Atwasat

الروائي فتحي إمبابي: الأنظمة العربية بكل تصنيفاتها معادية للديمقراطية (حوار)

القاهرة – بوابة الوسط: فتحي محمود السبت 20 يناير 2024, 08:14 مساء
WTV_Frequency

من أوائل المهندسين الذين شاركوا في إنشاء مترو أنفاق القاهرة، أنجز إحدى أصعب مراحل الخط الثانى منه، ثم سافر إلى ليبيا للعمل في مجال الإنشاءات الهندسية.

ترأّس تحرير مجلة «الفيلم» المتخصصة في السينما، ومجلة «المهندسين» التي تصدر عن نقابة المهندسين بالقاهرة، أنتج له التلفزيون المصري عملين من تأليفه. 

له عديد الإصدارات الفكرية، إلا أنه يعتز أكثر بتحقيق حلمه الأثير بكونه روائيًا وقاصًا صدرَت له عديد الرويات والمجموعات القصصية والتي تحصلت على جوائز عديدة، منها التشجيعية من وزارة الثقافة في منتصف تسعينات القرن الفائت، نذكر منها روايات: «مراعي القتل» الحاصلة عل جائزة الدولة التشجيعية، و«نهر السماء»، و«العلم»، و«عتبات الجنة»، و«العرس»، و«أقنعة الصحراء»، و«رقص الإبل» الحاصلة أخيرًا على جائزة ساويرس، والمجموعة القصصية (السبعينيون).. وغيرها.

ورغم رحلاته المتنوعة والمتشعِّبة ما بين الريف والمدينة في مصر، وبلدان ليبيا والعراق، وأوروبا.. من ألمانيا لدراسة تخطيط الأنفاق ثم إلى لندن حيث أصدر فيها مجلة «المصري»، إلا أننا اخترنا في حوارنا مع الروائي المصري أن يقتصر حوارنا مع المهندس والروائي المصري فتحي إمبابي على رحلته إلى ليبيا تحديدًا، ومشاريعه الأدبية التي دارت أحداثها عن تلك الفترة.

تواكبت بدايات تجربتك العملية كمهندس، والأدبية كروائي، بالسفر إلى ليبيا، ما انطباعك عن تلك الفترة؟
عبرت الحدود المصرية الليبية البرية في أواخر شهر ديسمبر 1974 إلى بنغازي عبر الطريق الساحلي الدولي، مرورًا بمدن الساحل الليبية «البردي، طبرق، درنة، القبة، الجبل الأخضر، البيضاء، المرج». وجميعها ضمّنتُها رواياتي الثلاث التي كتبتها عن ليبيا، وهي: «العُرسْ، مراعي القتل، العَلمْ» 

وكانت ليبيا تعيش على بحر هائل من النفط
ليبيا كانت تعيش على بحر هائل من النفط، وكانت هناك ثورة من التطور الاجتماعي والاقتصادي، مشاريع عملاقة، مدارس مستشفيات جامعات، عملت في البداية في شركة عبدالحميد إسماعيل، ثم انتقلت للعمل في مؤسسة النصر لفتحي عزات، وكلتا الشركتين تُعدَّان من أكبر شركات المقاولات في الشرق الليبي.

الواجهة السياسية لثورة الفاتح كانت وحدوية بنكهة بدوية، وهنا بدأت في مراجعة معتقداتي السياسية، وخاصة فيما يتعلّق بمفهوم الوحدة العربية، اكتشفت معنيً مغايرًأ لمفهومي الرومانتيكي عن الوحدة العربية، تلك النظرة الرومانسية التي حملتها معي منذ سنين المراهقة الناصرية، فقد كان الصراع على أشُدِّه في سوق المقاولات بين الجنسيات العربية.

حيث كان سوق العمل يضم مختلف الجنسيات العربية، وبعض الجنسيات الأفريقية، فالسوريون في القمة بفضل خبرتهم العريقة في الهجرة، والفلسطينيون في المرتبة الثانية، وكانت القضية الفلسطينية تُضفي عليهم طابعًا خاصًا، ثم اللبنانيون.. تحضُّرهم جعل لهم تقديرًا خاصًا، وكان السودانيون يمثّلون التعقل والهدوء والحلم.

 أما المصريون فتنوعت وظائفهم ومهنهم، فمنهم المدرسون، والأطباء، والمحاسبون، والصنايعية، فالعمالة المصرية أو الغالبية العظمى منهم كانوا متسللين عبر الأسلاك الشائكة ويسمّون «السلكاوية»، بلا هُوِّيات ولا جوازات سفر، أشبه بملح الأرض.

سوق المال والعمل أشد عنفًا وقوة من رومانسية المعتقدات السياسية
والسبب من وجهة نظري يعود لأمرين؛ حداثة خبرة المصريين بالهجرة، ووجود مئات الآلاف بصورة غير شرعية، ما جعلهم الأكثر عرضة لتوقيفات الشرطة، وتقع المسؤولية بالتأكيد على عاتق الحكومة المصرية التي عجزت عن مواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، والتي خسر بسببها المصريون مئات الملايين من الجنيهات وإراقة ماء وجوههم وضياع عرقهم هباءً، وبسببهم أيضًا ظهرت تجارة العملة في السوق السوداء.
ثم انتقلت إلى العمل بشركات مقاولات صغيرة، مرة لمهندس مصري ينتمي بأفكاره إلى العصر الملكي، وأخرى لمقاول سوري سيئ الطباع، فترة عصيبة أمضيتها في العمل الشاق مهندسًا مدنيًا في شركات المقاولات، تبيّن لي أن سوق المال والعمل أشدّ عنًفا وقوةً من رومانسية المعتقدات السياسية، حيث العصبية العرقية والعمولات هما المحركان الرئيسيان، ومن ثم لا شيء عادل.

رواية «رقص الإبل» للروائي المصري فتحي إمبابي تحصل على جائزة ساويرس الثقافية
«التصوير الفني» في الرواية التونسية للناقد الليبي عبدالحكيم المالكي
«1200» إصدار جديد عن دار نشر الفضيل ببنغازي (خاص - بوابة الوسط)
رواية «سنوات التيه» للروائية المصرية شاهيناز الفقي على شاشات التلفزيون قريباً (حوار للوسط)

عملت مقاولًا من الباطن في «هضبة الفتايح» المجاورة لمدينة درنة، الأندلسية الطابع، مع أصدقاء سوريين من مدينة التل الواقعة قرب دمشق، لصالح شركة يوغسلافية، شاهدت الرعب نفسه يتجسد أمامي في آلاف العمال المصريين على الطريق الدولي يجدّون السير على أقدامهم في البرد القارص، وتحت سيول الأمطار الغزيرة، مئات الكيلومترات، غرباء، كانوا يعملون في الحفر في الصخر يومًا أو يومين لقاء أجور زهيدة، شاهدتهم يخلعون أحذيتهم لتفصح عن أقدام حمراء منتفخة متفسخة من قسوة المسير على الأسفلت، بؤس لا مثيل له ولكني لم أكن موفقًا.

بداية التفكير في تسجيل ما رأيته واقعا في رواياتك؟
 توقفت عن العمل لمدة تجاوزت ستة شهور، وتفرغت للكتابة لأول مرة في حياتي، وبدأت في كتابة رواية «مراعي القتل»، انغمست بحماس يلازمني بفيضٍ وغزارةٍ، وقد ملأت أربع مفكرات يومية من الحجم الكبير، كان يشغلني ثلاث قضايا، نجم عنها رواياتي الثلاثة.

القضية الأولي: سوق العمل، وتعدّ رواية «العُرسْ» الأكثر تعبيرًا عن سوق العمل التي ضمَّت جنسيات عربية مختلفة، ما يعكس صراعات لا تعرف الرحمة، وتعبّر عن تباين سلوكي واسع فيما بينها، قاعدته الرئيسية جمع المال بكل السُبُل المُتاحة.

القضية الثانية: رحلة العمال المصريين الشاقة إلى ليبيا، وتُعَدُّ رواية «مراعي القتل» تعبيرًا عن العنف الذي عاناه العمال المصريون من من البشر ومن قسوة الطبيعة.

القضية الثالثة: وتمثلها رواية «العلم» التي تدور حول التطور المادي الهائل والمتسارع، في زمن لا يتجاوز أقل من عقد، وصولاً إلى عصر الحداثة ونشوء طبقة برجوازية.

