Atwasat

دراسة دولية: ليبيا ضحية ثلاث بؤر للجريمة المنظمة العابرة للحدود

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الإثنين 19 سبتمبر 2022, 01:53 مساء
WTV_Frequency

كشفت المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، ثلاث بؤر قريبة من الحدود الليبية، واحدة في تشاد واثنتين بالنيجر، تتسبب في تهيئة بيئة مواتية للنزاعات وإطالة أمدها.

وأشار المرصد الإقليمي للمبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، في دراسة نشرت سبتمبر الجاري، إلى منطقة كوري بوغودي التشادية التي تضم أكبر حقل ذهب حر، وبها مركز إقليمي رئيسي للجماعات المسلحة متعددة الإجرام، المتورطة في تهريب الوقود والمواد الغذائية الأساسية، فضلا عن تهريب المخدرات والأسلحة وامتهان اللصوصية. كما تمثل نقطة عبور لتهريب البشر، حيث يسافر خلالها المهاجرون، الذين يصبحون عرضة لخطر الاتجار بالبشر خلال بحثهم عن فرصة تعدين الذهب، قبل أن يواصلوا رحلتهم إلى ليبيا ثم أوروبا.

استفادة المتمردين التشاديين من الاقتصاد الموازي في كوري بوغودي
وشرحت الدراسة كيف ارتبط النشاط غير المشروع في كوري بوغودي بزيادة عدم الاستقرار على الصعيدين المحلي والإقليمي، فتنشط بها الأعمال الإجرامية، إلى جانب تدفقات الإيرادات لجماعات المعارضة المسلحة، لا سيما المتمردين التشاديين المتمركزين في ليبيا، الذين يتشاركون في العلاقات المجتمعية والسياسية مع الجماعات المنخرطة في تعدين الذهب في كوري بوغودي.

كما يوفر تهريب الأسلحة بدوره الذخيرة لمثل هذه الجماعات، وعلى نطاق أوسع للأطراف المسلحة العاملة في جميع أنحاء المنطقة. مثلما حصل عمال المناجم والتجار والمهربون في كوري بوغودي على أسلحة كرد فعل على تزايد انعدام الأمن والإجرام في حقل الذهب.

أنشطة إجرامية بين أغاديز وليبيا
أما في الجارة الجنوبية النيجر، فيقع موقع «دجادو» على بعد نحو 650 كيلومترا شمال شرق أغاديز، وهو أحد أكبر حقول الذهب في النيجر، ويستضيف نحو ستة آلاف عامل منجم يعملون في نحو 60 موقعا.

وبينت المبادرة أن الحكومة النيجيرية حظرت تعدين الذهب الحرفي في حقل دجادو للذهب في أوائل العام 2017، ردا رسميا على المخاوف بشأن استغلاله من طرف الجماعات المسلحة الإجرامية. ومع ذلك كان السبب الأساسي هو دور «دجادو» الرئيسي في تهريب البشر، حيث يعبر آلاف المهاجرين المنطقة كل عام في طريقهم إلى ليبيا.

نشاط المهربين والمجرمين في دجادو
واستؤنف النشاط في دجادو في العام 2019، وتغاضت عنه السلطات إلى حد كبير، مما وفر سبل عيش بديلة للمهربين السابقين في تعدين الذهب نفسه، ومن خلال الأنشطة غير المشروعة المجاورة مثل تهريب الوقود والسلع. لكن الدراسة أوضحت أن العمال النيجيريين والأجانب في دجادو معرضون أيضا للاتجار بالبشر؛ إذ يسافر الكثيرون إلى حقول الذهب ويبرمون اتفاقيات عمل بعقود مع مالكي مواقع الذهب. ويزيد وجود مجموعات قطع الطرق المسلحة من المخاطر التي يتعرض لها كل من العمال والمهاجرين الذين يعبرون المنطقة.

ومع تضاؤل تدفقات الهجرة عبر ليبيا تحول بعض السائقين السابقين في مجال الهجرة وعمال المناجم الذين عملوا سابقا في دجادو إلى أنشطة إجرامية أخرى في المنطقة- لا سيما اللصوصية وتهريب المخدرات. كما يشمل تهريب المخدرات كلا من الشحنات عالية القيمة التي تعبر المنطقة في طريقها إلى ليبيا.

- قائد مجموعة تشادية متمردة يدعو لإعادة آلاف الشباب من ليبيا
- استطلاع أممي: 3 من كل 5 مهاجرين في ليبيا «عاطلون».. والتشاديون بين أكبر خمس جنسيات مقيمة بالبلاد
- مؤتمر بالنيجر: ليبيا والجزائر لا تزالان أفضل الوجهات للمهاجرين من الصحراء الكبرى

وتابعت الدراسة بأن اللصوصية المسلحة راسخة في المنطقة، وتشارك فيها بشكل رئيسي الجماعات المسلحة التشادية العاملة عبر شمال النيجر وجنوب ليبيا وشمال تشاد. كما تستهدف أعمال اللصوصية أولئك الذين ينقلون سلعا عالية القيمة مثل المخدرات والذهب، مما يؤدي إلى هجمات منتظمة على قوافل عمال المناجم الحرفيين وتجار المخدرات الذين يسافرون بين مناجم الذهب في «تشيباراكاتيني» ودجادو.

وخلص المصدر إلى التأكيد بأن موقع دجادو الجغرافي في أقصى شمال شرق النيجر على الطرق بين أغاديز وليبيا وعلى مقربة من الحدود الجزائرية والتشادية والليبية، تنتعش به الأنشطة الإجرامية حول حقل الذهب، وتمثل تحديات مهمة للاستقرار المحلي والإقليمي، فرغم استئناف الأنشطة في العام 2019، أدت محاولات الحكومة النيجيرية لحظر تعدين الذهب في دجادو إلى تفاقم التوترات السياسية الكامنة بين التبو والطوارق، المرتبطة بمفاهيم التهميش والمظالم الأخرى بين مجتمعات التبو.

نقل المخدرات والأسلحة عبر ممر «سلفادور» من النيجر إلى ليبيا
أما ثاني أخطر معبر بالنيجر فيسمى بالـ«سلفادور»، وهي نقطة عبور رئيسية بين النيجر وليبيا، ويربط غرب أفريقيا والساحل بشمال أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، فرغم أن المنطقة الحدودية بين النيجر وليبيا سهلة الاختراق وغير مؤمنة بشكل جيد، إلا أنها جبلية نسبيا ولا يمكن عبورها إلا في نقاط معينة حيث تسمح التضاريس بمرور المركبات. وأحد هذه الممرات التي تستخدمها طرق التجارة القديمة عبر الساحل وأنشطة التهريب الحديثة هو ممر «سلفادور» الذي يستخدم من جهات إجرامية رفيعة المستوى لتهريب الأسلحة والمخدرات. في حين يعتبر الافتقار إلى وجود الدولة وعدم قدرة قوات أمن النيجر أو ليبيا على الوصول إلى المنطقة وتأمينها، يوفر ممرا مثاليا للأنشطة غير المشروعة.

وبسبب تزايد انعدام الأمن في المنطقة، لا سيما منذ الحرب في ليبيا العام 2011، أصبح ممر سلفادور أحد أخطر نقاط العبور في المنطقة، وينتعش به تهريب المهاجرين والوقود والسلع الأساسية، ويستخدم الآن بشكل حصري تقريبا من قبل الشبكات الإجرامية رفيعة المستوى والمدججة بالسلاح الضالعة في تهريب المخدرات والأسلحة.

سقوط ليبيا بداية موجة عدم الاستقرار
وختمت الدراسة بالقول بأنه بينما تراجعت وتيرة الحروب الأهلية واسعة النطاق بشكل كبير خلال العقدين الماضيين، أدى سقوط القذافي في ليبيا والانتفاضة في شمال مالي في العام 2012 إلى موجة من عدم الاستقرار التي استمرت في التدهور حتى يومنا هذا. ومن بين التهديدات الأمنية الرئيسية التي تؤثر على منطقة الساحل التطرف العنيف والجماعات الإرهابية. فمن العام 2020 إلى العام 2021، تضاعف العنف المرتبط بالجماعات المتشددة في منطقة الساحل تقريبا. ويتزايد عدد القتلى من جراء هذه الهجمات ونزح الملايين، لا سيما في بوركينا فاسو التي أصبحت بؤرة للعنف.

وبينت أن الاقتصادات غير المشروعة تعتبر مصادر رئيسية لتمويل عدد لا يحصى من الجهات المسلحة الفاعلة في جميع أنحاء غرب أفريقيا، وعديد الأسواق غير المشروعة تسهم في تصاعد العنف، وليس أقله الاتجار بالأسلحة.

وحددت الدراسة المحاور الجغرافية الرئيسية للاقتصادات غير المشروعة عبر غرب أفريقيا وهي «بنين، وبوركينا فاسو، وكابو فيردي، والكاميرون، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وتشاد، وكوت ديفوار، وغامبيا، وغانا، وغينيا، وغينيا- بيسا، وليبيريا، ومالي، والنيجر، ونيجيريا، والسنغال، وسيراليون، وتوغو».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
باتيلي قبل تسليم مهامه: أثق في قدرة الليبيين على تجاوز خلافاتهم
باتيلي قبل تسليم مهامه: أثق في قدرة الليبيين على تجاوز خلافاتهم
«يورو نيوز»: وقوع ليبيا في فلك التأثير الروسي يهدد أمن «ناتو»
«يورو نيوز»: وقوع ليبيا في فلك التأثير الروسي يهدد أمن «ناتو»
نورلاند: الاهتمام الأميركي «مستمر» بدعم المصالحة في ليبيا
نورلاند: الاهتمام الأميركي «مستمر» بدعم المصالحة في ليبيا
وزير النفط: ليبيا تتطلع لدور رئيسي في تشكيل مستقبل الطاقة العالمي
وزير النفط: ليبيا تتطلع لدور رئيسي في تشكيل مستقبل الطاقة العالمي
«الدولية للهجرة» تساعد 34 امرأة وطفلًا سودانيًا في طرابلس
«الدولية للهجرة» تساعد 34 امرأة وطفلًا سودانيًا في طرابلس
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم