بعد نجاحها في التوصل إلى مصالحة بين الفرقاء الفلسطينيين، هل تنجح الجزائر في تحقيق مصالحة مماثلة بين الليبيين؟ السؤال يفرض نفسه على المشهد الليبي، خصوصًا أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عبَّر عن أمله في أن يكون العام المقبل «عام الحل» للأزمة الليبية، خلال استقباله رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الأسبوع الماضي.

وتتزايد وتيرة التساؤلات حول سبل الخروج من «الحلقة المفرغة» للأزمة الليبية، بعد اتفاق 14 فصيلًا فلسطينيًا، برعاية جزائرية، على المصالحة الوطنية، إذ ربط الوزير والدبلوماسي الجزائري الأسبق، عبد العزيز رحابي بين نجاح الجزائر في لم شمل الفصائل الفلسطينية بالملف الليبي، والدور الذي يمكن أن تلعبه بلاده في تحقيق المصالحة بين الفرقاء الليبيين.

آمال جدية لمسار مماثل في ليبيا
ورأى رحابي، في منشور عبر صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك»، مساء الأحد أن توقيع «إعلان الجزائر» المنبثق عن «مؤتمر لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية»، «يفتح آمالًا جديدة لمسار مماثل في ليبيا».

وفي توقيت متزامن لزيارة المنفي إلى الجزائر تلبية لدعوة الرئيس عبد المجيد تبون، كان قصر الأمم بالعاصمة الجزائرية يستضيف اجتماعًا للفصائل الفلسطينية تحت عنوان «لمّ الشمل ورأب الصدع»، وإيجاد مخرج لأزمة الانقسام الحاصل بينها منذ 2007 .

- وزارة الخارجية ترحب بتوقيع الفصائل الفلسطينية على «إعلان الجزائر» 
- بحضور تبون.. الفصائل الفلسطينية توقع «إعلان الجزائر» لتحقيق الوحدة
- تبون: نأمل نهاية «مأساة الليبيين» في العام 2023

والأسبوع الماضي، اتفق الفرقاء الفلسطينيون برعاية جزائرية على اعتماد إنهاء الانقسام وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في أقرب وقت قبل إسقاط بند حكومة الوحدة الوطنية من مسوَّدة «إعلان الجزائر». لكن ما يميّز مضمونها الاتفاق على تشكيل لجنة متابعة لتنفيذ المصالحة بمشاركة فلسطينية وعربية قد تصل بفلسطين إلى توحيد مؤسساتها ومواجهة مخططات الاحتلال الصهيوني.

رسائل الجزائر إلى ليبيا
ويبدو أن السلطة في الجزائر أرادت إيصال رسالة إلى الأطراف الليبية عبر المنفي، من خلال «تحفيزها» على السير على خطى الأطراف الفلسطينية مع ما تحمله من تباين كبير في المواقف، إضافة إلى التأكيد على استعادة زخم العملية الانتخابية بمجيء المبعوث الأممي الجديد عبد الله باتيلي، على الرغم من الاختلاف العربي بين داعم لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وآخرين يصطفون وراء رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا.

اللافت أن خارجية حكومة باشاغا المكلفة من قبل مجلس النواب لم تعلق على «إعلان الجزائر»، في مقابل ترحيب وزارة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الدبيبة بعد مرور ساعات على توقيع الوثيقة، ووصفتها بـ«الإيجابية في طريق الوحدة الوطنية وترسيخ المشروع الوطني لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس».
ومع قرب انعقاد القمة العربية في نوفمبر المقبل، لا يستبعد محللون دورًا جزائريًا لاستطلاع الدعم العربي لتوجهات المجلس الرئاسي القاضية بالتدخل لإعادة الزخم للعملية السياسية والتوصل إلى قاعدة دستورية تقام على أساسها الانتخابات.

اللافي متفائل بقمة نوفمبر
بدوره أكد المجلس الرئاسي تفاؤلًا بقمة نوفمبر، إذ عبر نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، عن قناعته بقدرة الجزائر على التدخل لتقريب وجهات نظر الفرقاء في ليبيا أولًا، وكذلك بين الدول المتدخلة في الشأن الليبي من أجل الوصول إلى تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، في تصريحات إلى وكالة الأنباء الجزائرية.

وفي هذا السياق من المقرر، حسب الخطة المعدة، عقد الملتقى التحضيري لمؤتمر المصالحة الوطنية مع بداية شهر نوفمبر، فيما سيكون مؤتمر المصالحة في نهاية العام، للوصول إلى توافقات وطنية حول ميثاق وطني وتوصيات تأسيسية وتشريعية وتنفيذية تدفع مشروع المصالحة إلى مرحلة متقدمة.

ويتطلع وزير الخارجية السابق والمستشار بالمجلس الرئاسي حاليًا، محمد طاهر سيالة، لأن يلعب الرئيس تبون «دورًا كبيرًا» في تقريب وجهات النظر بين القادة العرب من أجل تحقيق الإجماع العربي، بشأن تسوية الأوضاع في ليبيا، متأسفًا لكون «عديد هذه الدول كان لها تدخل أسهم في تأجيج الأزمة» في بلاده.