رأت جريدة «ذي إيكونوميست» البريطانية أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عبدالحميد الدبيبة، لا يستطيع التوقيع على صفقة مع «إسرائيل» نيابة عن الدولة الليبية بأكملها، حتى لو وافق على العلاقات مع الكيان الصهيوني، مستشهدة بحالة الانقسام التي تسيطر على البلاد.

واعتبرت الجريدة، في تقرير اليوم الأربعاء، أن وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي إيلي كوهين أخطأ عندما كشف عن اجتماعه مع وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش، لكنها ترى أن «الخطأ الأكبر يقع على عاتق الحكومة الأميركية، التي ترى قيمة في دفع (أكثر الحكومات غير الشرعية) للانضمام إلى الاتفاقيات»، في إشارة إلى اتفاقيات إبراهام الموقعة مع دول عربية.

وفي سياق شرح ملابسات هذه الأزمة، التي اعتبرها «درساً في كيفية عدم ممارسة الدبلوماسية»، يشير التقرير إلى أن «الساسة المتعطشون للسلطة يرون أن المحادثات مع (إسرائيل) هي طريق مختصر للحصول على الدعم الأميركي».

بحسب التقرير، فإن لقاء المنقوش وكوهين كان يفترض أن يكون سريًا، حيث أثار الكشف عنه احتجاجات في أنحاء ليبيا، وهو ما أدى إلى إبعاد المنقوش عن الوزارة ومغادرتها البلاد، وهو ما تزامن أيضًا مع انتقاد المعارضة في «إسرائيل» للوزير كوهين. كما «يشعر المسؤولون الأميركيون بالغضب أيضًا، قائلين إن الكشف عنه أضر بجهودهم لحث الدول العربية على الاعتراف بإسرائيل».

منذ عام 2020، وقعت أربع دول عربية اتفاقيات إبراهيم، وأوضحت الولايات المتحدة أن التطبيع العربي الإسرائيلي هو المحور الرئيسي لسياستها في الشرق الأوسط.

- شاهد في «تغطية خاصة»: هل يدفع الدبيبة جريرة التطبيع سياسيا؟
- بينهم صدام حفتر وسيف.. «يديعوت أحرونوت» تكشف تواريخ اللقاءات السرية بين مسؤولين إسرائيليين وليبيين
- محلل إسرائيلي: نجل حفتر زار إسرائيل عدة مرات
- جريدة إسرائيلية: تسريب «المنقوش - كوهين» يعطل مفاوضات التطبيع مع السعودية

اجتماع صدام حفتر وسيف القذافي مع الإسرائيليين
وأشارت «ذي إيكونوميست» إلى أن لقاء المنقوش وكوهين في روما جاء في أعقاب اجتماع في يناير بين عبد الحميد الدبيبة، ومدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية ويليام بيرنز، حيث ناقشا الموضوع. وتابع التقرير: «إذا كنت زعيمًا عربيًا غير منتخب متعطشًا للدعم الأميركي، فإن أسرع طريقة للفوز به هي التحدث عن العلاقات مع إسرائيل».

ولفتت الجريدة إلى أن حكومة الدبيبة ليست الوحيدة، حيث «عقد صدام، نجل خليفة حفتر، اجتماعات سرية مع مسؤولين إسرائيليين في عام 2021. كما أجرت إسرائيل اتصالات في الماضي مع سيف الإسلام القذافي، والذي يتطلع إلى الترشح للرئاسة في الانتخابات الليبية التي طال انتظارها».

وتحدث التقرير أيضًا عن ما يصفها بـ«الفوائد» جراء قرارات التطبيع العربية مع الاحتلال، معتبرًا أن القرارات المثيرة للجدل التي اتخذتها الإمارات والبحرين للانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، «أدت إلى ضخ مليارات الدولارات من الاستثمارات الثنائية وجلبت طوفانًا من السياح الإسرائيليين إلى الخليج».

«ذي إيكونوميست»: «المحادثات مع إسرائيل تدور حول المصالح الضيقة للسياسيين المتعطشين للسلطة»
وفي حالة ليبيا، يستبعد التقرير أن «تستثمر الشركات الإسرائيلية في دولة غير مستقرة بشكل مزمن، ناهيك عن أن يزورها السياح الإسرائيليون»، كما أن «بيع الأسلحة إلى ليبيا سيكون أمرًا صعبًا، فالبلاد تخضع لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة»، وبالتالي اعتبر أن «المحادثات مع إسرائيل تدور حول المصالح الضيقة للسياسيين المتعطشين للسلطة».

وتعتقد «ذي إيكونوميست» أن «إقامة علاقة دبلوماسية إسرائيلية مع دولة غارقة في حرب أهلية ليس إنجازاً دبلوماسياً هائلاً»، مستشهدة بالحالة في السودان التي اعترفت قيادة الجيش فيها بإسرائيل و«مزقت خطة لنقل السودان إلى الحكم المدني»، قبل أن تستقبل هجوما من قوات الدعم السريع في محاولة للاستيلاء على السلطة.

«ذي إيكونوميست»: أميركا تخطئ في دفع حكومة الدبيبة للتطبيع مع «إسرائيل»
يختتم التقرير بنتيجة مفادها أن «ليبيا بالكاد مؤهلة لأن تكون دولة، في ظل مزيجها المحير من السياسيين والميليشيات»... و«الدبيبة لا يستطيع التوقيع على صفقة نيابة عن الدولة بأكملها»، معتبرًا أن «الخطأ الأكبر يقع على عاتق الحكومة الأميركية التي ترى قيمة في دفع أكثر الحكومات غير الشرعية للانضمام إلى الاتفاقيات».