في الحقائب والأكياس التي حملتها نساء خرجن من الجيب الأخير لتنظيم «داعش» في شرق سورية، رصاص ومسدسات وسكاكين... وحليب أطفال وملابس... وصلن بها إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سورية الديموقراطية، بعد أن تركن خلفهنّ «متطرفين» يصعب التنبؤ بمصيرهم.
وخرج خلال الأيام الأخيرة آلاف الأشخاص من المحاصرين في البقعة الأخيرة الواقعة تحت سيطرة تنظيم «داعش» في بلدة الباغوز بمحاذاة الحدود العراقية، معظمهم من النساء والأطفال، وبينهم العديد من أفراد عائلات «المتطرفين». في نقطة فرز الخارجين على بعد نحو عشرين كيلومتراً من الباغوز، ينهمك مقاتلون ومقاتلات من قوات سورية الديموقراطية في تفتيش الخارجين.
وتقول نوال كوباني (18 عاماً)، المقاتلة الشقراء صاحبة العينين الخضراوين، «أكثر ما نجده مع النساء كومبيوترات وأدوات إلكترونية»، مضيفة «الرفاق وجدوا أيضاً مسدسات، ورصاصا وسكاكين وخناجر، فضلاً عن قطع نقدية من ذهب». وتخبئ النساء الأسلحة بين عباءاتهن السوداء أو في حقائبهن وبين أغراض أطفالهن القليلة، وفق كوباني التي تضيف «الرجال لا يحملون شيئاً، هذه الأغراض نجدها مع النساء فقط».
«لا صور ولا ذكريات»
ويؤكد المقاتل زكريا الأمر«جلبن معهن طلقات رصاص وسكاكين وتي ان تي... وجدنا هذا فقط مع النساء اللواتي خبأن هذه الأشياء في أغراضهن». وكانت دفعة جديدة من الخارجين وصلت الإثنين عند غروب الشمس في أكثر من أربعين شاحنة شقت طريقها وسط غبار الصحراء إلى منطقة الفرز التي تعمل فيها قوات سورية الديموقراطية على تمييز المدنيين من المشتبه بانتمائهم الى التنظيم المتطرف.
وفي الظلام الحالك، علا صراخ الأطفال، وجلست مجموعة من النساء خضعن للتفتيش على الأرض ينتظرن توزيع مواد غذائية عليهن. بين الجموع، كان طفل غطى شعره الناعم جبينه يتجوّل حاملا حقيبة بيده ويبحث عن والدته «وردة».
في المكان أيضا، امرأة تحضر الحليب لرضيعها، وأخرى تنظر حولها من دون القيام بأي حركة وكأنها في حالة صدمة. وسط الظلام، تفتح عبير محمد (35 عاماً) المتحدرة من ريف حلب حقيبتها الصغيرة، وتُخرج منها علبة بلاستيكية متسخة من الخارج في داخلها القليل من حليب البودرة.
يجلس أطفالها الثلاثة إلى جانبها ولم يتجاوز أصغرهم الثلاث سنوات. وتقول المرأة المنقبة كما جميع النساء من حولها، «لم أخرج معي شيئاً سوى لباس وخرق وحليب للصغير لم يبق لدينا أي شيء أساساً». تغطي عبير وجهها بالكامل بالنقاب، ولا يمكن حتى رؤية عينيها. وتعزو سبب تأخرها بالخروج من آخر جيب للتنظيم إلى «عدم توفر المال اللازم في السابق» للدفع للمهربين.
وعن المدنيين والمقاتلين الباقين في الجيب الأخير، تقول «أكثرهم يريدون الخروج، وآخرون ينتظرون ما ستؤول إليه الأمور». وتقول امرأة أخرى متحدرة من ريف حلب رفضت الكشف عن اسمها «لا صور ولا ذكريات ولا أي شيء، لم نأت سوى باللباس، الوضع سيء جداً في الداخل».
تعليقات