Atwasat

مراقبون: «تجميد النزاع» هدف القوى الدولية والإقليمية في ليبيا

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني السبت 15 يوليو 2023, 11:39 صباحا
WTV_Frequency

 منذ نحو عام ونصف العام من تأجيل الانتخابات تتواصل الخلافات السياسية ذاتها بين قادة ليبيا، وهي قضايا داخلية مزمنة تبقى قائمة بشأن تفاصيل قوانين تنظيم الاقتراع، وعلى طول هذه الفترة أخذت عدة دول في المنطقة والجهات الدولية الفاعلة المؤثرة في ليبيا في تطبيع العلاقات، حيث يبقى الرهان على العامل الخارجي للتوصل إلى حل دائم.

الجهات الدولية الفاعلة ومنها تركيا وروسيا عملت خلال الأشهر الأخيرة على تطبيع علاقاتها مع الأطراف الليبية التي كانت توصف بـ«الخصم» على مر سنوات بين حكام شرق وغرب البلاد، وهو حديث ينطبق بدرجة كبيرة على أنقرة التي قطعت أشواطاً كبيرة في الانفتاح على المحور الخليجي والقاهرة، ما اعتبر مؤشراً إيجابياً يمهد طريق الحل لأكثر النزاعات السياسية تعقيداً في المنطقة. 

وتتجه الأنظار لزيارة عمل يجريها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى السعودية والإمارات وقطر خلال أيام 17 و18 و19 من يوليو الجاري في إطار تعزيز التعاون مع العرب لتعقبها زيارة أخرى قبل نهاية يوليو إلى مصر.

ومن شأن الجولة غير المسبوقة، أن تخفف التوترات السابقة لإردوغان مع محوري أبوظبي والقاهرة وتصفير المشاكل خصوصاً في عدد من الملفات الإقليمية على رأسها الملف الليبي والتي تحل بشكل نهائي حيث كانت الانقسامات واضحة بشأن خلافات دعم حكومة الوحدة الوطنية الموقتة ومصير القوات الأجنبية، قبل ظهور بوادر تقارب تركي- مصري انتهى أخيراً بإعلان البلدين إعادة سفيريهما.

السيسي إلى أنقرة
في حين يُرجَّح أن يزور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أنقرة خلال الأيام المقبلة للقاء إردوغان، إذ سيكون ملف ليبيا حاضراً ضمن المناقشات. وقدم السفير التركي في مصر، صالح موتلو شن، إشارات إيجابية بخصوص هذا الموضوع حين أكد أن أنقرة والقاهرة متفقتان على ضرورة إجراء الانتخابات في ليبيا. واعترف بأن تحسن العلاقات بين القاهرة وأنقرة سيؤدي لتقوية الحوار حول ليبيا. وأوضح السفير التركي، في أول تصريح له منذ تعيينه، أن مصر وتركيا تتحدثان حول كيفية التعامل مع الأزمة في ليبيا للعمل على حلها وضمان استقرار ووحدة ليبيا.

وأعلنت مصر وتركيا في بيان مشترك، رفع العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى السفراء، وترشيح أنقرة صالح موتلو شن سفيراً لها لدى القاهرة، وترشيح مصر عمرو الحمامي سفيراً لها في أنقرة.
وكان وزير الخارجية التركي السابق تشاووش أوغلو زار القاهرة قبل أشهر بينما جاء وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا لإبداء تضامنه بعد الزلازل الهائلة التي وقعت في فبراير الماضي والتي أودت بحياة نحو 50 ألف شخص في تركيا وسورية.

- للاطلاع على العدد 399 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

ومن التفاهمات الحاصلة بين البلدين العمل على خارطة طريق لإجراء الانتخابات في ليبيا وأيضاً العمل على تدريب وتعزيز جيش مشترك بين القوات في شرق وغرب ليبيا. بالموازاة، أعلنت موسكو اتخاذ قرار باستئناف عمليات قنصليتها العامة في بنغازي، في وقت عينت أيدار رشيدوفيتش أغانين سفيراً جديداً لدى ليبيا بعد 9 سنوات من إجلاء بعثة موسكو من البلاد. وبعدها زار فريق فني روسي العاصمة الليبية حتى يرى كيفية الإعداد العملي لمعاودة فتح السفارة في طرابلس.

رسائل إيجابية من روسيا
وقدم السفير الروسي لدى ليبيا الثلاثاء رسائل إيجابية إلى طرابلس حين أوضح في مقابلة مع وكالة تاس الروسية أن القضية الأوكرانية لا تشكل عقبة أمام تنمية علاقات بلاده الكاملة مع ليبيا بما في ذلك في مجال التعاون العسكري الفني. وتابع أغانين أن تكثيف العلاقات مع ليبيا سيبدأ بالتعليم والطب والتجارة وتوريد المحاصيل الزراعية والزيوت، وأنه يمكن لروسيا أن تساعد السلطات الليبية في ملف الهجرة وتهريب المخدرات والنفط من خلال وزارة الداخلية ومكتب النائب العام. وقال «إن روسيا وليبيا تعتزمان تنسيق الجهود فيما يتعلق بالأمور الأمنية ومكافحة الإرهاب».