أنهيت النسخة النهائية من رواية «مراعي القتل» العام 1988، وكنت أدرس تخطيط الأنفاق في ألمانيا، وتخلصت من ثلاثة أرباع ما كتبته إبان وجودي في بنغازي في العام 1976، واحتفظت بالربع الأخير فقط.

أحببت مدينة درنة بطابعها الأندلسي
بدا من تلك التجربة أنني تقيأت ما في وجداني وذاكرتي الفنية من تلك التصورات الرومانتيكية عن فكرة البطل الفارس الشجاع، وتطورت كتاباتي من الناحية الفنية إلى الموضوعية والكتابة الواقعية.

 في الربع الثاني من العام 1976 جاءت الموافقة على العمل في مديرية الأشغال العسكرية التابعة للقوات المسلحة الليبية، وانتقلت للعمل في طبرق، وأصبحت أشرف على الأعمال التابعة لمديرية الأشغال العسكرية من مدينة «بردي» في أقصى الشرق إلى مدينة «درنة» التي أحببتها وتُيمّت بطابعها الأندلسي.

انتظمت حياتي واستطعت المواءمة بين العمل والكتابة، بعد أن توقفت عن العمل في شركات المقاولات والقطاع الخاص ونجوت من سيطرة العمل طوال أربع وعشرين ساعة، أصبحت علاقتي كمهندس بالعمل تنتهي في الثانية ظهرًا، أصبح بعدها حرًا قادرًا على التفرغ بقية اليوم لما أحبه وأعشقه، وهو الانغماس في هذا الفن الإنساني العظيم.

رؤيتك للحياة السياسية في ليبيا وقت وجودك هناك؟ 
= كان الوضع السياسي في ليبيا حصيلة للأوضاع التاريخية والعالمية، تاريخ مظلم مع الاستعمار وأنظمة عربية رجعية، وصعود للأيدويلوجيا الاشتراكية، ونمو متصاعد للأفكار القومية، وانتصار دولة الاستيطان الإسرائيلي في حرب يونيو 1967، وجاءت ثورة الفاتح من سبتمبر تعبيرًا عن الغضب ورفض للأوضاع السائدة، إلى أن تحولت الثورة إلى نظامٍ شمولي، وشَرَعَت الأمور في التدهور، مرَّت ثورة الفاتح بالأوضاع التي مرَّت بها الأنظمة القومية العربية من الاستبداد، والتسلط، وانتهجت النظام الديكتاتوري القمعي المعادي للديمقراطية، الذي يكبح حريات المواطن ويرفض التعددية السياسية والفكرية، يتغني بالشعب وهو لا يثق به، بل ويمهّد للطَّوْر الأسوأ وهو «الجمهوريات الوراثية». 

دعوة للعمل السياسي من آمر بنغازي
قبل انتقالي من بنغازي إلى طبرق عرض عليّ أحد الأصدقاء المصريين دعوة، قال، على حد زعمه، إنها من الرائد سليمان محمود آمر بنغازي للسير على درب الزعيم جمال عبدالناصر، وكانت إجابتي محددة واضحة، وهي أنني «اتخذت قرارا بألَّا أمارس أي عملٍ سياسي خارج الوطن». 

ماذا عن الثقافة في تلك الفترة وتلك الأجواء وأنت روائي ومعني بالفكر والأدب؟
الحياة الثقافية إبان منتصف السبعينات من القرن الماضي، أمر يصعب الحديث عنه، خوفًا من الخطأ أو النسيان، لكن ما أتذكره أنه كان زمنًا لم يكن يتوفر فيه محطات فضائية ولا إنترنت، زمن احتكره إعلام الدولة على شاشات التلفزيون أو محطات الإذاعة، وجميعها إما خطب الزعيم أو مؤتمرات اللجان الشعبية أو أغانٍ وطنية ورقصات فرق شعبية، بنسبة تتجاوز 50% تقريبًا مجندة لمدح ثورة الفاتح وزعيمها، والبقية برامج ومسلسلات درامية منقولة عن التلفزيون المصري والسوري، وأذكر مسلسلات وثائقية عن زعماء الثورة الفرنسية، أجمل ما شاهدت كانت مسلسلات الممثل السوري دريد لحام ونهاد قلعي وأفلامهما، أيضًا ثمة حفلات غنائية لمطربين ومطربات مصريين وعرب، سوى ذلك لم أشاهد أو أسمع عن نشاط ثقافي بعينه. 

