يقول اقتصاديون إن فنزويلا خرجت من دورة تضخم مفرط استمرت أربع سنوات، لكن مواطنين على غرار المتقاعد هومبرتو ريكو ما زالوا ينتظرون رؤية دليل على ذلك.

بعد أربع سنوات من التضخم المفرط الذي تسبب بأزمة اقتصادية، سجلت فنزويلا تضخما تراكميا بلغ 686.4% في العام 2021، وفقا للبنك المركزي، وفق «فرانس برس».

« التضخم في فنزويلا هو الأعلى في العالم »
خلال تجوله في سوق تشاكاو الشعبي في كراكاس، لا يرى ريكو البالغ 75 عاما أي تأثير إيجابي على الأسعار ويوضح «يقولون إن التضخم المفرط انتهى، لكنني لا أرى ذلك. بصراحة، لا أرى أي تحسن». ما زال التضخم في فنزويلا هو الأعلى في العالم، وتستمر الأسعار في الارتفاع بشكل خارج عن السيطرة.

ووفقا لتعريف مقبول على نطاق واسع للتضخم المفرط منذ العام 1956 وضعه البروفيسور في الاقتصاد الأميركي، فيليب كاغان الذي تُوفي العام 2012، فإنه يبدأ عندما يرتفع التضخم الشهري بأكثر من 50%.

-  فنزويلا: شطب 6 أصفار من العملة لمواجهة التضخم وتسهيل التعاملات اليومية
-  دراسة تحذر من وصول فنزويلا إلى «الحد الأقصى» للفقر
-  فنزويلا: 76% من الأسر تعيش تحت الحد الأقصى للفقر

وبغية الخروج من التضخم، يجب على الدولة أن تبقي زيادات التضخم الشهرية أقل من 50% على مدى عام كامل، بحسب كاغان. ويشرح هيرميس بيريس أستاذ الاقتصاد في جامعة ميتروبوليتان في كراكاس «وفقا لأرقام كاغان، لقد خرجنا بالفعل من التضخم المفرط».

لكن خبيرَي الاقتصاد الأميركيَين كارمن راينهارت وكينيث روغوف اقترحا معيار تضخم مفرط مختلفا يبلغ 500% سنويا. ووفقا لهما، «لم نخرج من التضخم المفرط بعد»، كما يقو بيريس.

الفنزويليون يستخدمون الدولار للتخفيف من تداعيات الزيادات 
لكن من الواضح أن أرقام التضخم الرسمية في فنزويلا تسير في الاتجاه الصحيح. وبدأ التضخم المفرط في العام 2017 وكانت نسبته 862% ثم ارتفعت في 2018 إلى 130 ألفا في المئة، ثم وصلت النسبة إلى أقل بقليل من 10 آلاف في المئة العام 2019 لتبلغ 3 آلاف في المئة العام 2020.

ويقول بيريس «ما زال (التضخم) الأعلى في العالم»، مشيرا إلى حقيقة فنزويلا هي البلد الوحيد في أميركا اللاتينية الذي يسجل نسبة تتخطى 100%.

وبدأ الفنزويليون استخدام الدولار الأميركي قدر الإمكان للتخفيف من تداعيات الزيادات المتسارعة في الأسعار، متخلين عن البوليفار الوطني، وهي خطوة ساهمت في إبطاء التضخم. حتى أن الحكومة الاشتراكية الشعبوية التي تعزو مشكلاتها إلى العقوبات الأميركية، أجازت استخدام الدولار الذي يعتبر رمزا قويا للإمبريالية الأميركية المكروهة.

كذلك، حاولت السلطات خفض عجز الميزانية في العام 2018 من خلال تخفيف القيود المفروضة على أسعار الصرف، ما أدى إلى تقليص الفرق الكبير بين أسعار الصرف الرسمية والسوق السوداء إلى حد كبير. ومع ذلك، يقول معظم الخبراء إن هناك حاجة إلى إجراء إصلاحات أعمق من أجل حل الأزمة الاقتصادية في فنزويلا.

 فنزويلا قد تخفض التضخم 
يعتقد بيريس، وهو مسؤول سابق في البنك المركزي، أن على المصرف التوقف عن طباعة النقود لتمويل شركة النفط الحكومية (شركة البترول الفنزويلية) بعد الانخفاض الكبير في إنتاج النفط من 3.2 مليون برميل يوميا العام 2008 إلى أقل من 500 ألف بعد 13 عاما.

ويقدّر خبراء أن فنزويلا قد تخفض التضخم إلى نسبة تتراوح بين 120 و300 في المئة هذا العام.

لكن بالنسبة إلى المواطنين، فإن هذا التحسن على مستوى الاقتصاد الكلي، لم يصل بعد إلى دخلهم الفردي المتاح. ويوضح بائع الخضر مانويل كويخادا (67 عاما) «يقول الناس إن الأمور تزداد صعوبة كل يوم، أما أنا فأقول لا، إنها تزداد صعوبة كل دقيقة». ويزعم البعض أن الأسعار ترتفع بشكل يومي.

يقدر الخبير الاقتصادي والمدير في شركة «إيكواناليتيكا» للاستشارات، أسدروبال أوليفيروس، أن فنزويلا تسجل ارتفاعات في الأسعار بالدولار أعلى من المعايير الدولية.

ارتفاع الأسعار بالدولار 40% عام 2021 
وتقول الشركة إن الأسعار بالدولار ارتفعت 40% عام 2021 مقارنة بالعام 2020. ورغم ذلك، تقول المتقاعدة مارينا دوسيي (62 عاما) إن الوضع تحسن في الأشهر الستة الماضية مع استقرار سعر صرف الدولار عند هامش أربعة أو خمسة بوليفار.

في الماضي، كان يمكن أن تنهار قيمة البوليفار في غضون ساعات. تقول دوسيي إنه أصبح من السهل تنظيم الميزانية والتبضع لكن «ليس بوسعنا الخروج وشراء ما نرغب به، فقط ما نحتاج إليه».

ومع ذلك، فالوضع بعيد عما كان عليه قبل ثلاث سنوات، عندما أدى التضخم إلى نقص في إمدادات المواد الغذائية الأساسية والأدوية، إضافة إلى قصور في الخدمات العامة. وختمت بتفاؤل «أعتقد أن الأمور ستستمر في التحسن».