Atwasat

أميركا وروسيا وفرنسا.. أطراف دولية تنقل الصراع إلى الجنوب الليبي

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الإثنين 10 أبريل 2023, 06:50 مساء
WTV_Frequency

مع محاولة قوى دولية فاعلة تحويل بوصلة حل الأزمة الليبية نحو الجنوب، يرى البعض أن الأزمة أمنية بالدرجة الأولى وليست سياسية.

استمرار تهميش إقليم فزان من قبل الحكومات المتعاقبة طيلة 12 عاماً فتح نافذة على انتقال التنافس الأميركي الروسي والفرنسي في ليبيا إلى هذه المنطقة الحيوية الغنية بموارد الطاقة.

وضمن مساعي شاملة يقودها رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي بالتنسيق مع الولايات المتحدة، التي بدأت بالضغط على دول ليس لها مصالح في ليبيا ولديها مرتزقة، جاءت زيارة باتيلي إلى بلدان مجاورة لليبيا لإخلاء الحركات المسلحة الأجنبية والمقاتلين الأجانب كمرحلة أولى تسبق توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية.

لجنة لضبط مسألتي الهجرة والمرتزقة
يأتي ذلك تزامناً مع تشكيل قوة مشتركة بين قوات القيادة العامة وقوات تابعة لرئاسة الأركان حكومة الوحدة الوطنية الموقتة تكون مهمتها ضبط الشريط الحدودي الممتد مع دول الجوار، إلى جانب حماية الحقول النفطية وضبط الهجرة غير الشرعية ووضع حد للمرتزقة الأفارقة، القضية التي لا تزال تراوح مكانها منذ انتهاء حرب طرابلس في يونيو 2020.

وخلال زيارات رسمية لباتيلي على مدى الأيام الأخيرة إلى السودان وتشاد والنيجر، وسعياً وراء المهمة، كان لافتاً عقد باتيلي اجتماعات مع وزراء دفاع هذه الدول بجانب رؤسائها فكان ملف إخراج المرتزقة وضرورة التنسيق مع ليبيا خلال ترتيبات ترحيلهم، إدراكاً منه أن الأزمة التي تعاني منها البلاد هي أزمة أمنية في المقام الأول وأنه بهدف الوصول إلى الانتخابات يتعين تقوية الأجهزة المكلفة بتأمين الدولة.

وأطلع باتيلي قادة الدول الثلاث على جهود البعثة الأممية لإعادة الاستقرار والسلام إلى البلاد، من خلال العمل على عودة المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة بالتنسيق مع بلدانهم الأصلية، محاولاً إقناعهم بأن تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا «سيسهم في استقرار المنطقة برمته». واجتمع باتيلي منتصف مارس الماضي في تونس مع لجان التواصل من ليبيا والسودان وتشاد والنيجر، والاتحاد الأفريقي، بشأن إطلاق آلية تبادل للبيانات لسحب المقاتلين الأجانب. 

للاطلاع على العدد 385 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

صلاحيات محدودة للحكومات علي المرتزقة
وعكست مواقف تشاد على لسان وزير الأمن العام والهجرة محمد شرف الدين مارقي، شرطاً بضرورة ضمان انسحاب منسق ومتزامن للمقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا، فيما يقلل محللون من نتائج جولة باتيلي الإقليمية كون الدول المعنية لا تسيطر على المسلحين التابع لها الناشطين من جنوب ليبيا، وصلاحيات الحكومات محدودة لإجبارهم على المغادرة ما لم تتكفل قوات الجيش الليبي بهذه المهمة بضغط من حكومة موحدة تبسط نفوذها على كامل أراضي الدولة.

