اتهمت 11 منظمة دولية ومحلية بعثة تقصي الحقائق بالإخفاق في تحقيق العدالة في ليبيا، في وقت فشل فيه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في وضع معايير فحص واضحة للمستفيدين من المساعدة الفنية لتحسين وضع حقوق الإنسان، في ظل وجود عدد كبير من المسؤولين وأعضاء الميليشيات والجماعات المسلحة العاملين في مؤسسات الدولة.

وفي تقريرها الأخير والنهائي إلى مجلس حقوق الإنسان، وجدت بعثة تقصي الحقائق أسبابا معقولة للاعتقاد بأن الجرائم بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وغيرها من الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة لحقوق الإنسان «قد ارتُكبت وما زالت ترتكب من قبل جميع الأطراف في ليبيا مع الإفلات من العقاب»، وفق ما نقل بيان مشترك لـ11 منظمة حقوقية غير حكومية.

ومن المنظمات الموقعة على البيان، منظمة العفو الدولية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومنظمة «هيومن رايتس ووتش»، ولجنة الحقوقيين الدولية، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ومحامون من أجل العدالة في ليبيا، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب.

مجلس حقوق الإنسان يتجاهل نتائج بعثة تقصي الحقائق
وفي 4 أبريل تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القرار رقم «52» بشأن «المساعدة الفنية وبناء القدرات لتحسين حقوق الإنسان في ليبيا»، حيث كانت الجلسة «52» لمجلس حقوق الإنسان بمثابة نهاية ولاية بعثة تقصي الحقائق، حسب المنظمات.

ويتجاهل القرار النتائج التي توصلت إليها بعثة تقصي الحقائق، ويطالب فقط مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتقديم المساعدة الفنية وبناء القدرات للسلطات الليبية. ويأتي تبني القرار وسط حملة قمع متصاعدة على كل من الجماعات المدنية المحلية والدولية والمدافعين عن حقوق الإنسان في ليبيا، مما يعرض للخطر وجود الغالبية العظمى منها داخل البلاد، وفق البيان.

استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان في ليبيا
ووثقت المنظمات الموقعة على البيان استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان من خلال الاعتقال والاحتجاز التعسفيين والمحاكمات الجائرة، مما أدى إلى عقوبات طويلة في السجون. وفي هذا السياق، أشارت الهيئات إلى تعميم صدر بتاريخ 21 مارس 2023، وقال فيه مكتب رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية الموقتة إنه «ليس بإمكان المنظمات غير الحكومية المحلية والأجنبية الاستمرار في العمل إلا إذا صحّحت وضعها القانوني» بما يتماشى مع قانون العام 2001 المتشدد من عهد معمر القذافي.

- تقرير «تقصي الحقائق».. سويسرا تدعو ليبيا للتعاون مع المفوض السامي لحقوق الإنسان
- حكومة الوحدة الوطنية ترد على طلب «تقصي الحقائق» بآلية تحقيق دولية في الانتهاكات
- «الوطني للحريات» يطالب بآلية وطنية للتحقيق في نتائج بعثة تقصي الحقائق
- بعثة تقصي الحقائق تعلن إعداد قائمة بالمسؤولين المحتملين عن الانتهاكات في ليبيا
- محقق بـ«تقصي الحقائق»: الاتحاد الأوروبي «ساعد» و«حرض» على انتهاك حقوق المهاجرين في ليبيا
- منظمات حقوقية تنتقد تجاهل القرار الأممي إنشاء آلية تحقيق دولية في «الانتهاكات» بليبيا

ويركز القرار الصادر عن مجلس حقوق الإنسان بشدة على المساعدة الفنية وبناء القدرات، لكنه فشل في وضع معايير فحص واضحة للمستفيدين من هذه المساعدة، رغم «العدد الكبير من المسؤولين وأعضاء الميليشيات والجماعات المسلحة العاملين في مؤسسات الدولة الذين لم يجر فحصهم لاحتمال مشاركتهم في الجرائم الخطيرة بموجب القانون الدولي وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان أو التجاوزات».

إنشاء هيئة تحقيق دولية مستقلة
وعلى ضوء ذلك يوصي الموقعون على البيان مجلس حقوق الإنسان، على سبيل الاستعجال، بإنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة لضمان إجراء تحقيقات مستقلة، ورصد وإعداد تقارير والحفاظ على الأدلة المتعلقة بحالة حقوق الإنسان في ليبيا، لتمهيد الطريق للمساءلة في المستقبل.

كما دعوا المفوضية السامية لحقوق الإنسان المستقلة عن بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا إلى إنشاء آلية ذات ولاية مستمرة لرصد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا، والإبلاغ عنها بهدف دعم السلطات الليبية في جهودها لتحقيق العدالة والمساءلة.

وتوصي أيضا المنظمات المفوضية السامية لحقوق الإنسان بإنشاء مستودع مركزي للمعلومات والأدلة، وتوحيد وتحليل وتقييم جميع المعلومات والشهادات التي جمعتها بعثة تقصي الحقائق وآلية المفوضية السامية لحقوق الإنسان المذكورة، وتخزين هذه الأدلة بشكل آمن وبتوثيق واضح بهدف تمهيد الطريق لإجراءات جنائية مستقبلية ضد أولئك المشتبه في ارتكابهم جرائم، في حين تضمن أن الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في ليبيا محمية وقادرة على القيام بعملهم بحرية دون عائق أو خوف من الانتقام.