حذر تقرير، نشره موقع «أويل برايس» الأميركي، من حدوث أي اضطراب لإنتاج النفط في ليبيا، وتداعيات ذلك على أسواق النفط العالمية، في خضم ما وصفه بـ«فوضى اقتصادية» نتيجة تضخم أسعار الوقود بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا.

وذكر معد التقرير، الباحث الاقتصادي سيمون واتكنز، أنه «بالنظر إلى الوضع الراهن في الأسواق العالمية، فإن آخر ما ترغب فيه الحكومات الغربية هو تعطل جديد للإنتاج النفطي في ليبيا، وهو ما من شأنه دفع أسعار الطاقة إلى مستويات أعلى».

ولفت التقرير، أمس الإثنين، إلى الأزمة المثارة أخيراً بشأن توزيع الإيرادات النفطية، وتلويح قائد القيادة العامة للجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، بفرض حالة القوة القاهرة إذا لم يجر حل مسألة توزيع العائدات النفطية.

وقال: «المرة الأخيرة التي أصدر فيها حفتر تهديدا مماثلا انهار الإنتاج النفطي، بعد أن سجل 1.2 مليون برميل يوميا، مما أسهم في ارتفاع أسعار النفط على الصعيد العالمي»، مضيفا: «تهديد حفتر يجب أن يؤخذ على محمل الجد من قِبل الفصائل السياسية الرئيسية وأسواق النفط العالمية».

وعلى الرغم من مطالب حفتر المتكررة منذ العام 2020 بالتوصل إلى اتفاق بشأن إدارة الإيرادات النفطية وتوزيعها، فإن أي تقدم لم يحرز منذ وقتها صوب هذا الهدف. لكن الأيام القليلة الماضية شهدت اتفاق الأطراف الليبية على إنشاء لجنة مالية عليا، لبحث إدارة العائدات النفطية وتوزيعها، وهو ما قوبل بترحيب محلي ودولي واسع.

ويرى تقرير الموقع الأميركي أنه من الصعب التنبؤ بما سيحدث في ليبيا خلال الأيام المقبلة. وقال: «يمكن القول إنه بغض النظر عما ستؤول اليه الأمور، فإن النهاية على الأرجح لن تكون سعيدة».

كما تحدث التقرير عن احتمالات مرتفعة أن تشهد ليبيا تعطلا جديدا للإنتاج النفطي على مستوى وطني. وأوضح: «لا يضع المشير حفتر قواته في وضع الاستعداد إلا إذا كان ينوي استخدامها».

عون: ليبيا تحتاج مضاعفة إنتاج الغاز
بالأسماء: أعضاء «اللجنة المالية العليا» ومهامها
(فيديو) حفتر يطالب بتشكيل لجنة عليا لتوزيع الإيرادات بطريقة عادلة بين البلديات|
بن قدارة لــ«بلومبرغ»: ليبيا تهدف إلى زيادة إنتاج النفط بنسبة 8% نهاية ديسمبر المقبل

9.8 مليار دولار خسائر تعطل الإنتاج النفطي في ليبيا
قدّر تقرير «أويل برايس» الخسائر التي تكبدتها ليبيا نتيجة تعطل الإنتاج النفطي خلال الفترة بين يناير إلى سبتمبر من العام 2020 بنحو 9.8 مليار دولار من العائدات النفطية.

وحينها، أعلن نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني، أحمد معيتيق، التوصل إلى اتفاق مبادئ، لإنشاء لجنة من أجل تحديد كيفية توزيع العائدات النفطية على المناطق الليبية في المستقبل، وتنفيذ تدابير لإرساء الاستقرار في الوضع الاقتصادي المتدهور.

ونقل الموقع عن مصدر قانوني في واشنطن، لم يذكر اسمه، ولكن أشار إلى أنه عمل عن قرب مع المجلس الرئاسي، أن «مؤسسة النفط الوطنية كانت تعمل على ترتيبات بنكية بديلة للعائدات النفطية، قد تشمل أو لا تشمل الإفصاح عن مدخلات بشأن توزيع الثروة». لكنه لفت إلى أن هذه التفاصيل لم يجر تنفيذها، وظهرت أفكار بديلة منذ وقتها.

ليبيا تنزلق لمزيد من الفوضى
عوضا عن الاتفاق على توزيع العائدات النفطية، لفت التقرير إلى «انزلاق ليبيا منذ العام 2020 إلى مزيد من الفوضى، نتج عنها تعطيل متكرر للإنتاج النفطي»، مشيرا إلى الإغلاق المتكرر للمنشآت النفطية خلال العام الماضي، والذي شمل حقولا رئيسية ومواني للتصدير.

كان لذلك تأثير ملموس على أسواق الطاقة العالمية، إذ تعد ليبيا موردا رئيسيا للنفط الخفيف العالي الجودة، المطلوب بشكل خاص في حوض البحر المتوسط وشمال غرب أوروبا.

وبشكل عام، خسرت ليبيا ما يقرب من 550 ألف برميل يوميا تقريبا من الإنتاج النفطي خلال موجة الحصار والإغلاق في العام 2022.

ويرى تقرير «أويل برايس» أن أحداث العام الماضي كانت تأطيرا للاضطراب السياسي في البلاد. وقال: «من الناحية النظرية، كان الهدف هو وضع إطار عمل أكثر استقرارا لاتفاق طويل الأجل من النوع الذي ينادي به حفتر منذ العام 2020. لكن من الناحية العملية، أسفر الأمر عن مزيد من الاضطراب الطارد للمستثمرين الأجانب المحتملين».

الاحتياطيات النفطية الهائلة في ليبيا
على صعيد آخر، تطرق تقرير «أويل برايس» إلى الاحتياطيات النفطية الهائلة التي تملكها ليبيا، والتي تقدّر بـ48 مليار برميل من احتياطيات الخام المثبتة، وهي الأعلى في القارة الأفريقية.

هذه الاحتياطيات الهائلة ما يدفع شركات النفط العالمية للحفاظ على موطئ قدم لها في ليبيا، حسب التقرير.

وقد أعلنت مؤسسة النفط الوطنية أخيرا التوصل إلى اتفاق مع شركة «إيني» الإيطالية على استثمار ما قيمته 8 مليارات دولار في إنتاج 850 مليون متر مكعب يوميا من الغاز من حقلين للغاز الطبيعي في البحر المتوسط.

في وقت سابق، أعلن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، فرحات بن قدارة، أن مشروعا جديدا للتنقيب في الحقول البحرية والبرية سيبدأ خلال أشهر قليلة، بمشاركة شركات «إيني» الإيطالية و«بي بي» البريطانية و«توتال» الفرنسية.

وسبق أعلنت «توتال» في العام 2021 مواصلة عملها، لزيادة الإنتاج النفطي في حقول «الواحة والشرارة ومبروك والجفرة» إلى 175 ألف برميل يوميا على الأقل. كما وافقت على تطوير حقلي النفط في امتياز الواحة شمال جيالو و«NC-98».