يحذر تقرير بريطاني من تداعيات انعدام الاستقرار السياسي المستمر في ليبيا على سوق الطاقة المحلي، لافتًا إلى التحديات العديدة بعيدة المدى التي تواجه قطاع النفط والغاز، وتؤثر بشكل ملحوظ على الإنتاج النفطي والصادرات.

ويؤكد التقرير الذي نشره موقع «إنرجي بورتال»، ومقره بريطانيا، أمس السبت، أن انعدام الاستقرار السياسي لم يعرقل فحسب تطوير الموارد الهيدروكربونية الضخمة لليبيا، لكنه تسبب كذلك في اضطراب الإنتاج النفطي والصادرات، مما تسبب في تراجع حاد بالعائدات النفطية، وتعميق الأزمة الاقتصادية.

تراجع الإنتاج النفطي
التراجع في الإنتاج النفطي كان أحد أبرز تداعيات الفوضى السياسية، حيث كانت ليبيا تنتج 1.6 مليون برميل يوميًا قبيل العام 2011، مما جعلها ثالث أكبر منتج للنفط في أفريقيا.

ومنذ وقتها، انهار الإنتاج النفطي إلى أقل من 200 ألف برميل يوميًا نتيجة الهجمات المسلحة المتكررة على البنية التحتية النفطية، وإضراب العمال، والخلافات السياسية على تقاسم الإيرادات النفطية.

وعلى الرغم من تعافي الإنتاج النفطي، حتى وصل إلى 1.2 مليون برميل يوميًا بالعام 2020، فإن انعدام الاستقرار السياسي المستمر جعل من الصعب الحفاظ على مستوى ثابت من الإنتاج.

خبير: الشفافية مقابل الاستثمار الأجنبي في النفط الليبي
إنتاج النفط الليبي يسجل مليونًا و222 ألف برميل
تقرير لـ«بلومبرغ»: تزايد نفوذ روسيا في ليبيا بورقة «فاغنر» وملف النفط
مؤسسة النفط تدعو الشركات العالمية لرفع «القوة القاهرة» عن عملياتها في ليبيا

الصادرات النفطية
كان لاضطراب الإنتاج النفطي تأثير سلبي كبير على القدرات التصديرية، مع الاستهداف المتكرر لموانى التصدير وأنابيب نقل النفط والغاز من قِبل الفصائل المتنافسة، الساعية لفرض سيطرتها على تجارة النفط المربحة.

ولفت التقرير إلى أنه خلال السنوات الماضية أغلق عدد من منشآت تصدير النفط الرئيسية في ليبيا بشكل موقت بسبب الحصار والهجمات المسلحة والتخريب، مما قوض قدرة ليبيا على تحقيق العائد المستهدف من مواردها الهيدروكربونية.

وتسبب تراجع الصادرات النفطية في انخفاض ملحوظ باحتياطيات النقد الأجنبية، مما فاقم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها ليبيا، وجعلها تعتمد بشكل أكبر على الدعم المالي الخارجي.

غياب الاستثمار في القطاع النفطي
في شأن آخر، يشير التقرير إلى أن غياب الاستثمار في قطاع النفط والغاز أحد التحديات الرئيسية التي تواجه هذا القطاع، مرجعا ذلك إلى الأزمة السياسية والأمنية المستمرة.

ونتيجة ذلك، تزايدت مخاوف شركات النفط الدولية، التي هرعت في السابق إلى ليبيا، للاستفادة من احتياطياتها النفطية الهائلة، من العودة للاستثمار هناك بسبب المخاطر المرتبطة بالعمل في بيئة متقلبة مثل ليبيا، على حد وصف التقرير.

وقد قلصت شركات النفط الدولية عملياتها في ليبيا أو انسحبت تمامًا منها، مما ترك مؤسسة النفط الوطنية أمام ضغوط متزايدة، للحفاظ على البنية التحتية النفطية وتطويرها.

ويقول التقرير: «غياب الاستثمار لم يؤد فقط إلى تعطيل نمو القطاع النفطي، بل أثار المخاوف بشأن الاستدامة طويلة الأجل لموارد ليبيا الهيدروكربونية».

التداعيات على أسواق النفط العالمية
يتطرق التقرير إلى تأثير الوضع في ليبيا على أسواق الطاقة العالمية، لافتا إلى أن مستويات الإنتاج غير المستقرة تسببت في تقلبات لأسعار النفط عالميًا.

ويوضح: «فقدان النفط الليبي من السوق يؤدي في بعض الأحيان إلى تقلص الإمدادات العالمية، مما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار، وإثارة قلق الدول الرئيسية المستهلكة للنفط».

ويضيف التقرير: «على الجانب الآخر، عندما يتعافى الإنتاج يسهم العرض الإضافي في إحداث وفرة في السوق، مما يؤدى إلى ضغط هبوطي على الأسعار. هذا التقلب جعل من الصعب على كل من المنتجين والمستهلكين التخطيط بفاعلية، مما أضاف عنصر عدم اليقين إلى سوق معقدة بالفعل».