Atwasat

الاقتصاد الليبي 2024 بين التدهور والإصلاحات الشاملة

المهدي هندي الثلاثاء 11 يونيو 2024, 08:00 مساء
المهدي هندي

في الآونة الأخيرة، شهدت ليبيا تدهورًا كبيرًا في أوضاعها الاقتصادية، مع الزيادة الكبيرة في الإنفاق العام لعام 2023 وزيادة إنفاق الدعم على الطاقة بشكل أكبر مما كان متوقعًا والانخفاض في الناتج المحلي حتى وإن كانت تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 10% للعام نفسه، إلا أن معدلات البطالة والتضخم ما زالت في ارتفاع مستمر. وللخروج من هذه الأزمة الاقتصادية، تحتاج ليبيا، دون شك، إلى إجراء إصلاحات هيكلية شاملة على مستوى السياسات والمؤسسات.

أول هذه الإصلاحات يجب أن يركز على تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد المفرط على قطاع النفط والغاز وخصوصًا مع الانخفاض المتوقع في أسعار النفط العالمية في السنوات المقبلة بحسب صندوق النقد الدولي. فعلى الرغم من أهمية هذا القطاع؛ فإنه يجب تشجيع وتطوير قطاعات أخرى كالزراعة والصناعة والسياحة لتوسيع قاعدة الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة ويتطلب ذلك تحفيز القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

كما يجب إصلاح السياسات المالية والنقدية في ليبيا عبر ضبط الإنفاق الحكومي وزيادة الإيرادات غير النفطية. وعلى الرغم من توحيد المصرف المركزي «شكليًا» لكن يبدو أن مشكلة دمج نظام المدفوعات والعمليات المحاسبية بين الشرق والغرب والتدفقات المالية من الشرق ما زالت عالقة وليس ببعيد اللغط الذي أثارته العملة من فئة الـ50 دينارًا المشكوك في سلامتها واتخاذ الإجراءات اللازمة لسحبها.

من جهة أخرى حاول المصرف المركزي التخفيف من الضغط على النقد الأجنبي حيث أعلن في أوائل العام 2024 عن فرض ضريبة بنسبة 27% على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية بصفة مؤقتة وأيضًا هذه الخطوة أثارت الكثير من الصراعات بعد رفضها من حكومة الوحدة الوطنية وأدخلت أروقة المحاكم والقضاء في دوائر، لكن يبدو أنها ماضية إلى نهاية العام على أقل تقدير. في خضم كل ذلك تبقى مسألة توحيد أسعار الصرف والرقابة على إدارة الإيرادات والموازنة العامة هي الطريق الذي سيساهم في استقرار الاقتصاد الكلي.

وبالتوازي مع ذلك، يجب الاستثمار في تحسين البنية التحتية والخدمات العامة كالطرق والكهرباء والمياه والتعليم والصحة، لتعزيز الإنتاجية وتحسين مستويات المعيشة.

علاوة على ذلك، تجب معالجة مشكلة البطالة من خلال برامج تدريب وتأهيل المواطنين وتوفير فرص عمل منتجة، إلى جانب رفع الأجور والمرتبات والإعانات الاجتماعية.

وفي النهاية، لا بد من مكافحة الفساد وتعزيز الحوكمة الرشيدة في المؤسسات الحكومية، عبر تشريع قوانين صارمة ووضع آليات فعالة للمساءلة والشفافية.
إن تطبيق هذه الإصلاحات الاقتصادية الشاملة سيساهم في معالجة التحديات الرئيسية التي تواجه ليبيا، وتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي على المدى البعيد.