انتقلت للعمل في مدينة «طبرق» وكان العمل يمتد على مسافة خمسمائة كم، ويضم مدينة درنة أجمل مدن العالم، وللمرة الأولي صار لي أصدقاء من شباب ليبيين، عشت قصص حبهم وشاركت فيها، كانت مدينة طبرق ومدينة درنة والبحر عشقي الخاص، كانت الحياة جميلة، اكتشفت الناس على طبيعتهم وسمعت حكايات التعاطف والمساندة من الشعب الليبي إبان الحروب التي خاضتها مصر في 56 و67، وقوافل التبرعات التي شهدها الطريق الساحلي متوجهة إلي مصر، واستعدت ساعتها إيماني، ولكن بموضوعية، بالوحدة بين الشعوب العربية والمصير المشترك الذي يعبر عن مصالح وعلاقات تاريخية وثقافية أعمق وأقوى من المظاهر والصراعات السطحية.

هل هناك أسماء معينة لمبدعين ليبيين قرأت لهم أو تابعتهم أو سمعت عنهم؟ 
قرات للروائيين الكبيرين إبراهيم الكوني وأحمد إبراهيم الفقيه، وقرأت بنهم كتب التراث الشعبي الليبي، وخاصة تلك التي تتناول أغاني «العَلمْ»، ودهشت وأحببت المعنى العميق الكائن في المصطلح الذي يطلقه المحب في بيادر الصحراء في رسالة شعرية مكونة من بيت شعر وحيد إلى المحبوب الذي يُكنى في البيت الشعري بـ «العلم» أو «الغني». 

رواية «العلم» وثقت إعدام القيادات الطلابية 1977
هذا الكنز الإنساني الرومانسي استلهمت منه ومن نموذجه الشعري الذي يطلق عليه «العَلمْ» الخلفية الدرامية الدَّامية لرواية حملت نفس الاسم، صدرت في العام 2005 عن دار الهلال، والتي تناولت من بين ما تناولته أحداث الطلبة في جامعة بنغازي مطلع العام 1976، ولاحقًا الحادثة المشينة لإعدام قيادات الطلبة شنقًا في السابع من أبريل 1977.

الشاعر الليبي محمد الشلطامي
على ما تسعفني به الذاكرة بين نهاية العام 1975 ومنتصف العام 1976 تقريبًا، التقيتُ الشاعر الليبي الكبير محمد الشلطامي لدى أصدقاء، و كان قد خرج لتوّه من السجن، وكان يعاني من وطأة التعذيب، وظل مطاردًا في ذلك الوقت من أجهزة الأمن، كان شخصيةً عظيمةً متوهجةَ الذكاء، متوقدَ العاطفة الوطنية، هادئًا، وقورًا، لديه ابتسامة دائمة، معاديًا بكل جوارحه للاستبداد والنظم الديكتاتورية والعسكرية، كان نخلة سامقة صامدة لم ينحنِ تحت وطأة التعذيب، التقيته عديد المرات، استقبلني هو وأخوه رجب الشلطامي في منزلهما، ربما في حي «البركة»، وهو أمر نادر من قبِل الليبيين تجاه «المازجرية» أمثالي، وكنت سعيدًا للغاية بحصولي على ثقة شاعر مطارد من الأمن

وأعتقد أنه دخل السجن في تلك الفترة، وعندما غادره فاجأني بأن أهداني نُسخةً مُهربةً من المطبعة لأحدث دواوينه الشعرية، وكان قد طُبع لتوّه تحت اسم «القبعات العسكرية»، وربما «القبعات الحمراء»، لا أذكر بالضبط، وكنت سعيدًا للغاية بحصولي على ثقة شاعر مطارد من الأمن، وقد تكرر ذلك معي في العراق أربيل العام 1978 في ظروف أخرى.

بالنسبة لي كانت نهاية الرحلة في يوليو 1977، وهي الفترة التي كثرت فيها المناوشات على الحدود بين الجيشين المصري والليبي، ومِن ثمّ قيام الجيش المصري بقصف معسكرات الجيش الليبي على الحدود، وكانت هذه رسالة من السادات إلى الولايات المتحدة الأميركية بأنه يمكنه أن يكون وكيلها المناسب بديلًا عن إسرائيل، كان موقف شديد السوء.

ما الفارق بين رؤيتك للوضع الليبي وقت مكوثك هناك، والآن في حالة إذا كنت متابعًا للحال؟
أعتقد أن مجتمعاتنا العربية تدور في حلقة مفرغة، وأن ما نتقدم به إلى الأمام، لا نلبث أن نخسره لنعود إلى الخلف مرة أخرى، حصلت النظم القومية العربية على فرصة نادرة لتتقدم بشعوبها خطوات واسعة إلى الأمام، ورغم الضغوط الخارجية، تولّت بنفسها عرقلة تقدمها بسبب أساليب الحكم المعادية للديمقراطية، وإصرارها على حكم الفرد، فجاءت الكوارث تباعًا، في العام 2011 الذي جاء بالربيع الذي يحمل في طياته أحلام الشعوب العربية بالحرية، والديمقراطية، والكرامة الإنسانية، وإحلال نُظُم سياسية تؤمن بهذه المبادئ، فهل تحقق ذلك؟ أم تولّت قوى خارجية قلب المائدة على رؤوسنا، لتعود مجتمعاتنا إلى الخلف مرة أخرى. 

 ما هي أهم مشاريعك المستقبلية؟
أوشك على الانتهاء من رواية «منازل الروح»، وهي الرواية الأخيرة من «خماسية النهر» التي تضم خمس روايات هي «نهر السماء، وعتبات الجنة، ورقص الإبل، وعشق، وأخيرًا منازل الروح»، وقد صدرت الروايات الثلاث الأولى عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، والرواية الرابعة تحت الطبع.

ما هي أبرز الأفكار التي تناولتها الخماسية الروائية؟
 زمن الخماسية يمتدّ لأكثر من مئة عام، من الربع الأخير للقرن الثامن عشر وحتي نهايات القرن التاسع عشر، أما المكان فهو على امتداد نهر النيل من المنابع الواقعة في خط الاستواء وحتي المصبّ على البحر الأبيض المتوسط..

تروي خماسية النهر أسطورة عن اثني عشر ضابطًا في ربيع العمر، مصريين وسودانيين قاتلوا ببسالة مع رفاقهم ضد الأصولية الدينية وعصابات الرقيق، وخاضوا معاركَ داميةً جرت رحاها في السودان وأعالي النيل، ماتوا وهم يدافعون عن إيمانهم بدولة تضم مصر والسودان شماله وجنوبه.. دولة مدنية حديثة تمتدّ من المصبّ وحتى منابع النهر العظيم.

آلاف الضباط والجنود والمدنيين وأسرهم، من نساء شابات وأطفال لم يبلغوا الحلم بعد، آمنوا بهم واستجابوا لقوى الطبيعة المتمثلة في هوية نهر النيل الخالد، شيدوا مجتمعًا أسسوه على القيم الإنسانية والحضارية الرفيعة، ولكن غدرت بهم دَناءة الخيانة والخسة والخذلان، وتُركِوا بلا مُعين بين شقيّ رحى الأصولية الدينية، وجشع وقسوة القوى الاستعمارية العالمية. 

خماسية النهر: شاهد ينتصب في عواصف التاريخ، على قبور اندثرت بلا شواهد.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
كانييه ويست في موسكو ضمن زيارة خاصة
كانييه ويست في موسكو ضمن زيارة خاصة
متحف ينظم معرضا لدمى باربي في لندن
متحف ينظم معرضا لدمى باربي في لندن
كهف أسترالي يعيد اكتشاف طقوس عمرها 12 ألف سنة
كهف أسترالي يعيد اكتشاف طقوس عمرها 12 ألف سنة
المخرجان بونوا جاكو وجاك دوايون رهن الاحتجاز في باريس
المخرجان بونوا جاكو وجاك دوايون رهن الاحتجاز في باريس
البعثة الفرنسية للآثار تباشر أعمالها الموسمية في سوسة
البعثة الفرنسية للآثار تباشر أعمالها الموسمية في سوسة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم