أكد رئيس مصلحة الآثار بحكومة الوحدة الوطنية الموقتة محمد الفلوس تضرر أربعة مواقع أثرية جراء العاصفة «دانيال» في مدن شرق البلاد، تعرض بعضها إلى انجراف في التربة، وتحتاج إلى أموال طارئة وفرق فنية لترميمها قبل دخول فصل الشتاء.

وبعدما ضربت السيول والفيضانات مناطق شرق ليبيا في العاشر من سبتمبر الجاري، طالب أثريون وخبراء بضرورة التدخل العاجل لإنقاذ المناطق الأثرية، خصوصا أن المياه جرفت مدنا وقرى بسكانها ومبانيها وبنيتها التحتية.

وأضاف الفلوس، في تصريحات إلى «بوابة الوسط» أن المناطق الأثرية الأربعة المتضررة بحاجة إلى أموال طارئة لإعادة الترميم، والاستعانة بمنظمات عالمية مثل «يونسكو»، لافتا إلى أن الآثار الإسلامية في مدينة درنة جرفها السيل بالكامل، بدءا من المسجد العتيق والمسرح البلدي وبعض المواقع الأثرية.

وردا على سؤال حول دخول مياه الصرف الصحي مدينة شحات الأثرية «قورينا»، قال إن مهندسين يعالجون مجريات مياه الصرف الصحي بالقرب من المعلم التاريخي. أما بشأن الأموال التي تحتاجها المصلحة من أجل ترميم المعالم الأثرية، أكد أن التقرير الفني النهائي بشأن الأضرار والتكلفة المالية للترميم سوف يصدر في غضون أيام.

- بسبب تجمُّع مياه الفيضانات.. خطر يحدق بموقع «قورينا» الأثري
- سفير يونسكو السابق: تقييم أضرار «دانيال» في المواقع الأثرية صعب بسبب نقص التمويل
- الآثار تتعرض للنهب.. مطالب بالإنقاذ.. ومعوقات أمام البعثات الدولية

باحث أثري: تضرر أجزاء من السور الروماني
وقال الباحث الأثري عصام الحاسي إن مدينة شحات تضم 13 مرفقا أثريا، لافتا إلى أن أجزاء من السور الروماني تعرضت للضرر، مما يهدد المدينة الأثرية مستقبلا، بالإضافة إلى دخول المياه للمباني الأثرية.

وتقول وزارة السياحة، في آخر تقرير إحصائي لها، إن 88 ألفا وأكثر من 400 سائح زاروا ليبيا خلال العام 2022، من بينهم 69 ألفا من أفريقيا.

ويعد موقعا شحات وسوسة الأثريين في طليعة المزارات السياحية بمنطقة الجبل الأخضر، والأكثر بروزا على خارطة الوجهات السياحية. كما برزت طلميثة منتصف القرن السابع قبل الميلاد ضمن المدن الإغريقية، وميناء لمدينة برقة (المرج) بين العامين 675 – 650 قبل الميلاد، وخضعت للإسكندر سنة 331 قبل الميلاد، ووقعت تحت سيطرة الرومان في القرن الأول قبل الميلاد، وخضعت للبيزنطيين خلال القرن الخامس للميلاد، حيث تغطي آثار المدينة مساحة المحصورة داخل الأسوار 250 هكتارا، وتضم بقايا القصور الفخمة والخزانات الكبيرة التي تعد من أكبر صهاريج المياه الرومانية في شمال أفريقيا، كما يظهر في المدينة بشكل واضح نظام الطرق الشبكية، الذي أسسه (هيبوداموس) المالطي خلال القرن الخامس.

أضرار واسعة في وادي الكوف
كما تعرض وادي الكوف، أحد أهم المزارات السياحية بمنطقة الجبل الأخضر، لأضرار واسعة نتيجة الفيضانات والسيول التي اجتاحت المنطقة خلال الأسبوع الماضي، وأدت إلى انهيار وانجراف الطرقات، وعدد كبير من المباني في المدن والقرى والبلدات.

وأشارت وسائل إعلام إلى أن خطر الانهيار يحدق بموقع «قورينا» الإغريقي الأثري القديم في ليبيا والمصنف منذ العام 2016 من اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي، لافتة إلى أن التهديد نشأ بفعل الفيضانات المدمرة التي ضربت شرق البلاد.

ونقلت وكالة «فرانس برس» عن المتخصصة في الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية، كلوديا غازيين، الّتي زارت قورينا في الأيام الأخيرة، قولها إن «الموقع لا يزال مغمورا بالمياه إلى حد كبير وقد تعرض لانهيارات عدة، موضحة أن «شارع الوادي، الطريق الانحداري الذي يصطف على جانبيه أسوار قديمة، كان يربط الجزء العلوي من الموقع الأسري بالجزء السفلي، تدفقت عبره مياه الأمطار، وأدى سقوط كتل من الحجارة بالطريق نفسه إلى منع تدفق المياه».

23.4 مليون دينار إنفاق مصلحة الآثار خلال 8 أشهر من العام الجاري
وأظهرت بيانات مصرف ليبيا المركزي، أن حجم إنفاق مصلحة الآثار خلال ثمانية أشهر من العام الجاري بلغ 23 مليونًا و492 ألفًا و198 دينارًا، من بينهم 22 مليونًا و325 ألفًا و531 دينارًا للباب الأول (الرواتب).

هل يتأثر قطاع السياحة في ليبيا؟
وقال صاحب شركة سياحية معتز جلول لـ«بوابة الوسط» إن المعالم الأثرية تشكل الركيزة المهمة للسياحة، مؤكدًا أن حركة السياحة بدأت تتعافى، خاصة مع دول الجوار تونس والجزائر وبعض الدول الأوربية.

لكن الخبير الاقتصادي محمد الشحاتي رأى في مداخلة مع قناة «الوسط»، أمس الإثنين، أن القطاع السياحي في ليبيا بأكملها سيتأثر كثيرًا، باعتبار أن تلك المنطقة من نقاط الجذب السياحي، لكنه يشير إلى أن بُعد المنطقة المتضررة عن البنية الأساسية لقطاع النفط والغاز يعني أن الاقتصاد الليبي لن يتأثر بشكل كبير؛ وهو ما يدعم عملية إعادة الإعمار.