Atwasat

محاولة خنق روسيا

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 22 مايو 2022, 12:30 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

تاسس حلف شمال الأطلسي (ناتو) في 4 أبريل 1949(أي بعد حوالي أربع سنوات من انتهاء الحرب العالمية الأولى) وكان موجها بشكل علني "ضد الزحف السوفياتي" المفترض على غرب أوروبا. بدأ تأسيس الحلف باثنتي عشرة دولة، هي الولايات المتحدة الأمريكية، بلجيكا، كندا، الدنمارك، فرنسا، أيسلندا، إيطاليا، لوكسمبورغ، هولندا، النرويج، البرتغال، المملكة المتحدة. ويبلغ عدد دول الحلف الآن ثلاثين دولة، ومن المتوقع أن يزداد العدد إلى اثنين وثلاثين دولة بانضمام فلندا والسويد.

أما حلف وارسو، فتأسس في مايو سنة 1955(أي بعد ست سنوات من تأسيس حلف الناتو) على أثر انضمام ألمانيا الغربية إلى حلف شمال الأطلسي في نفس السنة. وكانت الدول المؤسسة الاتحاد السوفياتي وألمانيا الشرقية وبولندا والمجر ورومانيا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا، وألبانيا (انسحبت لاحقاً عام 1968). وفي 25 فبراير سنة 1991 أعلن عن انتهاء الحلف.

حل حلف وارسو كان ينبغي أن يقابله حل حلف الناتو. إلا أن حلف الناتو، بدلا من ذلك، ازداد توسعا باتجاه الشرق، أي باتجاه روسيا.

توجد الآن اتفاقية بين بعض دول ما بعد الاتحاد السوفياتي تحت مسمى "معاهدة الأمن الجماعي" وقعت عليها ست من هذه الدول هي روسيا، أرمينيا، كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان وأوزبكستان، في 15 مايو 1992. وفي السنة التالية التحقت بالمعاهدة أذربيجان، بيلاروسيا وجورجيا. وسنة 1994دخلت المعاهدة حيز التنفيذ. بعد خمس سنوات امتنعت ست دول من أصل تسع، هي أذربيجان، جورجيا، أوزبكستان، على تجديد المعاهدة لمدة خمس سنوات أخرى، ووافقت الدول الست الباقية سنة 2002 على تحويل منظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى تحالف عسكري.

من حيث الميزان العسكري توجد في حلف الناتو ثلاث دول نووية، هي أمريكا وبريطانيا وفرنسا، على حين لم تكون توجد في حلف وارسو سوى دولة واحدة هي الاتحاد السوفياتي. وحاليا لا توجد في معاهدة الأمن الجماعي دولة نووية إلا روسيا. كما أن بقية الدول الأعضاء في المعاهدة ضعيفة عسكريا إذا ما قورنت بألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا.

إن أمريكا التي تعتبر تدخلها في فييتنام، وغزوها بنما وغرينادا وأفغانستان والعراق، وتدبيرها الانقلابات العسكرية في امريكا الجنوبية لأجل إقامة دكتاتوريات عسكرية هناك تابعة لها، أعمالا غايتها حماية "الأمن الوطني لأمريكا"، تنكر على روسيا هذا الحق وهي تمد حدود حلف شمال الأطلسي ليلامس الحدود الروسية.

واضح أن هذه العملية تستهدف "خنق" روسيا وإضعافها، والاقتراب من الصين، حليف روسيا المرجح. وليس أدل على ذلك من هذا الوقوف الجماعي غير المسبوق مع أوكرانيا والاندفاع في إنفاق مليارات الدولارات لمساعدتها عسكريا، وحزمة العقوبات ضد روسيا لإنهاك اقتصادها وموارد الحياة فيها.

صحيح أن هذه العملية لن تمنع روسيا من استخدام أسلحتها النووية حالة قيام حرب نووية (وهذا، في تقديري، أمر بعيد الاحتمال)، إلا أنه من المؤكد أنها ستؤثر سلبا على إمكانيات الحركة الروسية في حرب دون نووية.