى المرصد أن هذا الحوار الوطني الجديد، الذي يرتقي فوق المصالح الضيقة لإعادة توحيد ليبيا المنقسمة، يتسارع ويستحوذ على قلوب وعقول جميع الفصائل.

ويوضح أن هذا هو الطريق الواقعي الوحيد بتجسيده رؤية وطنية تتمحور حول الشمولية والشرعية والحكم الديمقراطي والهوية الوطنية، بينما يتوقع الليبيون دعما نشطا من أوروبا لهذا الأمل الجديد لليبيا.

تأثير الأزمة الليبية على أوروبا
ويقول التقرير الأوروبي إن الفوضى التي تعيشها ليبيا لها أيضاً تأثير على مستقبل الاتحاد الأوروبي، حيث كانت إخفاقات السياسات منذ العام 2011 واضحة، ولا لبس فيها، ما ترك ليبيا في حالة من الفوضى.

وحسب المرصد الأوروبي، فإن العواقب المترتبة على أوروبا كبيرة، بدءًا من انعدام الأمن على جانبها الجنوبي الذي شهد ظهور عناصر مزعزعة للاستقرار، إلى زيادة الهجرة غير النظامية نحو القارة، حيث شهد العام 2023 وفاة 2200 مهاجر خلال محاولتهم الوصول إلى السواحل الأوروبية. كما فقدت أوروبا فرصة تعويض انعدام أمن الطاقة عبر ليبيا، لما تملكه من احتياطيات ضخمة مؤكدة تصل إلى 48 مليار برميل نفط، ما يمثل أكبر احتياطي في شمال أفريقيا.

وعلى الرغم من أن بعض الدول كانت أكثر التزاما من غيرها، فمن الواضح أن أوروبا ليست لديها ببساطة رؤية متماسكة لمستقبل ليبيا.

مبادرة السنوسي للحوار الوطني
وخلال إحياء عيد الاستقلال العام 2023، ألقى السنوسي خطابه السنوي، الذي أصبح بالنسبة للكثيرين من أبرز الأحداث في البلاد، وفق التقرير الأوروبي.

وأضاف التقرير: «بينما كانت كلماته في السنوات السابقة تهدف قبل كل شيء إلى إعطاء القوة والأمل لمواطنيه، إلا أنه فعل ذلك هذا العام بطريقة أكثر واقعية، حيث أعلن إطلاق حوار وطني جديد»

وتابع: «على عكس جميع المبادرات السابقة، فإن هذا الحوار يقوده الليبيون، ويستند إلى القاعدة الشعبية، بقيادة محمد السنوسي»، مكملا: «مع إعلان قائمة من الليبيين الذين سافروا لمقابلته في عواصم عدة حول العالم، فإن مدى شمولية هذا المشروع حقا هو أمر مميز».

مبادرة السنوسي فرصة للقادة الأوروبيين
ونصح المرصد بالنظر إلى الحوار الوطني الجديد في ليبيا باعتباره فرصة للقادة الأوروبيين لكي يكون لهم في النهاية تأثير إيجابي على البلاد.

وأشار إلى أن التدخلات الأجنبية حتى الآن شكلت سببا في عدم الاستقرار في ليبيا، وكان لتنافس المصالح الخارجية، خاصة بين الدول الأوروبية، دور في تأجيج نيران الخلاف الداخلي، مشددا على الحاجة إلى نقلة نوعية، خاصة بين الدول الأوروبية، لدعم الحوار الوطني الجديد الذي أطلقه السنوسي، وهو نهج محلي لتحقيق الاستقرار والتقدم في ليبيا الذي بدأ يتجذر، ويمتلك المقومات اللازمة للنجاح.

لذا يتعين على صناع السياسات الأوروبيين أن يُظهروا اهتماماً نشطاً بهذه المبادرة الجديدة بدلاً من الرجوع، مراراً وتكراراً، إلى صيغ الماضي الفاشلة.