Atwasat

البعثة الأممية تتفرغ لـ«إدارة» الصراع الليبي بدلا من حله

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الأحد 30 يوليو 2023, 10:41 صباحا
WTV_Frequency

أبقت الأمم المتحدة نفسها في «وضع الاستماع» منذ أشهر لقوى الأمر الواقع في ليبيا دون أن تتمكن من دفع الخصوم السياسيين إلى التوافق على قاعدة دستورية تنظم الانتخابات الرئاسية البرلمانية، في مسار يستنسخ التصرف بالطريقة نفسها المنتهجة قبل 12 سنة مع توقع التوصل لنتائج مختلفة.

مع تعيين الدبلوماسي السنغالي عبدالله باتيلي مبعوثًا للأمم المتحدة في ليبيا قبل نحو 10 أشهر، يردد كثيرون أن هذه هي الفرصة الأخيرة لليبيا للذهاب إلى صناديق الاقتراع، كآخر محاولة من مجلس الأمن لمواجهة أزمة الانقسام الداخلي في ليبيا، مواصلًا التركيز عن طريق الأدوات ذاتها على ضرورة انتخاب رئيس وبرلمان جديدين والذي يعتبره المجتمع الدولي مفتاحًا لحل تنازع الشرعية، مع أن الهيئات السياسية المتنافسة فشلت مرارًا في الاتفاق على إطار قانوني يؤدي إلى الانتخابات.

ومنذ 2011 مر على ليبيا أكبر عدد من المبعوثين الأمميين، فأرسلت الأمم المتحدة تسعة مبعوثين وهم الدبلوماسي الأردني عبدالإله الخطيب، والبريطاني إيان مارتن، واللبناني طارق متري، والإسباني برناردينو ليون، والألماني مارتن كوبلر، واللبناني غسان سلامة، وصولًا إلى الأميركية ستيفاني وليامز، والسلوفاكي يان كوبيش، والمبعوث الحالي عبدالله باتيلي.

ليبيا.. مصالح ضيقة
هذا العدد الكبير يوضح طبيعة المأزق السياسي في ليبيا الذي اصطدمت به بعثات الأمم المتحدة في البلاد، وهو ما أسفر عن غياب أي تقدم ملموس في ظل تشبث الفاعلين بالمصالح الضيقة فضلاً عن الخلافات الداخلية والخارجية.

وعلى خطى سابقيه، شخّص باتيلي بصراحة معضلة «فقدان الشرعية» بالنسبة للطبقة السياسية، خاصة مجلس النواب المنتخب في 2014 والمجلس الأعلى للدولة المنتخب في 2012، وهما هيئتان تشريعيتان تجري المراهنة عليهما في إنتاج القوانين الانتخابية، لكنهما استهلكتا وقتًا طويلًا للجلوس على طاولة المفاوضات دون التوصل إلى توافق شامل. ومع ذلك تضع الأمم المتحدة ثقتها مرة أخرى في هؤلاء لدفع المشروع السياسي إلى الأمام، تجنبًا لاتهامها بانتهاك السيادة والتدخل في صناعة القرارات الداخلية، ما حول مهمة البعثة الأممية إلى إدارة للصراع الليبي بدلاً من حله.

ورغم انتقاداته، لكن باتيلي يكرر اللقاءات مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري إلى جانب رئيس الحكومة الموقتة عبدالحميد الدبيبة وأعضاء المجلس الرئاسي وقائد القيادة العامة المشير خليفة حفتر، وقد بحث مع عقيلة، الإثنين، ملف الانتخابات وخارطة الطريق للمرحلة المقبلة وتشكيل حكومة موحدة. فيما سبق لممثل البرلمان الليبي أن هاجم مبعوث الأمم المتحدة قائلًا إنه «ليس حاكمًا على ليبيا لإصدار توصيات».

تصريحات سابقة لباتيلي
ورد عقيلة أيضًا على تصريحات سابقة لعبدالله باتيلي، بشأن انتهاء ولاية مجلس النواب بأن «الإعلان الدستوري ينص على أن مجلس النواب هو الجسم التشريعي الشرعي، والاتفاق السياسي يقول إن مجلس النواب هو الجسم الشرعي إلى حين انتخاب مجلس جديد».

بعد اعتماد «النواب» خارطة الطريق.. البعثة تحذر من «عواقب وخيمة» للمبادرات «أحادية الجانب»
بليحق: بيان البعثة الأممية تضمن «معلومات غير صحيحة»
مصر تدعم الحل الليبي - الليبي.. وتدعو إلى عدم «تجاوز» دور المؤسسات

وبرزت أول عقبة في طريق باتيلي حين اقترح في فبراير الماضي بعد أشهر من المشاورات مع مختلف الأطراف الليبية إنشاء لجنة تسييرية جديدة شبيهة بملتقى الحوار السياسي التي أنتجت المجلس الرئاسي الحالي وحكومة الوحدة وفشلت فشلًا ذريعًا في العام 2021، قبل أن يخيّب الآمال ويتراجع عن خطوة كانت ستنهي لعبة الكراسي بين مجلسي النواب والدولة في تقاسم السلطة والمناصب السيادية.

ويعترف باتيلي بأن القوانين الانتخابية المقترحة لم تحل القضايا الخلافية وليست كافية للسماح بإجراء انتخابات حيث كان يشير إلى مخرجات لجنة «6+6» التي أصدرت قوانين الانتخاب الرئاسية والبرلمانية في 7 يونيو الماضي عقب مفاوضات استمرت نحو أسبوعين في مدينة بوزنيقة المغربية.

فرض إملاءات في الشأن الليبي؟
لكن في آخر ردود الفعل، طالبت لجنة «6+6» البعثة الأممية بـ«التوقف عن محاولة فرض الإملاءات في الشأن الليبي ودعم خارطة الطريق المعروضة على مجلسي النواب والدولة، وخطوات توحيد المؤسسات عبر تشكيل حكومة موحدة، ودعم الإعداد للانتخابات». وقالت اللجنة إنها «تستغرب هذا الكتاب وتعبر أيضًا عن قلقها العميق إزاء حالة التخبط السائد بعمل البعثة الأممية في ليبيا».

أيضا هاجمت اللجنة البعثة واتهمت رئيسها عبدالله باتيلي بمحاولة تغليب طرف على آخر ما أسهم في تعميق الانقسام وتدهور الوضع الأمني واستمرار حالة الفساد، وفق ما أفاد بيان اللجنة. واعتبرت أن «البعثة لا تطالب فقط بتعديل القوانين بل بتعديل الإعلان الدستوري نفسه، وهي بذلك تريد إعادتنا خطوات للخلف كلما تقدمنا خطوات للأمام».

وفي هذا المناخ السياسي يستبعد خبراء أوروبيون إمكانية إجراء الانتخابات في ليبيا العام الجاري طالما استمرت خلافات الأطراف المعنية حول هذا الاستحقاق والترتيبات السياسية. وفي جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بمجلس الشيوخ الإيطالي، قالت خبيرة الشؤون الليبية بمجموعة الأزمات الدولية كلوديا غازيني «بما أن أصحاب المصلحة الليبيين لا يظهرون أي اهتمام حقيقي بإجراء الانتخابات ويستمرون في الاختلاف بشأن المتطلبات اللازمة للترشح في الانتخابات الرئاسية، فإن هناك حاجة إلى إعادة التفكير في المسار».

غازيني دعت إلى الحاجة إلى البدء في التفكير في أدوات جديدة وأهداف جديدة محذرة من تصاعد التوتر بين الفصائل الليبية وخطر اندلاع حرب جديدة.

وليامز والأزمة السياسية
وبالعودة إلى أسباب فشل الحلول الأممية لحد الآن، فإن المستشارة الأممية السابقة ستيفاني وليامز، التي غادرت منصبها في 30 يوليو 2022، قدمت في مقال لها الأسبوع الماضي جزءًا من الأسرار.

وليامز أكدت أن العوامل التي شكّلت الأساس الذي جرى على أساسه تصميم عملية برلين لا تزال قائمة، ومنها قرارات مجلس الأمن الذي وصفته بـ«عديم الفعالية».

وهاجمت وليامز النخبة الحاكمة في ليبيا وقالت بأنها «تميل نحو مقايضة سيادة بلادهم بثمن بخس». وتابعت أن خلفاء القذافي السياسيين والعسكريين ممن وصفتهم بـ«حديثي العهد في الساحة العالمية»، حاولوا الموازنة «بشكل مخجل» بين الشأن الداخلي والشأن الدولي، مستمتعين بالسياحة السياسية وساعين في عواصم الدول الأجنبية وراء الشرعية التي فشلوا في الحصول عليها من مواطنيهم.

وقالت وليامز إن«نهج المعاملات هذا، الذي يتّسم بالمصلحة الذاتية والانتهازية، يتناقض مع ولاية الأمم المتحدة التي تستهدف تسهيل السلام، ومساعدة الشعب الليبي في إقامة حكومة تمثيلية، ومؤسسات خاضعة للمساءلة».

المستشارة الأممية السابقة لفتت إلى أن ما تضيع في كل هذه المكائد الدولية والإقليمية هي أصوات الشعب الليبي، ولا سيما 2.8 مليون شخص يواصلون الدعوة إلى إنهاء المرحلة الانتقالية التي استمرت 12 عامًا، من خلال إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية على أساس دستوري متفق عليه بالتراضي.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
3 ملفات صحية في مناقشات تكالة وأبوجناح
3 ملفات صحية في مناقشات تكالة وأبوجناح
جهاز الإسعاف: وفاة مواطن أثناء إنقاذه أطفالا عالقين جراء السيول في غريان
جهاز الإسعاف: وفاة مواطن أثناء إنقاذه أطفالا عالقين جراء السيول ...
غموض وتساؤلات حول كيفية تدخل النيجر لإعادة تشاديين من جنوب ليبيا
غموض وتساؤلات حول كيفية تدخل النيجر لإعادة تشاديين من جنوب ليبيا
«الجيش الأزرق» يتحدى الطقس السيئ ويعيد الكهرباء لمنطقتين بطرابلس
«الجيش الأزرق» يتحدى الطقس السيئ ويعيد الكهرباء لمنطقتين بطرابلس
تكالة يبحث مع بن قدارة خطط زيادة إنتاج النفط
تكالة يبحث مع بن قدارة خطط زيادة إنتاج النفط
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم