Atwasat

تقرير أميركي: عراقيل اقتصادية وجيوسياسية تمنع واشنطن من تقييد صناعة النفط الإيرانية

القاهرة - بوابة الوسط: ترجمة هبة هشام السبت 27 أبريل 2024, 01:36 مساء
WTV_Frequency

استبعد مقال تحليلي، نشره معهد الشرق الأوسط، أن تمضي الإدارة الأميركية قدما في فرض عقوبات صارمة جديدة تقيد صناعة النفط الإيرانية، على الرغم من تبني الكونغرس مشروع قانون لهذا الغرض، متحدثا عن عراقيل تشغيلية واستراتيجية واقتصادية تمنع واشنطن من اتخاذ تلك الخطوة.

ومرر مجلس النواب والشيوخ في الكونغرس الأميركي، خلال الأسبوع الماضي، بالإجماع تقريبا حزمة مساعدات طال انتظارها بـ95 مليار دولار لأوكرانيا وتايوان والاحتلال الإسرائيلي، وتشمل أيضا تدابير إضافية لتقييد صادرات النفط الإيرانية، وفرض عقوبات على مصافي التكرير الصينية التي تتعامل مع الخام الإيراني.

وعلى الرغم من أن مشروع القانون يعكس شهية متنامية داخل الولايات المتحدة لخفض المبيعات النفطية لطهران، فإن الباحث في شؤون الشرق الأوسط، غريغوري برو، رأى أنه من غير المرجح أن تتخذ واشنطن إجراءات قاسية بحق الصادرات الإيرانية.

وقال: «اللغة التي اعتمدها مشروع القانون تمنح واشنطن سلطة توسيع نطاق العقوبات، لكن يظل من صلاحيات الحكومة اختيار استخدام تلك السلطات أم لا»، مشيرا إلى حواجز تشغيلية واستراتيجية وسياسية قوية تمنع الولايات المتحدة من تقييد تجارة النفط الإيرانية أو عرقلتها.

حواجز تشغيلية
وأوضح الباحث: «سلاح العقوبات ليس فعالا كما في السابق. فعندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2018، وأعادت فرض العقوبات على إيران، كان التأثير فوريا، وانهارت الصادرات من مليوني برميل يوميا إلى أقل من 300 ألف برميل يوميا».

لكن طرأت كثير التغيرات على السوق النفطية خلال السنوات الست الماضية، وأصبح من السهل الالتفاف حول العقوبات. وعلى الرغم من العقوبات الأميركية، تنتج طهران 3.1 مليون برميل يوميا من الخام ومشتقاته، وتصدر 1.5 مليون برميل يوميا، وهو المستوى الأعلى في خمس سنوات على الأقل، حسب بيانات مراقبة ناقلات الشحن.

وتستطيع طهران الاستفادة بشكل كبير من «أسطول الظل» من الناقلات النفطية المملوكة لشركات غامضة تعمل على نقل الخام الإيراني والروسي والفنزويلي، إذ تخضع موسكو وكاراكاس للعقوبات الأميركية. ومن الصعب تتبع حركة تلك الناقلات، لأنها تستخدم أساليب ملتفة لإخفاء مواقعها.

- مراقبون: العقوبات الأميركية بحق إيران قد تضيف 8.4 دولار لسعر البرميل
- «النواب» الأميركي يمرر حزمة عقوبات جديدة تستهدف النفط الإيراني
- «CNN»: أسعار النفط تتأرجح.. والمخاوف تتمدد إلى مضيق هرمز

حواجز اقتصادية
وهناك أيضا حواجز اقتصادية تتمثل في صعوبة اعتراض شبكات إدارة واستخدام الخام الإيراني، إذ تعتمد طهران على مجموعة من الوسطاء والشركات الوهمية المتمركزة في دول عدة مثل تركيا والإمارات وسنغافورة وهونغ كونغ، لإخفاء المعاملات.

كما أن الأموال أو السلع التي يجرى تداولها تحدث خارج نطاق نظام الدولار الأميركي، وهي غير مرئية. ويخضع بعض عملاء إيران، بما في ذلك سورية وفنزويلا، بالفعل لعقوبات شديدة لدرجة أن التهديد بزيادة العقوبات الاقتصادية لا يشكّل لهم خطرا يذكر.

وتحيط حالة من الغموض المتنامية الأماكن التي تتدفق فيها الأموال فور عودتها إلى إيران، مع تدفق مزيد التحويلات المالية إلى خزائن الحرس الثوري، المهيمن على اقتصاد إيران وسياستها الخارجية.

وعلى الرغم من تطور أساليب الخزانة الأميركية في استهداف الشبكات والمجموعات الإيرانية، فإن إخضاع شركة أو ناقلة نفطية للعقوبات إجراء قصير الأجل في حد ذاته، وذو تأثير محدود على المدى الطويل، لأنه يمكن بسهولة تغيير اسم وملكية تلك الشركة أو الناقلة.

الحاجز الأكبر: الصين
ويرى الباحث أن الصين تمثل الحاجز الأكبر أمام العقوبات الأميركية، فهي المشتري الأكبر للخام الإيراني بواقع مليون برميل يوميا.

