Atwasat

مراسلة «سي إن إن» ترصد أحوال الناجين وتتساءل: أرواح مكلومة في درنة.. كيف لها أن تشفى؟

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 22 سبتمبر 2023, 07:25 مساء
WTV_Frequency

بكلمات قاسية يغلب عليها أوصاف الحزن، رصدت  مراسلة قناة «سي إن إن» الأميركية جومانا سكوت الوضع في درنة، قائلة إن فريقا من القناة يغطي منذ 10 أيام توابع كارثة العاصفة «دانيال» في ليبيا، و«هي مأساة لم تشهدها البلاد من قبل».

وأضافت سكوت عبر حسابها في منصة «إكس»: «الخدمات اللوجستية والأمن والوصول والطرق المقطوعة كلها عوامل جعلت من الصعب علينا الوصول إلى هناك، ولكننا وصلنا إلى هناك. ما وجدناه هو كارثة ذات أبعاد أسطورية».

وأوضحت أن الفريق يضم كلا من كلاي ناجل ودابل فراي، ونشرت صورا تُظهر الدمار الذي لحق بمدينة درنة.

مدينة أشباح يكسوها الدمار 
وصفت المراسلة الرحلة إلى درنة، قائلة: «وصلنا في منتصف الليل إلى درنة التي بدت وكأنها مدينة أشباح، فحتى الظلام لا يمكن أن يخفي الدمار. في الفجر رأينا مشاهد صادمة للغاية يصعب وصفها. جرى مسح أحياء بأكملها في أقل من 90 دقيقة».

شهدت درنة موجة من المياه بارتفاع أكثر من 6 طوابق، قوية جدا، دمرت كل شيء في طريقها، «انهارت الجسور وقسمت المدينة إلى قسمين. جرفت الشقق بأكملها في البحر. السيارات المتهالكة تراكمت فوق بعضها البعض. أجزاء من حياة الناس. ملابس وأحذية ودمى الدببة متناثرة في جميع أنحاء المدينة»، وفق وصف المراسلة.

وتابعت: «إنه مشهد مؤلم بشكل خاص على الواجهة البحرية. تحولت مياه البحر المتوسط الزرقاء الكريستالية إلى اللون البني والغامق. يمكنك أن ترى بقايا من أغراض الناس تطفو على الساحل. الواجهة البحرية التي كانت شاعرية ذات يوم أصبحت الآن منطقة انطلاق لتسليم الموتى».

أكياس الجثث في كل مكان 
وأشارت إلى التدفق المستمر من الشاحنات وعربات الموتى الموقتة التي تحمل أكياس الجثث بشكل كبير، «بينما ينصب الرجال والنساء الخيام، لتحضير الجثث للدفن. وبحلول يوم الأربعاء، أصبح من الصعب التعرف على الجثث المتحللة الآن».

وأضافت المراسلة: «كان معظمهم من المتطوعين الذين نجوا، ولكنهم لم يستوعبوا بعد ما نجوا منه. لن أنسى أبدا امرأة واحدة، تدعى أسماء، لقد بدت قوية جدا ففعل ما كانت تفعله، لكن بينما كنا نتحدث، لم تعد قادرة على ذلك. انهارت وحضنتني، وبكت عيناها».

ونقلت المراسلة عن مواطن يدعى عبدالوهاب، يبلغ من العمر 21 عاما، كيف ربط وآخرون الحبال حول خصورهم، وقفزوا في الماء، لسحب الجثامين، أطفال صغار ونساء حوامل ورجال. كان هناك الكثير منهم لدرجة أنه لم يعد يحصيهم.

ونقلت عن مواطنة أخرى في درنة قولها: «قلب درنة سيظل حزينا إلى الأبد. اعتاد الأشخاص المجيء إلى هنا، لرؤية الزهور والياسمين في هذه المدينة الجميلة. لكن الآن يأتون إلى درنة مكسورة».

وتواصل المراسلة وصف الوضع بقولها: «في أنحاء منطقة الكارثة جميعها رأينا وجوها تتحدث عن الرعب الذي نجوا منه. الصدمة ووجع القلب واضحان جدا على كل وجه، ويحمل البعض أكياسا بلاستيكية تحتوي على كل ما يمكنهم إنقاذه. رجال ونساء ناضجون يمشون أمامنا وهم ينتحبون. يحاول الناس تهدئة بعضهم البعض، لكن الأمر صعب للغاية».

قصص مؤلمة لفقدان الأحبة
في الوقت نفسه، يجلس آخرون فوق أنقاض منازل أحبائهم الذين اختفوا دون أن يتركوا أثرا. هذا كل ما تبقى لهم. كل منهم لديه قصة فقدان مؤلمة للقلب. الآباء الذين لم يتمكنوا من إنقاذ أطفالهم وزوجاتهم يجلسون الآن بمفردهم، مستهلكين بالحزن الذي لا يمكن لأي منا أن يفهمه.

وأشارت إلى أن نحو 10 آلاف إنسان ما زالوا في عداد المفقودين.. «الآن، يفترض أنهم ماتوا. لكن البعض يتمسكون بالأمل في أن يكون أحباؤهم قد فقدوا وسط الفوضى. صورهم وأسماؤهم ملصقة على الجدران، وتحول الأمل في العثور عليهم أحياء إلى أمل في دفن جثثهم».

وقالت المراسلة إن هناك مقابر جماعية دُفن فيها أكثر من ألف ضحية، بينما يجرى حفر المزيد من الخنادق. بينما قال معلم مدرسة متطوع هناك إنه تعرف على الوجوه الميتة لأصدقائه وزملائه الذين كان عليه دفنهم، «لا توجد عائلة للمفقودين. فقط غرباء هناك يصلون على الميت».

وتحدثت عن وضع المتطوعين بقولها: «لقد رأينا بعض فرق الإنقاذ الدولية غارقة في المدينة وفي البحر. كان معظم الذين يبحثون عن القتلى من المتطوعين الليبيين باستخدام أيديهم العارية والمجارف. لم يكن لديهم دعم دولي. لو فعلوا ذلك، أخبرنا فريق الإنقاذ أنهم كانوا سيتمكنون من انتشال العديد من الجثث».

- مراسلة «سكاي نيوز» البريطانية: رأيت كثيرا من الغضب والإحباط في درنة ولم أر «إرهابيين»
- «كأننا في ساحة حرب».. ماذا قالت مراسلة «سي إن إن» عن مشاهد الدمار في درنة؟ (فيديو)
- جريدة «الوسط»: ترقب حذر لصورة المشهد السياسي ما بعد الكارثة

حزن وغضب من الدولة الفاشلة
وفي فصل آخر مما عاشته درنة، تقول المراسلة إن الحزن والصدمة تحول إلى غضب، في إشارة إلى المظاهرات ضد الفساد وضد المتسببين عن الكارثة، «إنها ليست مجرد كارثة طبيعية يلومونهم عليها. إنها سنوات الدولة الفاشلة والفساد وسوء الإدارة والإهمال التي جعلت من غير الممكن منع هذا الأمر بشكل مؤلم للغاية».

وتواصل: «من سيلتقط القطع الآن.. من سيعيد البناء.. من سيعيدهم ومدينتهم للوقوف على قدميها من جديد.. من سيقدم لهم الدعم النفسي الذي يحتاجونه كما يطلبونه»؟

كما تطرقت إلى الوضع النفسي للناجين: «الحال مدمر بالنسبة للسكان المصابين بصدمات نفسية، والذين شعروا بالوحدة بالفعل، وأطقم الإنقاذ التي تعمل بالفعل في ظروف فوضوية وصعبة».

وتختتم حديثها بالقول: «الآن نترك مدينة مدمرة عانت سنوات طويلة.. لا شيء يضاهي هذا، كما يقول سكانها. لقد جرى سحق روح وشعب هذه المدينة الصامدة. كيف سيشفى من هذا؟».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
نشرة الصيـد البحري على الساحل الليبي (الثلاثاء 7 مايو 2024)
نشرة الصيـد البحري على الساحل الليبي (الثلاثاء 7 مايو 2024)
شاهد: الدبيبة يستقبل رئيسة الحكومة الإيطالية
شاهد: الدبيبة يستقبل رئيسة الحكومة الإيطالية
«المركزي» يشكل فريق عمل لتوسيع قاعدة الدفع الإلكتروني
«المركزي» يشكل فريق عمل لتوسيع قاعدة الدفع الإلكتروني
5 ملفات في مشاورات محافظ المصرف المركزي مع لجنة العقوبات
5 ملفات في مشاورات محافظ المصرف المركزي مع لجنة العقوبات
مصفاة راس لانوف تربح حكما قضائيا جديدا.. وصنع الله يعلق
مصفاة راس لانوف تربح حكما قضائيا جديدا.. وصنع الله يعلق
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم