أكدت دراسة حديثة للبنك الدولي أن نصيب الفرد الليبي من الناتج المحلي الإجمالي تراجع بنسبة 50% بين العامين 2011 و2020، في حين كان من الممكن أن يرتفع بنسبة 68% لو واصل الاقتصاد الليبي سيره في الاتجاه الصحيح دون صراع وانقسام سياسي.

وأضافت الدراسة حول المؤشرات الاقتصادية لليبيا أن الاقتصاد الليبي، الذي تضرر بالفعل من الصراع، وجائحة كورونا، والغزو الروسي لأوكرانيا، سيتأثر تأثرا كبيرا بالفيضانات الكارثية التي ضربت شرق البلاد. وتتسبب الأوضاع الهشة في البلاد في آثار اقتصادية واجتماعية بعيدة المدى.

وأوضحت أن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي كان يمكن أن يكون أعلى بنسبة 118% في حالة عدم وجود الصراع، مشيرة إلى بقاء النمو الاقتصادي في العام 2022 منخفضاً ومتقلباً بسبب الاضطرابات المرتبطة بالصراع في إنتاج النفط.

تقديرات خبراء البنك الدولي بشأن الاقتصاد الليبي
وتشير تقديرات خبراء البنك الدولي إلى أن الاقتصاد الليبي انكمش بنسبة 1.2% في العام 2022، بسبب الحصار المفروض على إنتاج النفط، خلال النصف الأول من العام. وتتسم سوق العمل بارتفاع معدلات البطالة، حيث بلغ المعدل الرسمي 19.6%. ويعمل أكثر من 85% من العاملين، في القطاعين العام وغير الرسمي. وزادت إيرادات المالية العامة بنسبة 16% في العام 2022، مدفوعةً بارتفاع عائدات النفط التي تشكل 97% من إيرادات المالية العامة.

- 13.4 ألف دولار.. متوسط نصيب الفرد من الثروة في ليبيا خلال 2022
- «المركزي»: 163.5 مليار دينار إجمالي الدين العام المحلي
- 91.42 مليار دينار الناتج المحلي الإجمالي لليبيا والدين العام الداخلي يمثل 169%

وقالت الدراسة إن الدين العام المحلي يعد بشكل رئيسي مرتفعاً عند مستوى 77% من إجمالي الناتج المحلي، و126% من الإيرادات الحكومية، ومن المستدام افتراض عدم تأثر إنتاج النفط والغاز وصادراتها بدرجة أكبر بالوضع الأمني والصراع. ومن المتوقع أن تستمر الزيادة في الإنفاق الجاري في العام 2023، ويرجع ذلك جزئياً إلى اعتماد قانون الرواتب الموحد، في نوفمبر 2022.

وبالإضافة إلى ذلك، سجلت حكومة الوحدة الوطنية فائضاً في المالية العامة نسبته 2.5% من إجمالي الناتج المحلي في العام 2022، مقابل بـ10.6% من إجمالي الناتج المحلي في العام 2021، على الرغم من الزيادة الكبيرة في إيرادات النفط والغاز.

ركائز التعافي: اتفاق سياسي ورؤية اقتصادية ونظام شفاف للمالية العامة
وخلصت الدراسة إلى أنه على الرغم من التحديات العديدة التي تواجه ليبيا، يمكن أن يتحقق تعافي الاقتصاد الوطني باستفادة ليبيا من مواردها المالية الكبيرة، بالبناء على أربع ركائز بالغة الأهمية.

أولاً التوصل إلى اتفاق سياسي مستدام بشأن مستقبل ليبيا. وثانياً إعداد رؤية مشتركة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تستند إلى أدلة، وتُترجم إلى موازنة مالية وطنية للحفاظ على البنية التحتية الحيوية، وبناء رأس المال البشري.

وثالثاً وضع نظام لإدارة المالية العامة يتسم بالمساءلة والشفافية واللامركزية، ويضمن التقاسم الملائم للثروة النفطية والتحويلات المالية الحكومية، فضلاً عن تخطيط الموازنة وتنفيذها، ورفع التقارير بشأنها على نحو فعال. ورابعاً إصلاح شامل للسياسة الاجتماعية لخلق تمييز واضح بين التحويلات الاجتماعية إلى المحتاجين، وبين الأجور العامة.

تحسن الوضع الإنساني في ليبيا
وفي العام 2022، تحسن الوضع الإنساني، ولكن من المرجح أن تزداد مواطن الضعف في أواخر العام 2023، بسبب الفيضانات في شرق ليبيا. وأشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والمنظمة الدولية للهجرة، إلى نزوح نحو 43 ألف شخص في شمال شرق ليبيا، بعد الفيضانات في سبتمبر 2023.

وعلاوة على ذلك، أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ليبيا، أنه قبل الفيضانات، جرى تسجيل 49 ألف لاجئ وطالب لجوء لدى المفوضية، بمن في ذلك أكثر من ألف لاجئ في شرق ليبيا، بالإضافة إلى نحو 46 ألف نازح داخليا في جميع أنحاء شرق ليبيا، ومعظمهم في بنغازي ودرنة وأجدابيا. وتزداد الاحتياجات بين النازحين داخل البلاد، مع اعتبار الرعاية الصحية والتعليم والنقل والمأوى من الاحتياجات ذات الأولوية.