Atwasat

جثث في عرفات ومنى.. حجاج يروون كواليس «وفيات الحر» خلال أداء المناسك

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 21 يونيو 2024, 06:39 مساء
WTV_Frequency

سلط تقرير لوكالة «فرانس برس» اليوم الجمعة، الضوء على المعاناة التي تكبدها ضيوف الرحمن خلال أداء الحج هذا العام بعد إصرار البعض على الحج دون تصريح رسمي خاصة من مصر، وهو ما كان أحد أسباب زيادة عدد الوفيات بين الحجاج في ظل ارتفاع شديد للحرارة بالمملكة العربية السعودية.

فبعد سنوات من السعي عبثا للحصول على تأشيرة الحج، عقد ياسر العزم على الذهاب إلى مكة وأداء الفريضة دون تصريح رسمي، وهو ما ندم عليه.

رغم تمكن ياسر من أداء المناسك وخرج سليمًا في الظروف القاسية الناجمة عن درجات الحرارة الشديدة خلال موسم الحج مرة أخرى هذا العام، إلا أنه لم ير زوجته منذ الأحد الماضي ويخشى أن تكون من بين أكثر من 1000 حاج أعلنت وفاتهم وأغلبهم من المصريين غير المسجلين مثله.

قال المهندس المتقاعد البالغ 60 عاما للوكالة الفرنسية عبر الهاتف من غرفته في الفندق، حيث مكث قلقًا ومترددًا في حزم حقيبة زوجته على أمل عودتها وتجهيزها بنفسه: «بحثت في كل مستشفى في مكة ولم أجدها.. لا أريد أن أصدق احتمال أنها ماتت، لأن وفاتها تعني نهاية حياتها ونهاية حياتي أيضًا».

أكثر من نصف وفيات الحجاج مصريون 
توفي 658 مصريًا خلال الحج وشكلوا بذلك أكثر من نصف المتوفين هذا العام بعد إبلاغ نحو عشر دول تمتد من السنغال إلى إندونيسيا حتى الجمعة عن أكثر من 1000 وفاة، بحسب تعداد للوكالة الفرنسية.

وقال دبلوماسي عربي للوكالة إن 630 من هؤلاء المصريين المتوفين لم يكونوا مسجلين، وهذا يعني أنهم لا يستطيعون استخدام وسائل الراحة الموفرة لتيسير أداء المناسك مثل الخيام المكيَّفة التي تقيهم القيظ مع ارتفاع درجات الحرارة إلى 51.8 درجة مئوية في المسجد الحرام في مكة.

وفي أول تعقيب سعودي على الوفيات، قال مسؤول سعودي رفيع المستوى إن 577 شخصًا توفوا خلال الحج في يوم عرفة السبت والعيد الأحد، وإنه لم يتم بعد تقدير العدد الإجمالي للوفيات.

وقال المسؤول إن السلطات السعودية «لم تقصِّر، ولكن هناك سوء تقدير من الناس الذين لم يقدروا المخاطر التي سوف تحدث لهم»، في إشارة إلى الحجاج الذين لم يحملوا تصاريح.

وأعلنت وزارة الصحة السعودية عن أكثر من 2700 حالة إجهاد حراري خلال يوم الأحد وحده.

الرسوم الباهظة وراء الحج بلا تصريح
تُصدر السعودية كل عام تصاريح رسمية من خلال نظام الحصص المخصصة لمختلف البلدان والتي يتم توزيعها على الأفراد عن طريق القرعة. ولكن تكاليف رحلة الحج الرسمية الباهظة تغري حتى من يستطيعون الحصول على التصريح الرسمي على اللجوء إلى الطريق غير الرسمي من أجل توفير بضعة آلاف من الدولارات.

صار هذا الأمر متاحًا بشكل خاص منذ العام 2019 عندما بدأت السعودية في إصدار تأشيرات سياحية عامة، وهو ما سهل السفر إلى المملكة الخليجية؛ لكن ياسر الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل لأنه ما زال في المملكة، سرعان ما اتضحت له التعقيدات الناجمة عن عدم التسجيل بمجرد وصوله إلى البلاد في مايو.

فقبل وقت طويل من بدء مناسك الحج الرسمية قبل أسبوع، رفضت بعض المتاجر والمطاعم تقديم الخدمة للزوار الذين لم يتمكنوا من إظهار تصاريحهم على تطبيق الحج الرسمي، المعروف باسم «نسك».

حرمان البعض من الحافلات الرسمية يفاقم الوضع الصحي
وبمجرد أن بدأت المناسك وأيام الطواف والصلاة الطويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، لم يتمكن من استخدام حافلات الحج الرسمية، وهي وسيلة النقل الوحيدة حول الأماكن المقدسة، من دون دفع رسوم باهظة على نحو غير رسمي.

وعندما أصيب الحاج ياسر بالإعياء جراء الحرارة، قصد مستشفى في منى للحصول على رعاية عاجلة، لكن لم يتم استقباله، على حد قوله هناك أيضًا لأنه لا يحمل تصريحًا.

ومع تدهور حالتهما الصحية، فقد ياسر زوجته صفاء وسط الزحام أثناء رمي الجمرات في منى. ومنذ ذلك الحين وهو يؤجل رحلة العودة إلى مصر مرة بعد أخرى، على أمل أن تعود. وقال: «سأستمر في التأجيل إلى أن أجدها».

جثث على الطريق إلى مكة 
تحدث حجاج مصريون آخرون غير مسجلين قابلتهم الوكالة الفرنسية عن صعوبات مماثلة واجهوها وعن مشاهد مقلقة على طول طريق الحج مع ازدياد وطأة الحر.

وقال محمد وهو مصري عمره 31 عاما يعيش في السعودية وأدى فريضة الحج هذا العام مع والدته البالغة 56 عاما «كنا نرى جثثًا ممددة على الأرض» في عرفات ومنى وفي الطريق إلى مكة. وأضاف «رأيتُ أشخاصًا ينهارون فجأة ويموتون من الإرهاق».

وقالت مصرية أخرى (توفيت والدتها خلال أداء المناسك)، ورفضت الكشف عن اسمها لأنها تعيش في الرياض، إنه كان من المستحيل إحضار سيارة إسعاف لوالدتها، وإن سيارة خدمات الطوارئ لم تأتِ إلا بعد وفاتها، ونقلت جثمانها إلى مكان مجهول.

وأضافت «حتى الآن ما زال أبناء عمومتي في مكة يبحثون عن جثة والدتي ... أليس من حقنا أن نلقي عليها نظرة أخيرة قبل دفنها»؟

المعاناة تطال الحجاج النظاميين
أما مصطفى فتوفي والداه المسنان اللذان كانا يحملان تصريحًا رسميًا بعد انفصالهما عن مرافقيهما الأصغر سنًا. وقال الشاب إن حتى بعض الحجاج المسجلين واجهوا صعوبات في الاستعانة بخدمات الطوارئ، بسبب الضغط الشديد عليها.

وقال مصطفى للوكالة الفرنسية عبر الهاتف من مصر «كنا نعلم أنهما منهكان. كانا يسيران لمسافات طويلة جداً ولم يتمكنا من الحصول على الماء، وكان الجو حاراً جداً».

كان مصطفى يتطلع إلى الترحيب بهما لدى عودتهما، لكن عزاءه الوحيد الآن أنهما دفنا في مدينة مكة المكرمة. وقال «طبعا نحن مؤمنون بما كتب الله لهما.... لكن مصر كلها حزينة.... لن نراهما مرة أخرى».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
مقتل شخصين وإصابة عسكري في قصف إسرائيلي على جنوب سورية
مقتل شخصين وإصابة عسكري في قصف إسرائيلي على جنوب سورية
الأمم المتحدة: اتساع حرب غزة إلى لبنان قد يكون مروعا
الأمم المتحدة: اتساع حرب غزة إلى لبنان قد يكون مروعا
عشرات المستعمرين يقتحمون «الأقصى» مجددا
عشرات المستعمرين يقتحمون «الأقصى» مجددا
الأمم المتحدة: وضع الأمن الغذائي في غزة لا يحتمل
الأمم المتحدة: وضع الأمن الغذائي في غزة لا يحتمل
الاحتلال يعتقل 9430 فلسطينيا من الضفة منذ 7 أكتوبر
الاحتلال يعتقل 9430 فلسطينيا من الضفة منذ 7 أكتوبر
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم