اقتربت واقعة احتجاز عضو المجلس الوطني الانتقالي سابقا فتحي البعجة وزميليه لدى جهاز الأمن الداخلي في بنغازي من إتمام أسبوعها الأول، وسط استمرار الصمت الرسمي من الجهات المعنية في شرق البلاد حول مصير البعجة، أو تحديد التهم المنسوبة إليه.

جاء ذلك في حين أكد مصدر قضائي ليبي أنه لا علاقة للنيابة العامة بواقعة توقيف البعجة، وزميليه الناشطين السياسيين طارق البشاري وسراج دغمان، ولا بأي تحقيق يجرى معه. وذكر المصدر، في اتصال بـ«بوابة الوسط»، الخميس، ردا على ما تداولته بعض وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي بالخصوص، أن النيابة العامة لا يوجد لديها أي ملف قضائي يتعلق بالبعجة.

ومنذ احتجاز البعجة، الأحد، لم يصدر أي بيان رسمي من الجهات الأمنية في بنغازي، بينما روى أصدقاء الأستاذ الجامعي لـ«الوسط» أنه استُدعي من قِبل جهاز الأمن الداخلي ظهر الأحد، وجرى احتجازه هناك. وحسب المصادر نفسها، فقد أوقف جهاز الأمن الداخلي الناشطين السياسيين سراج دغمان وطارق البشاري، زميلي البعجة، على خلفية نقاش جرى خلال ندوة حول تداعيات كارثة انهيار سدي درنة، نظمها في بنغازي مركز الدراسات الإستراتيجية والمستقبلية.

تولى فتحي البعجة رئاسة لجنة السياسات العامة بالمجلس الوطني الانتقالي إبان ثورة السابع عشر من فبراير، وسبق أن شغل أيضا منصب سفير ليبيا في كندا حتى العام 2016، ويرأس حاليا المكتب السياسي لحزب «ليبيا للجميع».

استدعاء «البعجة» لجهاز الأمن الداخلي في بنغازي
ويقول مركز ليبيا للدراسات الإستراتيجية والمستقبلية أن استدعاء البعجة وزميليه إلى جهاز الأمن الداخلي جاء على خلفية «تقرير مفاده أنهم اجتمعوا بمقر المركز في بنغازي بنية إحداث تغيير يقود إلى إسقاط الجيش»، واصفا في بيان بالخصوص الاتهام بأنه «لا صلة له بالحقيقة»، وموضحا أن الاجتماع كان لبحث الوضع العام في ليبيا إثر الفيضانات التي شهدتها مدينة درنة وباقي مدن الجبل الأخضر، و«هو وضع لا يمكن لأي أحد أن ينكر خطورته ومأساويته، أو يتغاضى عن الأخطاء الجسيمة التي أدت إلى هذه الخسارة الكبيرة في الأرواح»، حسب البيان.

وتحدث عدد من السياسيين والحقوقيين لـ«بوابة الوسط» عن هذه الواقعة، ومنهم عضوة ملتقى الحوار الوطني، الزهراء لنقي، التي اعتبرت أن «هذا الاحتجاز جزء من تشديد قبضة الأمن بشكل عام، بعد انهيار السدين، والاحتجاجات الغاضبة ضد الفساد المستشري والتقصير والإهمال الذي ظهر من قِبل المسؤولين، وابتعادهم عن المساءلة»، واصفة ما حدث بأنه «محاولة مسبقة لكبح الأصوات، ومنعها من الارتفاع والمطالبة بالحوكمة الصالحة والشفافية والمساءلة».

وخلَّفت الفيضانات الناجمة عن العاصفة «دانيال» في 10 سبتمبر الماضي آلاف الوفيات والمفقودين، وأدت إلى نزوح أكثر من أربعين ألف شخص بعد انهيار سدي درنة، وفق تقديرات محلية ودولية. وبعد 9 أيام من وقوع الكارثة، انقطعت الاتصالات عن مدينة درنة المنكوبة، وتلقى صحفيون أوامر بمغادرتها، ولم يسمح لفريق إغاثة من الأمم المتحدة بالذهاب إليها، وهو ما اعتبرته وكالة «رويترز» محاولة من السلطات في شرق البلاد لاحتواء حالة من الغضب العارم بسبب الإخفاق في منع وقوع أسوأ كارثة طبيعية تشهدها ليبيا.

وتوالت موجة الإدانات المحلية، حيث طالبت أحزاب «ليبيا للجميع» و«المدني الديمقراطي» و«الاتحادي الوطني»، في بيان مشترك، بالإفراج الفوري عن المحتجزين الثلاثة، مستنكرة «جميع أشكال الاحتجازات والاعتقالات خارج الإطار القانوني باعتبارها انتهاكا صارخا للحقوق السياسية والمدنية، وجريمة لا يجوز تبريرها تحت أي ذريعة، وذلك وفقا لما نص عليه الإعلان الدستوري والقوانين الوطنية النافذة، ومبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقات الدولية الأساسية والعالمية المعنية بحقوق الإنسان».

نقابة المحامين تشكل هيئة الدفاع
في السياق نفسه، أعلن الحقوقي والنقيب الأسبق للمحامين محمد العلاقي، الخميس، تشكيل هيئة للدفاع عن كل من سفير ليبيا السابق لدى كندا فتحي البعجة، ورفيقيه طارق البشاري وسراج دغمان، المحتجزين لدى جهاز الأمن الداخلي في مدينة بنغازي.

- المنظمة العربية لحقوق الإنسان تدين اعتقال البعجة ورفيقيه.. وتدعو النائب العام إلى التدخل 
- مصدر قضائي لـ«بوابة الوسط»: لا علاقة للنيابة العامة بتوقيف واحتجاز البعجة وزميليه
- رئيس مركز ليبيا للدراسات يخاطب حفتر لتفنيد اتهام البعجة والبشري ودغمان
- العلاقي يعلن تشكيل هيئة للدفاع عن البعجة والبشاري ودغمان
- جريدة كندية: اعتقال البعجة لرفضه تسليم وثائق سرية عن «أصول القذافي» في كندا
- في رابع أيام احتجازه.. سياسيون وحقوقيون يدينون اعتقال فتحي البعجة
- «العفو الدولية» تستفسر من سفارة ليبيا بهولندا عن ملابسات اعتقال البعجة ورفيقيه

وخاطب رئيس مركز ليبيا للدراسات الإستراتيجية والمستقبلية، أسامة محمد عثمان الصيد، قائد قوات «القيادة العامة»، المشير خليفة حفتر، لتفنيد الاتهام الموجه إلى الأستاذ الجامعي فتحي البعجة والناشطين سراج دغمان وطارق البشاري، على خلفية الجلسة النقاشية التي نظمها المركز في مدينة بنغازي، مطالبا بإطلاق الثلاثة، واستعداده لتحمل أية مسؤولية في هذا الشأن.

عربيا، دانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، الجمعة، «اعتقال جهاز الأمن الداخلي في بنغازي الأستاذ الجامعي الدكتور فتحي البعجة، ورفيقيه طارق البشاري وسراج دغمان»، وذلك في إجراء خارج نطاق القانون. وأكدت المنظمة، في بيان، أن حرية التعبير حق من حقوق الإنسان السياسية الأساسية التي تحميها المواثيق الدولية والتشريعات اللليبية، داعية إلى إطلاق البعجة وزميليه على الفور. كما طالبت مكتب النائب العام بالتدخل، وذلك في إطار القانون، وما يرتبه من تبعية مأموري الضبط للنيابة العامة فيما يتعلق بممارسة أعمالهم.