رأت جريدة «وول ستريت جورنال» أن المكاسب التي سيجنيها جيش الاحتلال الإسرائيلي من الاجتياح البري لمدينة رفح الحدودية مع مصر ضئيلة للغاية مقارنة بالخسائر المتوقعة، وأبرزها التكلفة البشرية الضخمة، والمخاطرة بالعلاقات مع الولايات المتحدة، وكذلك اتفاق التطبيع مع المملكة العربية السعودية.

ونقلت، في تقرير نشرته أمس الأحد، عن المدير التنفيذي لمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، تامير هايمان، أن «المنافع التكتيكية من اجتياح رفح ستفوق التكاليف، لاسيما مع وجود فرصة للتطبيع مع المملكة العربية السعودية، وبناء شراكة إقليمية تعد بمثابة ثقل موازن لإيران في المنطقة».

وقال: «المنافع ضئيلة للغاية عندما تقوم بمقارنتها مع التداعيات السلبية». وأشارت الجريدة إلى تنامي الجدل داخل تل أبيب بشأن تنفيذ الهجوم على رفح في الوقت الذي تدخل فيه المفاوضات بشأن إطلاق الرهائن الإسرائيليين ووقف إطلاق النار مرحلة حرجة.

تكلفة دولية واستياء عالمي
كما أن الاجتياح البري لمدينة رفح سيأتي مع تكلفة دولية بالنسبة إلى الاحتلال، حسب «وول ستريت جورنال»، مع تنامي الاستياء الدولي بسبب الحصيلة الضخمة للضحايا من المدنيين، وتراجع التعاطف الدولي مع «إسرائيل».

ورجحت الجريدة الأميركية أن تدفع العملية البرية في رفح الإدارة الأميركية لفرض بعض الإجراءات ضد «إسرائيل» مثل تعليق المساعدات العسكرية، وهو إجراء تتردد واشنطن حتى الآن في استخدامه.

وكشف موقع «أكسيوس» الأميركي، أمس الأحد، أن إدارة الرئيس بايدن علقت الأسبوع الماضي تسليم شحنة ذخيرة أميركية الصنع كانت موجهة إلى «إسرائيل»، في موقف هو الأول من نوعه منذ انطلاق الحرب على قطاع غزة.

ومن شأن العملية البرية أيضا تعطيل أو إيقاف المباحثات بشأن اتفاق تطبيع بين المملكة السعودية والاحتلال، وهو اتفاق تضغط إدارة بايدن لتحقيقه في إطار اتفاق أشمل لإنهاء الحرب وإعادة بناء غزة. كما سيمنع الاجتياح بعض الشركاء العرب، مثل الإمارات، من ضخ الأموال في جهود إعادة الإعمار.

- شهود عيان: بعض العائلات تغادر من شرق رفح بعد تلقي أوامر صهيونية بالإخلاء
- جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن بدء عملية إخلاء شرق رفح
- «أكسيوس»: أميركا تعلق شحنة ذخيرة إلى «إسرائيل» لأول مرة منذ 7 أكتوبر

وقال التقرير: «أي خطة للمضي قدما في رفح ستتطلب تنسيقا مكثفا مع الولايات المتحدة ومصر، وهو أمر لا يبدو قريبا من الموافقة. ومن غير الواضح أيضا ما إذا كانت المهمة الضخمة المتمثلة في نقل هذا العدد الضخم من النازحين إلى مكان آمن أمر واقعي».

«الجنائية الدولية» تتحرك ضد الاحتلال
وأضاف التقرير الأميركي: «تعتري إسرائيل بعض المخاوف من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق مسؤوليها، والحصيلة الضخمة من الضحايا بين المدنيين ستعزز هذا الموقف».

ومن الناحية العسكرية، قالت «وول ستريت جورنال» إن العملية ستكون معقدة بشكل كبير، وتنطوي على القتال في مناطق حضرية كثيفة السكان. وقال زميل مؤسسة «كارنيغي» للسلام، آرون ديفيد ميلر: «إنها صورة مصغرة لكل تحدٍ وكل خطر وكل تعقيد حدث في هذه الحرب».

ويجتمع المفاوضون مرة أخرى هذا الأسبوع في القاهرة تحت وطأة ضغط كبير من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق، حسب تقرير الجريدة، الذي نقل عن مصادر عربية أن «القيادي في حماس يحيي السنوار يعتبر أن المقترح القائم هو الأقرب لمطالب الحركة حتى الآن».

ضعف موقف نتانياهو وراء الإصرار على عملية رفح
وعلى الرغم من المباحثات الجارية لإنهاء الحرب والتحذيرات الدولية من كارثة إنسانية مؤكدة، يصر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو على المضي قدما في العملية البرية بمدينة رفح، التي تؤوي أكثر من مليون ونصف مليون نازح تقريبا.

وأرجعت الجريدة الأميركية موقف نتانياهو المتعنت إلى موقفه السياسي المهتز في تل أبيب، وقالت إن «التخلي عن العملية البرية في رفح يهدد بقاءه السياسي. فهو قد أكد مرارا أن العملية في رفح هي السبيل الوحيد للانتصار في الحرب».

وأضافت: «دخول مدينة رفح سيسمح لنتانياهو بإعلان الانتصار في الحرب، وهو إعلان يحتاجه بشدة في الانتخابات المقبلة.. كما أن أعضاء ائتلافه الحكومي المتشددين يضغطون للمضي قدما في الاجتياح البري».