وقال: «بعيدا عن حقيقة أن الولايات المتحدة تفتقر إلى النفوذ على الصين، المنافس الأكبر لها، فإن الخصائص المحددة لتجارة النفط تحد من تعرضها لإجراءات العقوبات الأميركية، فالصين لا تعترف رسميا بالتجارة مع إيران في بياناتها الجمركية، ويجرى شراء معظم الخام من قِبل مصافي التكرير الصغيرة الأقل تعرضا للمؤسسات المالية الدولية».

وعلى الرغم من أن العائدات الإيرانية من النفط تصل إلى 40 مليار دولار سنويا، فإن نسبة ضئيلة من تلك العائدات تجرى بالدولار الأميركي، ومن غير الواضح إلى أين تصل العائدات المالية بعد عملية التحويل الأولية. ربما تبقي طهران العائدات في حسابات صينية، لتمويل واردات البضائع من بكين.

وقال الباحث: «الغموض الذي يكتنف تجارة النفط الإيرانية مع الصين لا يترك مجالا كبيرا للوضوح أمام مسؤولي العقوبات في وزارة الخزانة الأميركية».

حواجز استراتيجية
وانتقل الباحث للحديث عن حواجز استراتيجية أمام العقوبات الأميركية، إذ أوضح أن فرض عقوبات قاسية على مبيعات النفط الإيرانية إلى الصين من شأنه استعداء البلدين، في وقت لا تستطيع فيه الولايات المتحدة تحمل استفزاز إضافي.

وعلى الرغم من أن الصين ليست حليفا وثيقا لإيران، فإن من مصلحتها الحفاظ على تنوع موارد الخام، وهو ما يرتبط بنهجها الحالي في الشرق الأوسط، الذي انعكس في مساعيها للتوسط بين اتفاق تطبيع العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية.

إيران على الصعيد الآخر تقف على حافة الحرب مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث قال الباحث: «على الرغم من هجومها الصاروخي الأخير ضد إسرائيل، الذي كان مصمما لإرسال رسالة ردع، فإنه من غير المحتمل أن تمارس طهران درجة ضبط النفس نفسها في حال وقعت أزمة جديدة».

والأكثر من ذلك، يمكن أن تلجأ طهران إلى تنفيذ تهديدها السابق بعرقلة تدفقات النفط في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والتأثير على الأسواق العالمية، ردا على أي تدابير إضافية ضد صادراتها النفطية.

حواجز سياسية
وذهب الباحث كذلك لتحليل الحواجز السياسية أمام تقييد صناعة النفط الإيرانية، وقال إن الرئيس بايدن في هذه الحالة سيكون في موقف الخاسر إذا اختار ضرب مبيعات النفط الإيرانية، وذلك لأسباب عدة.

أولها، حسب الباحث، هو أن تقييد 1.5 مليون برميل يوميا من الصادرات الإيرانية يعني رفع أسعار الخام في الأسواق فوق المستوى الراهن الذي يتراوح بين 88 – 90 دولارا للبرميل، وقد يرفع الأسعار فوق الـ100 دولار.

السبب الثاني هو أن الرد الإيراني على الخطوة الأميركية سيكون موجها لتدفقات الخام الإقليمية، مما يزيد من الاضطرابات، علاوة على رفع المخاطر أمام أسعار النفط المتضخمة بالفعل.

أما السبب الثالث فيتعلق بسباق الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، فارتفاع سعر الوقود والبنزين داخليا فوق مستوى الـ4 دولارات للغالون الواحد يقلل من فرص إعادة انتخاب بايدن.

والسبب الرابع هو احتفاظ دول «أوبك» بقدرة إنتاجية فائضة، لذا فمن غير المرجح أن يظهر نقص فعلي في الإمدادات. كما من المستبعد أن تتحرك دول التكتل النفطي لتعويض غياب النفط الإيراني، خصوصا إذا كان ذلك في الغالب يخدم فرص بايدن في إعادة انتخابه.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«الخزانة الأميركية»: إيران تعتمد على جهات ماليزية للالتفاف على العقوبات النفطية
«الخزانة الأميركية»: إيران تعتمد على جهات ماليزية للالتفاف على ...
تحقيق أميركي بحق «بوينغ» بسبب طائرة «787 دريملاينر»
تحقيق أميركي بحق «بوينغ» بسبب طائرة «787 دريملاينر»
النفط يتراجع إلى 82.6 دولار وسط ارتفاع المخزونات الأميركية
النفط يتراجع إلى 82.6 دولار وسط ارتفاع المخزونات الأميركية
بلومبرغ تتوقع قفزة بأسعار النفط إلى 150 دولارًا في هذه الحالة
بلومبرغ تتوقع قفزة بأسعار النفط إلى 150 دولارًا في هذه الحالة
اتفاق «مبدئي» بين دول الاتحاد الأوروبي على استخدام الأصول الروسية المجمدة
اتفاق «مبدئي» بين دول الاتحاد الأوروبي على استخدام الأصول الروسية...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم