Atwasat

(حول اللقاء العسكري والأمني في طرابلس)

عبدالله الغرياني الأربعاء 05 أبريل 2023, 10:39 صباحا
عبدالله الغرياني

تعاطي الشأن السياسي أصبح مزعجًا ومرهقًا بعد ضياع بوصلته خارج حدود الوطن، فلا يمكن أن يتفاعل عاقلٌ مع الأحداث التي تشهدها البلاد بعد حجم التنازلات التي قدمتها القوة الحاكمة شرق وغرب البلاد في سبيل استمرارية حكمها مقابل حرمان الشعب من الانتخابات، فالاجتماعات والتقاربات التي يرعاها ويشرف عليها الممثل الأممي عبد الله باتيلي بين الأطراف العسكرية والأمنية وقادة المليشيات المسلحة أفسدت جميعها المشهد السياسي واغتالت حلم الانتخابات مرارًا لصالحها ولصالح أطراف خارجية.

وكانت طوال العقد الماضي أدوات للتخريب والدمار ولديها سجلات ضخمة من الانتهاكات والقتل والتعذيب والإخفاء القسري، فهذه المجاميع المسلحة والكتائب لا يمكنها صناعة السلام أو العمل لأجل تأمين الانتخابات وقيادة البلاد لمرحلة الاستقرار، فقط يمكنها تمثيل ذلك دون عمل حقيقي .

لقاء في طرابلس وقد يكون الآخر في بنغازي، والختامي في سرت ولكن لن تقدّم للناخبين الذين ينتظرون منذ عام وأربعة أشهر موعد ذهابهم للوقوف أمام الصناديق للتصويت شيئًا، عناصر من المشاركين في هذه اللقاءات اتفقوا على سلب حق الشعب في الانتخاب خدمةً للسلطات السياسية والدول الإقليمية التي تتعارض مصالحها داخل بلادنا وغير جاهزة لوضعها على سكة الاستقرار، فاليوم أصبح العسكريون يتطابقون مع باقي المسلحين.

فكلّ منهم يعمل لأجل مشروع، العسكريون يؤمنون بدولة رئيسها المشير خليفة حفتر، والمسلحون يؤمنون بدولة يحكمها رئيس يستطيعون أخذَ ما يردونه منه، ولا أحد منهم مستعد للتخلي عن مشروعه، والجميع أسّسوا إمبراطوريات من الفساد والنهب وشيدوا بداخلها سجونًا سرية وغيّبوا فيها المعارضين ومارسوا الاستبداد على عموم الشعب، ولذلك لن تختلف هذه اللقاءات عن الأخرى السياسية التي نشاهدها ونعيش على ويلات مخرجاتها.

ما يهمنا اليوم بعد هذه اللقاءات أن يقوم القادة العسكريون والأمنيون والمسلحون الآخرون بالتراجع عن التضييق على المجتمع وإزالة المسطرة التي وضعوها لقياس مستويات الخيانة والانتماء للوطن، ويجب على المنصات الإعلامية الممولة والمدونين والصحفيين المصطفّين مع هؤلاء القادة الابتعاد عن التشهير بمعارضيهم والتحريض ضدهم، فاليوم وغدًا وبعده الجميع أحرار طالما أنهم لا يهددون أمن بلادهم ولا يدعمون الإرهاب العقائدي والديني والعرقي، يحق لمن يريد أن يدافع عن توجهه السياسي بكل أريحية.

ويجب على عموم الشعب أن يستلموا زمام المبادرة ويفتكّوا من أيادي العابثين ما تبقّى من وطنهم، فلا أحد وصي على صوت الشعب الذي قرر من خلال التسجيل الشخصي الذهاب إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية وعددهم تجاوز مليونين وستمائة ألف ناخب وناخبة، هؤلاء يجب عليهم النهوض لمراقبة كل خطوة يخطوها الممثل الأممي باتيلي ويتفاعلوا معه والتأكيد له بأنه يتعامل مع سلطات مثقلة بالفساد وأذرع مسلحة تمارس الاستبداد.

 وعليه، إن كان هو والمجتمع الدولي جادين في وضع بلادنا على سكة الاستقرار، إظهار عصا العقوبات الصارمة والبدء بتجميد الأرصدة والمنع من السفر وإصدار مذكرات دولية لكل من يعرقل المسار نحو الانتخابات، فلا شرعية في ليبيا اليوم والجميع اجتازوا مُددهم منذ سنوات، وحان الوقت لكي يسترد الشعب حقه في الانتخاب ويجدد الشرعية وينهي حكم السلطات العبثية والسلاح المستبد.

من يُرِدْ تأمين الانتخابات عليه أن يؤمّن أصوات معارضيه من الخطر أولاً ويمنح الحرية للشعب، فحرية التعبير من جوهر الديمقراطية كذلك.