فيما اعتبره البعض دليلاً على فشل مبادرة المبعوث الأممي عبدالله باتيلي الرامية إلى حل الأزمة الليبية، استضافت جامعة الدول العربية بمقرها في القاهرة اجتماعا ثلاثيا ليبيا، جرى خلاله الاتفاق على بند أساسي يطالب به باتيلي نفسه وهو وجوب تشكيل حكومة موحدة تقود البلاد لإجراء الانتخابات.

الجامعة أعلنت عقد جلسة الأحد الماضي بين كل من رؤساء المجلس الرئاسي محمد المنفي، والنواب عقيلة صالح، والأعلى للدولة محمد تكالة، مضيفة أنه جرى «الاتفاق على وجوب تشكيل حكومة موحدة تقود لإجراء الانتخابات الليبية وتقدم الخدمات الضرورية للمواطن»، كذلك التوافق على «سيادة ليبيا ووحدة أراضيها ورفض أي تدخل أجنبي في شؤونها».

مخرجات الاجتماع الثلاثي في القاهرة
واتفق الحاضرون على «تشكيل لجنة فنية بمرجعية الاتفاق السياسي وملاحقه خلال فترة زمنية محددة للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق والقبول بالعمل المنجز من لجنة (6+6) وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية حسب التشريعات النافذة».

عقدت الجلسة في وقت فشلت فيه -حتى الآن- مبادرة المبعوث الأممي باتيلي لعقد اجتماع خماسي بين الأطراف الليبية يضم المنفي وعقيلة صالح ومحمد تكالة بجانب رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة وقائد قوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

ويعد عقيلة صالح من أشد الرافضين للاجتماع بهذه الصيغة مشترطا إما استبعاد الدبيبة أو مشاركة رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد، وهو الاجتماع الذي عولت عليه البعثة الأممية ليقود إلى حل يؤدي إلى الانتخابات. واعتبرت مصر أن مخرجات اللقاء الثلاثي «خطوة مهمة على مسار تحقيق التطلعات المشروعة للشعب الليبي»، مضيفة أنه جاء «في إطار دعم الملكية الليبية الخالصة للتسوية السياسية، وتعزيز دور المؤسسات الليبية في استيفاء جميع الأطر اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقت».

باتيلي يجتمع مع وفد من مجلسي النواب والدولة
في اليوم ذاته الذي عقد فيه لقاء القاهرة، اجتمع باتيلي مع وفد مشترك من أعضاء مجلسي النواب والدولة، إذ شدد على ضرورة «التوصل إلى اتفاق أوسع لتشكيل حكومة موحدة من شأنها أن تسير بليبيا إلى الأمام على درب إجراء انتخابات وطنية شفافة وشاملة في أقرب وقت ممكن».

وقالت البعثة الأممية في بيان إن وفد المجلسين «يمثل مجموعة أكبر من أعضاء المجلسين كان باتيلي قد اجتمع بهم في تونس نهاية فبراير الماضي»، وذلك دون أن توضح عددهم أو تحدد هويتهم.

- للاطلاع على العدد 434 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وتناول اللقاء الذي عقد في العاصمة طرابلس «التوافق الذي جرى التوصل إليه في تونس وتفاصيل الخطوات التالية»، في إشارة إلى اجتماع 120 عضوا من مجلسي النواب والدولة في تونس نهاية فبراير الماضي، وهو الذي انتهى إلى المطالبة بضرورة تشكيل حكومة وطنية جديدة تعمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي.

لقاء المنفي وباتيلي
وبعد عودته من القاهرة، التقى المنفي مع المبعوث الأممي للاطلاع على نتائج اللقاء الثلاثي، دون أي تفاصيل من الجانبين. واكتفى المبعوث الأممي بالقول إنه ممتن للمنفي، مضيفا: «قررنا متابعة النتائج التي تمخض عنها الاجتماع».

من جانبهم، دعا سفراء الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا إلى قبول دعوة باتيلي، مطالبين بإجراء الإصلاحات الضرورية للحفاظ على الاستقرار والاقتصاد الليبي. وأشار السفراء في بيان لمناسبة حلول شهر رمضان إلى «تأثير التحديات الأمنية والاقتصادية بشكل متزايد على الحياة اليومية للمواطنين في جميع أنحاء البلاد»، وناشدوا القادة الليبيين «الاتفاق بشكل عاجل على الإصلاحات الضرورية اللازمة للحفاظ على الاستقرار والاقتصاد، حتى يتمكن الليبيون من الاحتفال دون خوف ومعاناة».

الدبيبة: استعدنا الأمن
إلى ذلك، أعلن رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة عن ارتياحه بما اعتبره تحسنا في الوضع الأمني في ليبيا، إذ أشاد بتراجع ليبيا في مؤشر الدول الأكثر تأثُّراً بالإرهاب، معتبرا أن ذلك يعطي دلالة على «استعادة الأمن» ويعزز الشعور «بالاطمئنان في عموم البلاد».

وأظهر المؤشر الصادر عن المعهد الدولي للاقتصاد والسلام للعام 2024، احتلال ليبيا المرتبة 30 العام الماضي مقارنة بالمرتبة السابعة في العام 2022. أضاف الدبيبة أن حكومته تعمل على «أكثر من مسار لتثبيت حالة الاستقرار» في البلاد على الرغم من «التحديات». وتابع: «أتطلع إلى تحقيق الصورة المثلى للدولة التي يتمناها الليبيون، عبر تدوير عجلة التنمية وإعادة الحياة في مناحيها كافة».

وفي بنغازي، استقبل قائد قوات «القيادة العامة» المشير خليفة حفتر وفداً من الحكومة الإيطالية برئاسة وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوزي، ونائب وزير الخارجية ادموندو تشيريللي، ورئيس المخابرات الإيطالية الجنرال جياني كارفيللي وعدد من المسؤولين بالحكومة الإيطالية لمناقشة التعاون الأمني. وقالت القيادة العامة إن زيارة الوفد الإيطالي تأتي في إطار «التباحث وتبادل وجهات النظر بين البلدين، ولتعزيز الشراكة والتعاون في المجالات الأمنية والاقتصادية والتجارية». ونقل البيان عن الجانب الإيطالي إشادته بـ«دور قوات القيادة في مكافحة الإرهاب والتطرف، وجهودها للحد من الهجرة غير القانونية».

كما أكد الوفد الإيطالي، بحسب البيان، «دعم الحكومة الإيطالية لكل الجهود المبذولة لتعزيز العملية السياسية، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا للوصول إلى مرحلة الاستقرار الدائم». وفي مايو الماضي زار حفتر روما، والتقى رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني في قصر كيجي، فضلا عن اجتماعاته مع وزراء الخارجية والداخلية والدفاع الإيطاليين.

حضر اللقاء إلى جانب حفتر، رئيس أركان الوحدات الأمنية خالد خليفة حفتر، ووكيل وزارة الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب فرج اقعيم.