وأكد آخر تقرير لفريق خبراء تابع لمجلس الأمن الدولي في فبراير الماضي، إن الحركات المسلحة الدارفورية الموقعة على السلام ما تزال متواجدة في دولة ليبيا وذكر منها حركات تحرير السودان ــ المجلس الانتقالي وتجمُع قوى تحرير السودان. وذكر الخبراء إن القوة العسكرية لحركة تحرير السودان التي يتزعمها مني أركو مناوي، تعد أكبر جماعة مسلحة دارفورية موقعة على اتفاق السلام متواجدة في ليبيا، حيث تمتلك ما يقارب مئة مركبة، تحت قيادة اللواء فيصل صالح.

وفي هذا السياق، تحدثت مصادر سودانية عن إجراء وفد عسكري يمثل الحكومة السودانية لمشاورات غير رسمية في النيجر مع ثماني فصائل دارفورية مسلحة تقاتل في ليبيا منتصف مارس الماضي تُوجت بالاتفاق على تخصيص منبر تفاوضي جديد تستضيفه الدوحة خلال الفترة المُقبلة. وهي مشاورات تعد امتداداً للقاءات سابقة عقدت بنيامي في أغسطس خلال العام الماضي بحثت خروج المقاتلين السودانيين من ليبيا تحت رعاية فرنسية. وينطبق الأمر أيضاً على تشاد التي حكمت أخيراً بالسجن المؤبد على أعضاء مجموعات مسلحة تقتات من عمليات التهريب والاتجار بالبشر ترفض مغادرة الأراضي الليبية من بينها حركة سياسية عسكرية تنشط انطلاقاً من الجنوب وهي متهمة باغتيال الرئيس إدريس ديبي قبل سنتين.

بحثاً عن الأمن في الجنوب الليبي
ومن شأن الخطوة التمهيدية لتشكيل كتيبة عسكرية موحدة تمثل طرابلس وبرقة وفزان في حال حل الخلافات المتعلقة برئاستها وتسليحها أن تعيد إلى المناطق الجنوبية بعضاً من الهدوء الذي فقدته بفعل الجريمة المنظمة العابرة للحدود. لكن هناك مُعطىً آخر يندرج ضمن لعبة المحاور يصعب تجاهله في الجنوب الليبي، في ظل دور فرنسي وآخر روسي تحاول واشنطن تقويضه مما يصعّد من حدة الاستقطاب ويهدّد سلامة البلاد.

وبالنسبة لفرنسا، فهي تعمل على ترسيخ أقدامها في ليبيا بعد أن فقدت مواقعها في مالي والسودان وتشاد، وبسبب رفض أي وجود لها في الغرب الليبي فإن عينها على مناطق الجنوب الموزعة قرب تشاد والنيجر، خاصة وأن تسريبات فرنسية أشارت إلى اهتمامها بإعادة تأهيل قاعدة الويغ القريبة من حدود تشاد. الأمر الذي يؤكد حقيقة مخاوفها من مجموعة «فاغنر» الروسية التي تتواجد قواتها في مناطق متفرقة شرق ليبيا بعد أن انتزع مرتزقتها من فرنسا السيطرة على دولة مالي، حيث أصبح اليوم لهذه المجموعة تواجد عسكري مكثف وقواعد عسكرية داخل الأراضي المالية، إلى جانب دورهم في جمهورية أفريقيا الوسطى. وتشترك واشنطن مع باريس في هدف تقويض نفوذ روسيا تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وعبر دور ناعم يبرز في خطتها العشرية.

خطة واشنطن للحد من العنف في الجنوب
ومما ركزت عليه ما يسمى بـ«الخطة الإستراتيجية العشرية» التي أعلنت عنها الولايات المتحدة لمنع الصراع في عدة دول وعلى رأسها ليبيا، هو الجهود المحلية للحد من العنف في جنوب البلاد كأساس لجهد طويل الأجل لدعم عمل الشعب الليبي لبناء نظام ديمقراطي ومستقبل مستقر.

- ركزت على الجنوب الليبي.. معهد أميركي يشرح النهج الجديد لـ«الخطة العشرية» 
- الخارجية الأميركية: خطة بايدن المحالة للكونغرس تركز على منع الصراع في ليبيا والحد من العنف بالجنوب
- مساعدة وزير الخارجية الأميركية تثير مع حفتر ملف «فاغنر»
- نورلاند: الحديث عن حكومة جديدة قد يُسبب بلبلة فيما يتعلق بالانتخابات 
- نورلاند: الخطة العشرية تدعم تطلعات الليبيين نحو الاستقرار والمساءلة

وقالت الخارجية الأميركية إن الهدف الأول هو أن تمضي ليبيا قدماً في انتقالها إلى نظام سياسي موحد ومنتخب ديمقراطياً ومستقر يتمتع بمشاركة واسعة من المجتمع الليبي وقبوله، ويمكنه تقديم خدمات عامة مستهدفة بشكل فعال ومنصف وحماية حقوق الإنسان لجميع السكان، مضيفة أن الهدف الثاني هو أن تدمج ليبيا بشكل أفضل الجنوب المهمش تاريخياً في الهياكل الوطنية مما يؤدي إلى توحيد أوسع وتأمين الحدود الجنوبية.

وعبر هذه الخطة يتأكد القلق الأميركي من البصمة العسكرية الروسية في ليبيا بعدما نقلت تلك المخاوف لمسؤولين ليبيين من احتمال لعب روسيا دوراً مفسداً في الانتخابات، إذ علق نائب المجلس الرئاسي عبدالله اللافي خلال زيارته لواشنطن الشهر الماضي هذه المخاوف بالقول: « نلاحظ وجود قوات عسكرية روسية في المنطقة، وهذا يمثل خطراً كبيراً حتى على نجاح الانتخابات.. نحن بحاجة إلى دعم دولي لاتفاق خروج القوات المسلحة الأجنبية الموجودة في ليبيا».

ويمتد هاجس إدارة جو بايدن إلى كيفية منع سيف الإسلام، نجل الرئيس معمر القذافي من المشاركة في أي استحقاق خاصة وأنه يحظى بالدعم في بعض المناطق الجنوبية وبمسقط رأسه سرت، حيث خرج قبل فترة عدد من أعيان أنصار النظام السابق من الجنوب ليعبروا عن نيتهم تشكيل حكومة أخرى. وفي هذا الإطار يرى مراقبون أن تعطيل الانتخابات في نهاية العام 2021 كان خطوة غربية لمنع ترشح سيف القذافي مع ترجيح فوزه على منافسيه في الاقتراع الرئاسي الذي لم يكتمل. ولكسر شوكة حضور تيار «الخضر» (أنصار القذافي) تُعزز واشنطن لقاءاتها مع عدة أطراف ليبية تعتبر دورهم مهماً في إنجاح العملية السياسية، إذ التقى المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند مع رئيس الكونغرس التباوي الليبي عيسى عبد المجيد قبل أسابيع قليلة، حيث ناقشا «أهمية إشراك كل الشعب الليبي في العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة لإرساء مسار للانتخابات والاستقرار».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
بلقاسم حفتر يبحث بناء شراكة مع الاتحاد الأوروبي في مجال الإعمار
بلقاسم حفتر يبحث بناء شراكة مع الاتحاد الأوروبي في مجال الإعمار
حفتر يستقبل باتيلي وخوري بمقر القيادة العامة في الرجمة
حفتر يستقبل باتيلي وخوري بمقر القيادة العامة في الرجمة
شاهد في «وسط الخبر»: الترويكا الليبية.. أوهام الشعارات وحقائق التوازنات!!
شاهد في «وسط الخبر»: الترويكا الليبية.. أوهام الشعارات وحقائق ...
شاهد في «هذا المساء».. ما هي استراتيجية موسكو في الساحل الأفريقي؟
شاهد في «هذا المساء».. ما هي استراتيجية موسكو في الساحل الأفريقي؟
الدبيبة يتسلم رسالة خطية من رئيس الصومال
الدبيبة يتسلم رسالة خطية من رئيس الصومال
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم