ذكرت جريدة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أن أشهرا من تبادل القصف الصاروخي والطائرات المسيرة بين «حزب الله» و«إسرائيل» خلقت منطقة عازلة في جنوب لبنان، وسط مخاوف من توسع دائرة الصراع إلى حرب شاملة في المنطقة.

وقالت، في تقرير نشرته السبت، إن الهجمات الإسرائيلية دمرت أو أضرت بشكل كبير المباني والبنية التحتية والمزارع والغابات في المناطق القريبة من المنطقة الحدودية جنوب لبنان. وفي بعض القرى والبلدات المتفرقة على الحدود، جرت تسوية بعض الأحياء بأكلمها بالأرض.

وأظهر تحليل صور الأقمار الصناعية وبيانات أجهزة الرادار والإحصاءات الحكومية أن الضرر الأكبر طال منطقة مساحتها 5 كم شمال الخط الأزرق، وهو الخط الحدودي الذي رسمته الأمم المتحدة بين لبنان و«إسرائيل».

خلق واقع جديد على الأرض
وقالت «فاينانشيال تايمز»، حسب البيانات التي جمعتها، إن «الجيش الإسرائيلي استخدم القوة لخلق واقع جديد على الأرض»، معتمدا في ذلك على القصف الجوي والمدفعي وقنابل الفوسفور الأبيض المحرمة دوليا، لتحويل مسافة 5 كم من الحدود إلى «منطقة غير صالحة للسكن».

وخلفت المساعي الإسرائيلية تلك، حسب الجريدة، أضرارا بنيوية وتدهورا بيئيا وضررا اقتصاديا، مما خلق ما يشبه «المنطقة العازلة» التي تسعى «إسرائيل» لإنشائها جنوب لبنان، بعدما أصبحت معظم المباني خاوية بعد تدمير الكثير منها.

- إيران: سندعم «حزب الله» بكل الوسائل إذا شنت «إسرائيل» حربا شاملة على لبنان
- الخارجية الألمانية تحذر من «سوء تقدير» يشعل حربًا بين لبنان و«إسرائيل»
- الأمم المتحدة: اتساع حرب غزة إلى لبنان قد يكون مروعا

وسبق أن وثقت منظمة «هيومان رايتس ووتش» استخدام الجيش الإسرائيلي الفوسفور الأبيض المحرم دوليا، الذي يشتعل عند تعرضه للأكسجين، في قذائف المدفعية والقنابل والصواريخ. ووثقت استخدامه في 17 بلدية لبنانية على الأقل منذ أكتوبر الماضي، بما في ذلك استخدامه في خمس مناطق مأهولة بالسكان.

ولم تفلح الجهود الغربية للتفاوض بشأن اتفاق يضمن انسحاب «حزب الله» من المناطق الجنوبية، بل تحول الشريط الحدودي إلى منطقة عسكرية، حيث يجري عناصر «حزب الله» دوريات منتظمة، بالإضافة إلى الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

دمار كامل يطول قرى الجنوب
ولفتت «فاينانشيال تايمز» إلى أن قرية عيتا الشعب، الواقعة قرب حدود لبنان الجنوبية، من أكثر القرى التي تضررت جراء القصف الإسرائيلي منذ الثامن من أكتوبر الماضي.

وقال رئيس بلدية عيتا الشعب، محمد سرور، إلى «فاينانشيال تايمز»: «إنه تدمير منهجي. هم يدمرون البنية التحتية، لكي يجعلوا من المستحيل عليك العودة والعيش هنا». بينما كشف رئيس المجلس الجنوبي اللبناني، هاشم حيدر، أنه في كامل مناطق الجنوب جرت تسوية أكثر من ثلاثة آلاف منزل بالكامل بالأرض، مع تعرض 12 ألف منزل آخر لأضرار متوسطة المستوى.

وأضاف حيدر أن أكثر من 12 مليون متر مربع من الأراضي الزراعية تضررت، وقد ذبلت بساتين الزيتون ومزارع الموز والحمضيات، وجرى قتل الماشية وتدمير خلايا النحل.

في حين حددت تقديرات الرادار الخطوط العريضة لـ1500 مبنى متضرر بشدة، بعضها يشمل منازل متعددة. وقال كوري شير، أحد الباحثين، إن هذا «تقدير متحفظ للحد الأدنى لمدى الأضرار التي لحقت بالمباني في جنوب لبنان».

وأظهرت بيانات الأمم المتحدة أن أكثر 95 ألف شخص نزحوا قسرا من جنوب لبنان. وأحصت بيانات «فاينانشيال تايمز» مقتل أكثر من تسعين مدنيا جراء الضربات الإسرائيلية، و300 من مقاتلي «حزب الله»، وهو عدد أكبر من القتلى في الحرب التي استمرت شهرا في العام 2006.

وأوضحت الجريدة أنها جمعت بيانات من الأقمار الصناعية التجارية مع أبحاث من مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك وجامعة ولاية أوريغون. ويطبق الباحثون تقنية تستخدم الصور الملتقطة من الأقمار الصناعية، التي يمكنها اكتشاف التغييرات في المباني.