كما أكد التوافق بين موسكو وطرابلس على تنسيق الجهود الثنائية بين الجانبين فيما يتعلق بالقضايا العالمية الأكثر أهمية، بما في ذلك الأمن الإقليمي والاتجار بالبشر وتجارة الأسلحة ومكافحة الجرائم عبر الحدود وتغيُّر المناخ. وفي لقاء آخر للسفير الروسي لدى ليبيا مع رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح ناقش التحضير للانتخابات، وآفاق التعاون بين موسكو وطرابلس. يأتي ذلك في وقت تتمسك موسكو بالحفاظ على وجودها العسكري في شرق ليبيا، لموازنته بالتواجد التركي والإيطالي، حيث زار مبعوث روسي بنغازي، بعد أربعة أيام من محاولة مرتزقة فاغنر الزحف نحو موسكو، وكان يحمل رسالة تطمين «لن يغادر البلاد أكثر من 2000 من المرتزقة وفني وإداري وعامل سياسي».

وعلى ضوء التطورات الإيجابية، تثار في المقابل طبيعة النتائج المتوقع أن تخرج من رحم السعي للوصول إلى «صفر مشاكل» ومدى استفادة أطراف الأزمة الليبية داخلياً منها، إذ يعتقد مراقبون أن الأزمة في جوهرها، صراع محلي عرف عن «أبطاله الميل إلى تغيير حلفائهم الدوليين متى اقتضت الضرورة». والأبعد من ذلك أن النخب السياسية والعسكرية في ليبيا لا تزال تعمل على الاستفادة من الانقسامات الدولية والاعتماد على قوى خارجية أخرى لهندسة الوضع الراهن، وهو ما يعني تجميد النزاع لا حله بسبب غياب الإرادة. 

ماذا عن الدورالأممي؟
الباحثة فرجيني كلومبيي أرجعت في مقال لها نشر في موقع «أوريان 21» الفرنسي هذا الوضع إلى تخلي بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن دورها كوسيط، حيث تركت الأمر إلى قادة البرلمانات الليبية المتنافسة، ضامنة بذلك إفلاس عملية ما قبل الانتخابات. في حين ظل الدبلوماسيون الغربيون يكررون أنهم «يأملون» بأن تجري الانتخابات كما هو مخطط لها، من دون معرفة كيفية الرد على أولئك الذين كانوا يسألونهم عن «الخطة ب» في حال عدم التوصل إلى اتفاق.

وتقول كلومبيي إنه حتى وإن استمر الجميع في الإصرار على الضرورة الملحة للانتخابات، فإن مصلحة الغرب في الواقع هي الحفاظ على الاستقرار الظاهري الحالي وتعزيزه. ففي نهاية الأمر، لا يزال وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه في أكتوبر 2020 صامداً، والبترول يتدفق ومُنحت شركات كل المنطقة عقودا كبيرة.
وختمت بالتساؤل «لماذا إذن المخاطرة بالإخلال بهذا التوازن الهش الذي يبدو أن الجميع يستفيد منه، إذ تركز الجهود الدبلوماسية الآن على ترسيخ الاتفاقات غير الرسمية بين أطراف النزاع. لم يعد تنظيم انتخابات

تجعل من الممكن إرساء أسس نظام سياسي جديد يعتبره الليبيون شرعياً وتمثيلياً، هو الأهم. لا، فالمهم هو استقرار البلاد والمنطقة بأسرع وقت ممكن. كيف؟ من خلال إبرام صفقة جديدة رسمية أو غير رسمية بين الفاعلين الرئيسيين في النزاع، أولئك الذين تولوا قيادة عصابات المافيا المتعددة، التي تسيطر كل يوم أكثر فأكثر على المؤسسات السياسية والأمنية والاقتصاد المشروع وغير المشروع».

وزيرا خارجية مصر وتركيا في القاهرة مارس 20230. (أرشيفية: الإنترنت)
وزيرا خارجية مصر وتركيا في القاهرة مارس 20230. (أرشيفية: الإنترنت)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«جهاز الردع»: سجن تاجر المخدرات عبدالرحيم الفيتوري المحكوم غيابيًا
«جهاز الردع»: سجن تاجر المخدرات عبدالرحيم الفيتوري المحكوم ...
شاهد في «هذا المساء»: المصرف الخارجي.. خيالات صراع سابق قد تعود
شاهد في «هذا المساء»: المصرف الخارجي.. خيالات صراع سابق قد تعود
إغلاق طريق السراج في طرابلس لاستكمال فتح المسارات
إغلاق طريق السراج في طرابلس لاستكمال فتح المسارات
بيانات «المركزي»: 94.6% من نفقات وزارتي الداخلية والدفاع على الرواتب
بيانات «المركزي»: 94.6% من نفقات وزارتي الداخلية والدفاع على ...
تجهيز منظومة حصر النازحين السودانيين بالجنوب الشرقي
تجهيز منظومة حصر النازحين السودانيين بالجنوب الشرقي
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم