Atwasat

أزمة اليونان.. تأثيراتها على الشرق الأوسط وليبيا

القاهرة - بوابة الوسط: صبري ناجح الثلاثاء 07 يوليو 2015, 10:45 مساء
WTV_Frequency

منذ الأزمة المالية العالمية التي حدثت العام 2008 توقع الكثيرون تغيير الخريطة الاقتصادية العالمية، إلا أن تلك التغيرات تأجلت خمس سنوات، نتيجة معدلات الفائدة (الصفر) في معظم البنوك المركزية العالمية فضلاً عن سياسات التيسير الكمي (طبع العملة وشراء أصول)، ليأتي العام 2015 بموجة شديدة القسوة من خلال أزمة اليونان التي من المتوقع أن تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي أجمع.

ديون اليونان
بلغت ديون اليونان نحو 323 مليار يورو كانت أغلبها قروضًا من البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

جاءت هذه الديون نتيجة لجوء اليونان إلى الاقتراض من دون حساب أوائل الألفية الثانية، بعد انضمامها للاتحاد الأوروبي الأمر الذي جعل التسهيلات الائتمانية أسهل بكثير، وشجع اليونان والدول الصغيرة بمنطقة اليورو على الاقتراض، فتارة لسداد العجز في الموازنة وتارة أخرى لسداد دفعات مستحقة للقرض الأول، حتى تراكمت عليها الديون نتيجة كثرة القروض وفوائدها.

وهناك مقولة لرئيس وزراء اليونان قالها قبل انتخابه بعامين، تلخص القاعدة التي يستند عليها في مفاوضاته مع الدائنين: «إذا كنت مدينًا بخمسة آلاف يورو للبنك، فالدين مشكلتك. لكن إذا كنت مدينًا للبنك بخمسة مليارات يورو، عندها يصبح الدين مشكلة البنك».

انهيار اليونان مقابل شعبية تسيبراس
المفارقة في الأمر أن الأحزاب المعارضة والحاكمة في اليونان أصدرت بيانًا مشتركًا، أمس الإثنين، تساند فيه جهود الحكومة لعقد اتفاق جديد بشأن المساعدات وهي خطوة تحسب لرئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس لتعزيز التأييد السياسي الذي يلقاه بعد فوزه المدوي في الاستفتاء، على الرغم من ارتفاع البطالة وإغلاق البنوك واحتمالات كبيرة بعدم صرف رواتب الشهر الجاري إذا لم تصل اليونان لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي.

فالسيولة المتاحة في البنوك اليونانية حاليًّا تساوي 500 مليون يورو، بما يساوي 45 يورو لكل مواطن، وفقًا لتقرير لصحيفة «الجارديان» يوم الأحد.

تأثيرات الأزمة عالميًا
مع انتصار معسكر «لا» في الاستفتاء الذي أجري في اليونان، الأحد الماضي، على حزمة المساعدات الأوروبية الجديدة (قروض) والتي كان يجب أن يقابلها مجموعة من الإصلاحات في أثينا على رأسها إعلان خطة للتقشف في البلاد وهو ما يمتد إلى تخفيض الرواتب، صار الأمر نحو طريق ما يسمى «خارج اليورو»، أي خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي، وهذا له تأثيرات كثيرة ومتنوعة.

وفقًا للاقتصادي محمد العريان أوضح في مقاله بوكالة «بلومبرغ» يوم 5 يوليو الجاري، أن «لا» ستؤدي في البداية إلى عمليات بيع في أسواق الأسهم العالمية، مع الضغوط على السندات التي تصدرها اليونان، وهو ما حدث بالفعل حتى الآن.

وأضاف العريان: سيواجه اليونانيون نقص السلع من وقود ومواد غذائية نتيجة انخفاض السيولة مع تفاقم البطالة والفقر. وستواجه الحكومة صعوبات في دفع المعاشات ورواتب الموظفين.

والبنوك في اليونان مغلقة منذ أن فشلت المحادثات مع الاتحاد الأوروبي أوائل الشهر الجاري، بعد اندفاع اليونانيين على سحب ودائعهم خوفًا من المستقبل المجهول، ووضعت الحكومة قيودًا على حركة تحويل الأموال إلى الخارج، مع تحديد 60 يورو للسحب اليومي من ماكينة الصرف الآلي، وهو متوسط الصرف للسائحين في اليونان، بحسب إحصاءات حكومية يونانية.

وكشف مسؤول في الحكومة اليونانية، اليوم الثلاثاء، أن اليونان ستطلب من شركائها في منطقة اليورو حلاً موقتًا لاحتياجاتها التمويلية يغطي ما تبقى من شهر يوليو إلى حين التوصل لاتفاق طويل الأجل.

وقال المسؤول وفقًا لـ«رويترز»: «اقتراح الجانب اليوناني هو إيجاد حل حتى نهاية الشهر. من أجل الاستعداد للاتفاق الكبير خلال هذه الفترة القصيرة».

وتوقع العريان أن تكون الحكومة اليونانية «تحت ضغوط متزايدة لإصدار سندات دين».

كما توقع ضعف سعر صرف اليورو نتيجة السياسة الاضطرارية التي سيلجأ البنك المركزي الأوروبي لها لاحتواء «العدوى الإقليمية»، أي خروج متوقع من دول أخرى في منطقة اليورو، بما في ذلك توسيع نطاق البرنامج الحالي للمشتريات واسعة النطاق من الأوراق المالية.

تأثيرات الأزمة على الشرق الأوسط
مع التوترات الحالية يأخذ اليورو منحنى هبوطيًا يستفيد منه المصدرون على حساب المستوردين، مما يوضح أن السوق الأوروبية تسير نحو «رخص الأسعار» من سلع وخدمات مالية وسياحية، وهو ما يأتي على حساب أسواق الشرق الأوسط.

فقرر البنك المركزي المصري، الأحد الماضي، تخفيض قيمة عملته المحلية (الجنيه المصري) مقابل الدولار حتى يعطي ميزة تنافسية للسوق المصرية لجذب مستثمرين وسائحين جدد.

وأمام التضخم المتوقع في الأسعار بالسوق المصرية مع تخفيض قيمة العملة، فسيقابله تراجع معدلات البطالة والفقر، وفقًا لاقتصاديين، وذلك من خلال افتتاح مشروعات جديدة، ستأتي نتيجة «رخص السوق».

وسمحت سوق المال السعودية لأول مرة منذ إنشائها، للأجانب بالتداول على الأسهم بقيود محددة منذ منتصف الشهر الماضي، في خطوة وصفها البعض بأنها اقتناص للتغيرات العالمية الحالية.

الأزمة وليبيا
مع تراجع أسعار النفط فمن المتوقع أن تسارع دول الشرق الأوسط التي تعتمد على الإيرادات النفطية إلى تغيير سياستها النقدية أمام تلك التغيرات الاقتصادية العالمية، لجذب سيولة جديدة مثل تخفيض عملتها أو تخفيض قيمة الجمارك على السلع الأكثر استهلاكًا، وبالضرورة رفع نسب الفائدة على أدوات الدين الثابتة (السندات وأذون الخزانة).

وليبيا ضمن الدول التي تعتمد بنسبة تزيد على 93 % على الإيرادات النفطية لتمويل موازنتها، وهو الأمر الذي يدعو مصرف ليبيا المركزي للتحرك لمجابهة تلك التغيرات العالمية، التي قد تلحق ضررًا بإجمالي الإيرادات النفطية المتوقعة في الموازنة نتيجة تراجع صرف اليورو، وحالة الكساد المتوقعة في دول الاتحاد الأوروبي.

وإجمالاً فإن تأثيرات أزمة اليونان على ليبيا لن تكون أكثر ضررًا من الأزمة التي تعيشها ليبيا حاليًا.

أزمة اليونان.. تأثيراتها على الشرق الأوسط وليبيا
أزمة اليونان.. تأثيراتها على الشرق الأوسط وليبيا
أزمة اليونان.. تأثيراتها على الشرق الأوسط وليبيا

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
النفط يتراجع إلى 82.6 دولار وسط ارتفاع المخزونات الأميركية
النفط يتراجع إلى 82.6 دولار وسط ارتفاع المخزونات الأميركية
بلومبرغ تتوقع قفزة بأسعار النفط إلى 150 دولارًا في هذه الحالة
بلومبرغ تتوقع قفزة بأسعار النفط إلى 150 دولارًا في هذه الحالة
اتفاق «مبدئي» بين دول الاتحاد الأوروبي على استخدام الأصول الروسية المجمدة
اتفاق «مبدئي» بين دول الاتحاد الأوروبي على استخدام الأصول الروسية...
تخفيض سعر الفائدة للمرة الأولى منذ 8 سنوات في السويد
تخفيض سعر الفائدة للمرة الأولى منذ 8 سنوات في السويد
ارتفاع أسعار النفط العالمية: خام «برنت» بـ83.8 دولار للبرميل
ارتفاع أسعار النفط العالمية: خام «برنت» بـ83.8 دولار للبرميل
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم