بينما تتصدر تداعيات الأزمة المتفاقمة في البحر الأحمر على سوق الشحن والطاقة، ينبه مراقبون إلى التأثير المزدوج للأزمة الأخيرة في ليبيا والتي شهدت إعلان حالة القوة القاهرة في حقل الشرارة النفطي، إضافة إلى التحركات الاحتجاجية في مصفاة الزاوية، وتهديد العاملين بتصعيد التحرك إلى الاعتصام إلى حين الاستجابة إلى مطالبهم.

وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط القوة القاهرة في حقل الشرارة النفطي، الذي ينتج 300 ألف برميل يوميا بعد سلسلة من الاحتجاجات المحلية بسبب غلاء أسعار الوقود وغياب الفرص الاقتصادية.

وأثّر إغلاق حقل الشرارة على خطوط الأنابيب وشحنات الخام إلى مصفاة الزاوية، ذات سعة التخزين المحدودة. إضافة إلى ذلك، أصبحت مصفاة الزاوية مسرحا لاحتجاجات شعبية جديدة، في إشارة إلى تصعيد سياسي وأمني محتمل في البلاد، كما نقلت وكالة «أنباء الشحن اليونانية» الأحد.

تداعيات الإغلاق في ليبيا على سوق الشحن
وفيما يتعلق بتداعيات الاضطرابات الأخيرة في ليبيا على سوق الشحن الدولي، قالت شركة سمسرة الشحن «جيبسون» إن «البنية التحتية للنفط في ليبيا دائما ما تصبح الهدف بين الفصائل المتناحرة.. في الوقت الراهن، على نحو مفاجئ، كان هناك تأثير إيجابي على سوق شاحنات أفراماكس في الشرق الأوسط، مع تأثر 4-5 شحنات فقط، وتأجيل حوالي 10 شحنات إلى الأسبوع المقبل، ما وفر بعض الدعم لأسعار أفراماكس المحلية وخلق شعور أقوى بالمنطقة».

وتابعت الشركة: «يمكن تفسير ذلك بسبب استمرار العمل في مرافق الميناء في الزاوية، على الرغم من انخفاض شحنات النفط الخام القادمة من حقل الشرارة، لكن الانقطاع المطول قد يبدأ في التأثير سلبًا على السوق، بمجرد الانتهاء من تصفية الشحنات المتراكمة الحالية».

- «أويل برايس»: الفساد وسوء توزيع الثروة النفطية يُشعلان احتجاجات جديدة في ليبيا
- «أويل برايس»: الاضطرابات السياسية لا تزال تتحكم في إنتاج ليبيا من النفط
- خبير ليبي يناقش أسباب تكرار الإغلاقات النفطية ويدعو لإنشاء مصفاة تكرير في الجنوب

توقف العمل بالشرارة يدعم الخامات البديلة
غير أن الشركة، حسب تقرير الوكالة اليونانية، أشارت إلى أن الفشل في استئناف العمل في حقل الشرارة في وقت قريب سيضع مزيد الضغوط على هوامش التكرير المحلية ويدعم خامات النفط الأخرى البديلة للخام الليبي، مثل الخام الجزائري، ومزيج آزري و«سي بي سي».

وقالت: «بلغت صادرات النفط من ليبيا متوسط 1.035 مليون برميل يوميا في العام 2023، مع أحجام تصدير أقوى في ديسمبر عند 1.1 مليون برميل يوميا. يتم تصدير أغلب الإنتاج عبر شاحنات أفراماكس، ونسبة أقل عبر شاحنات سويسماكس».

وواصلت: «غالبية النفط الليبي يجرى تداوله محليا في المنطقة، وإيطاليا هي المستورد الأكبر للخامات الليبية، مع وصول شحنات إلى إسبانيا وفرنسا، حيث يعد الخام الليبي الخفيف مادة خام شائعة لمصافي البحر الأبيض المتوسط لمعالجته وتحويله إلى بنزين. ومن المرجح أن تجد الخامات البديلة مثل مزيج الصحراء الجزائرية والأذرية وخليط سي بي سي الفرصة مع توقف الإنتاج موقتا في حقل الشرارة».

تعطيل خطط زيادة الإنتاج
وفي حين حذرت شركة سمسرة الشحن من التأثير السلبي للاضطرابات الأخيرة في الشرارة والزاوية على خطط ليبيا الطموح لزيادة الإنتاج النفطي إلى مليوني برميل يوميا بحلول العام 2030، فإنها لفتت إلى أن الإنتاج الخام في ليبيا ظل مستقرا نسبيا خلال العام 2023 بالرغم من الانتعاشة التي سجلها في النصف الثاني من العام 2022.

وقالت إنه «مع استقرار الإنتاج النفطي في ليبيا خلال العام 2023 عند 1.145 مليون برميل يوميا، فإن هدف رفع الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا بات أكثر صعوبة بالنظر إلى الأزمات التي يمر بها القطاع النفطي في الوقت الراهن، نتيجة غياب تحقيق الاستقرار المطلوب لرفع الإنتاج بشكل مستدام».

وعلى الرغم من أن تعطل الإنتاج النفطي اقتصر في الوقت الحالي على حقل الشرارة فقط، أبدت شركة سمسرة الشحن تخوفا من أن خطر انقطاع الإمدادات في ليبيا لم يتلاشَ بعد ويمكن أن يشتعل مرة أخرى في المستقبل، مما قد يشكل خطراً على سوق ناقلات النفط الخام في البحر الأبيض المتوسط.

وقالت: «أهداف الإنتاج الطموحة تتطلب بيئة استثمارية مستقرة لشركات النفط العالمية للعمل وتوفير طاقة إضافية. وفي حين أنه من غير المتوقع أن تصل الاضطرابات الحالية إلى المستوى نفسه الذي شهدناه في العام 2022، إلا أنها تظهر الصعوبات المستمرة التي تواجهها صناعة النفط الليبية وإنتاجها المتزايد»